هآرتس – مقال – 29/10/2012 يغرق الاثنان
بقلم: عكيفا الدار
اتضحت الآن بعد التحالف بين الليكود واسرائيل بيتنا الصورة في اسرائيل فلم يعد بيبي نتنياهو يستطيع ان يعرض نفسه وحزبه في معرض الاعتدال والبراغماتية.
ان عزم بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان على تجديد حلفهما القديم بشرى خير لمعسكر السلام، والديمقراطية والمذهب الانساني في اسرائيل. فقد انقضت اللعبة الشفافة عن المحقق الجيد والمحقق السيء. ولن نسمع بعد ذلك: “لا يهم ما يقوله ليبرمان بل المهم ما يفعله نتنياهو”، أو “ماذا تريدون من بيبي المسكين؟ اذا أقال ليبرمان فسيُسقط اسرائيل بيتنا الحكومة”. وقد انتهى التفريق بين “يمين معتدل” و”يمين متطرف”. ومضى الزرزور الى الغراب لأن الاثنين يلائم بعضهما بعضا منذ كانا، منذ ان تلقى بيبي الولد عن أبيه التطرف الرجعي ورضع ايفيت البلشفية السوفييتية.
ان الافتراق بين رئيس الوزراء وبين من كان المدير العام للديوان في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي لم ينبع من اختلاف عقائدي. فقد فضل ليبرمان ان يملك سرية ثعالب على ان يكون ذيل أسود الليكود. وكان “اسرائيل بيتنا” اختصارا للطريق الى قمة حزبه الأم، على مبعدة قصيرة من رئاسة الوزراء. وليبرمان في السياسة لا يحب ان يلعب التنس الزوجي. ففي أول فرصة سيركل بيبي من الملعب وليت ذلك يحدث في أقرب وقت. ومن المرغوب فيه ان يرسل الى البيت معه ايضا دان مريدور وبني بيغن وروبي ريفلين الذين هم آلة تبرج الليكود.
بماذا يتميز نتنياهو عن ليبرمان؟ صحيح، ان انجليزيته أفضل وان اسلوبه أشد تهذيبا. فبيبي يُغلف رفضه بنغمة تطيب للآذان ولا سيما الآذان الاجنبية. وقد أصبحت خطبة بار ايلان التي وعد الفلسطينيين فيها بدولة خاصة بهم واحدة من أساطين سياسته الخارجية والدعائية. وقد نجح في اقناع الجمهور في اسرائيل وكثيرين في العالم بأن مسيرة السلام واقفة بسبب رفض محمود عباس اللقاء معه.
ولم يعد ذلك موجودا لأنه حسبُنا ان ننظر في الفصل السياسي من برنامج اسرائيل بيتنا الحزبي ليتبين لنا ان ليبرمان يؤمن بأن الدولة الفلسطينية هي جزء من مؤامرة لمحو دولة اسرائيل باعتبارها دولة يهودية. وحسبُنا ان نتذكر اقتراحاته ان يستبدل بصيغة الارض مقابل السلام التوجه الجديد وهو السلام مقابل السلام وتبادل السكان، وألقاب الذم التي ألصقها بعباس ودعواته الى تنحيته.
وتعلمون “ان الكلمة كلمة” عند ليبرمان. فأي سبب يدعو الى ان نشك في ان يخون مبادئه بسبب الوحدة مع الليكود؟ لكن اذا كان ليبرمان مخلصا لتصوره العام، فيجب على بيبي ان يستبدل برسالته “المعتدلة” برنامج اسرائيل بيتنا الحزبي. ليعلم الناخب انه لا يوجد نتنياهو القديم الذي قال “اليسار لا يعلم ما معنى ان تكون يهوديا” ونتنياهو الجديد، صاحب خطبة بار ايلان، وليعلم زعماء العالم ان وجه نتنياهو الحقيقي هو وجه ليبرمان. فلم يعد بيبي يستطيع ان يقول لمستشارة المانيا ان خطبة وزير الخارجية لا تعبر عن موقف حزبه.
اذا كانت الوحدة بين نتنياهو وليبرمان لا تُقدم ولا تؤخر فيما يتعلق بالسلام مع الفلسطينيين، فان انشاء حكومة برئاسة هذين الاثنين يتوقع ان يُبعد خطر الحرب في المنطقة. فالصورة المعتدلة التي نجح نتنياهو في عرضها والشراكة مع اهود باراك الذي يعتبر سياسيا متزنا، فتحتا أمام الحكومة الآفلة أبوابا في عواصم العالم. سيصعب على حكومة يكون ليبرمان فيها في واجهة العرض (ربما وزير دفاع) ان تجند تأييد الولايات المتحدة ودول اوروبا لهجوم عسكري على ايران. ان مجنونا فقط يعرض نفسه لخطر حرب اقليمية دون دعم دولي. وبيبي وليبرمان متطرفان لكنهما غير مجنونين.
لا حاجة لأن نخشى اذا من اشتراك نتنياهو وليبرمان أكثر من الخشية من كون كل واحد منهما على حدة. بالعكس، ان هذين الاثنين أقبل للغرق من الواحد. وقد صفت سماء السياسة الاسرائيلية، ويستطيع جمهورنا الأعمى عن الالوان الآن ان يختار بين الاسود والابيض – بين الليكود بيتنا وبين كل واحد من الاحزاب التي تلتزم ألا تتعدى أقدامها باب هذا البيت. أربما أُرسل ليبرمان الى نتنياهو كي يحقق الحلم اللينيني الذي يصبح أفضل كلما أصبح اسوأ؟ أربما أصبح الأكثر شرا من ورائنا؟