هآرتس – مقال – 6/3/2012 المرحاض الممنوع
بقلم: عكيفا الدار
الادارة المدنية لا تسمح لسكان جبل الخليل حتى ببناء مرحاض. حل الدولتين في مهب الريح.
قبل اسبوعين عُلم هنا عن صراع البطولة لدولة اسرائيل ضد سكان الكهوف في جنوب جبل الخليل، الذين لسوء حظهم يسكنون في المنطقة “ج” التي تحت السيطرة الاسرائيلية. رويت عن مراقبي الادارة المدنية الذين هدموا غرفة من الصاج وحظيرة اغنام في قرية تعلا، وعن أوامر الهدم التي صدرت ضد لاقطات الشمس وطواحين الهواء التي نصبت في المكان بتمويل من الحكومة الالمانية.
بعد يومين من ذلك استدعى اهالي القرية المجاورة، جنبه، محاميهم شلومو لكر. ورووا له بان مراقبي الادارة سلموه أمر هدم للعرائش التي تستخدم مأوى للسكان واغنامهم ولعدد من المراحيض (التي تقع على مساحة ثلاثة امتار مربعة كاملة)، اقيمت بمساعدة تبرعات من الكنيسة الانجليكانية.
رجال الادارة المدنية لم يمنحوا أهالي جنبه حتى ولا سبعة ايام لرفع استئناف، مثلما تعهدت النيابة العامة للدولة في رسالة بعثت بها الى لكر في هذا الموضوع حتى قبل خمس سنوات. واكتفوا بثلاثة ايام، بما فيها الجمعة والسبت. في الادارة المدنية، التي تنفذ سياسة تهويد المنطقة “ج” للحكومة، يقولون، ان المباني اقيمت دون تراخيص بناء. حقيقي ومستقر. ولما كانت هذه المنطقة معرفة بانها “منطقة نار”، فلا يمكن الحصول عليها على رخصة بناء حتى ولا لعش حمام.
الناطق بلسان منسق أعمال الحكومة في المناطق أفاد معقبا بان الفلسطينيين يسيئون استخدام الامر الاحترازي الصادر عن محكمة العدل العليا، والذي حظر تغيير الوضع على الارض. وعلى حد قوله، فان الاوامر صدرت حسب القانون كون المباني اقيمت بدون ترخيص.
حسب الاتفاق مع الفلسطينيين، فان اسرائيل تتحمل ليس فقط المسؤولية عن فرض القانون على الفلسطينيين في المنطقة “ج”، بينهم اولئك الذين سلبت البؤر الاستيطانية اراضيهم (ميغرون، مثلا، تقع على ارض خاصة لجيران فلسطينيين منذ أكثر من عشر سنوات). بل ان اسرائيل يفترض بها أيضا أن تطور البنى التحتية في صالح كل السكان – نحو 300 الف مستوطن يهودي و 150 الف فلسطيني يسكنون في هذه المنطقة.
وها هو مثال عن كيفية تحقيق المساواة عمليا: قبل سنة دفع دافع الضرائب الاسرائيلي من حر ماله من أجل اعادة شق أحد الطرق الملتوية شرقي بيت لحم. وتوقفت الاشغال في بوابة المستوطنة الصغيرة (63 عائلة) معاليه عاموس. القاطع الشرقي من الطريق، المؤدي الى بلدات بدوية، بقي مشوشا مثلما كان، الى أن قررت وكالة المساعدة الامريكية USAID استكمال النقص. وهكذا يساهم دافع الضرائب الامريكي في صيانة الاحتلال والاحتلال في المناطق. وهكذا بقي لاسرائيل المال لتخطيط شبكة سكة حديد على طول الضفة الغربية وعرضها.
بديل خطير
الاسبوع الماضي زار هنا د. هورد سومكا، الذي كان حتى وقت اخير مضى رئيس مكتب USAID الى الشرق الاوسط. وقد عين سومكا مؤخرا مديرا عاما دوليا لحركة “صوت واحد” التي تعمل على جانبي الخط الاخضر لفكرة الدولتين.
في سلسلة لقاءات عقدها سومكا في المناطق تبين له بانه في اوساط الفلسطينيين كثر اليأس من هذه الفكرة وان التأييد لحل الدولة ثنائية القومية آخذ في الاتساع. وعلى حد قوله، فان شخصيات سياسية، اكاديميين ومفكرين فلسطينيين يخوضون الان حملة واسعة النطاق تحت شعار “دولة ديمقراطية واحدة لـ 5 مليون عربي و 6 مليون يهودي”.
وقد اشرك سومكا قلقه من ذلك الوزير دان مريدور وطلب اليه نقل الرسالة الى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
“الزيارة ساعدتني على أن افهم كم هو مهم الان حث حل الدولتين في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية قبل أن يؤدي بنا الواقع الى نقطة اللاعودة”، يقول سومكا. وعلى حد قوله فان فريق “صوت واحد” الذي يعمل في رام الله سيركز جهوده على حملة اعلامية في الضفة الغربية بان اتفاق الدولتين في حدود 67 ونهاية المطالب من الطرفين هو الحل المفضل. الفريق التل أبيبي يشدد الضغط على القيادة السياسية لادارة مفاوضات بجدية وبنية طيبة.
في الاشهر الاخيرة بادرت الحركة الى اقامة لوبي من النواب في الكنيست المؤيدين لفكرة الدولتين. على رأس اللوبي يقف عمير بيرتس من العمل ويوئيل حسون من كديما، والى جانبهما 14 نائبا من كديما، سبعة من ثماني نواب كتلة العمل، ثلاثة نواب من كتلة ميرتس، دوف حنين من حداش، بل وحتى اسحق فكلين ودافيد ازولاي من شاس.
ومن لم يأتِ؟ شيلي يحيموفتش. لاولئك الذين يسألون يحيموفتش لماذا غاب صوتها عن الخطاب السياسي فانها تكرر القول انه “قبل معالجة حدود الدولة يجب الحرص على أن تكون دولة”.
بتعبير آخر، الكفاح في سبيل العدالة الاجتماعية يسبق معركة الصد ضد تصفية ما تبقى من احتمال في أن تعيش اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. كل التوجهات ليحيموفتش بطلب التعقيب ووجهة بالصمت. فقد تخلت عن حقها في ان تشرح لقراء “هآرتس” لماذا قررت رفض المبادرة للانضمام الى اللوبي.
تل هرس، مدير عام “صوت واحد” اسرائيل، وسمر مخلوف، المديرة العامة للحركة في المناطق، بعثا في نهاية الاسبوع برسالة الى الرئيس براك اوباما ونتنياهو عشية لقائهما في واشنطن. وكتبا يقولان انه “برعاية الجمود السياسي، يصعد بديل اصولي، يهودي واسلامي، لحل الدولتين الذي بفضل اهمالكما بدأ يتعفن… طريقنا قد يخطىء من حيث السذاجة، ولكن نقاشا استراتيجيا في مشكلة ايران، في ظل الانصراف عن النزاع في ساحتنا المنزلية، يقترب من الجنون”.