هآرتس – مقال – 27/2/2012 خدعة نتنياهو الكبيرة
بقلم: عكيفا الدار
خدع نتنياهو وضلل الشعب الاسرائيلي بقوله انه اقترح على الفلسطينيين معاودة التفاوض بلا شروط سابقة مع عروض سخية لكنهم رفضوا والامر على خلاف ذلك.
جعلت قضية نتان ايشل أمين سر الحكومة تسفي هاوزر والمتحدث (السابق) يوعز هندل وأمين السر العسكري يوحنان لوكر، جعلتهم أبطال مأساة يونانية. وبرغم ان الثلاثة عرفوا بيقين ما الذي ينتظرهم حينما يعلم الزوجان نتنياهو بـ “تسليم” العزيز عليهما، فانهم وضعوا أرواحهم على راحاتهم وأبلغوا المستشار القانوني للحكومة عن افعال رئيس الفريق.
أهذا عمل بطولي؟ متى كان الوفاء بالواجب القانوني والاخلاقي بابلاغ الجهات المخولة عن شبهة مخالفة جنائية في مكتبهم يستحق المدح؟ لأنه أي خيار كان لهم؟ فلولا أنهم اشتكوا من سلوك الموظف العظيم القوة فلربما أصبحوا مشاركين في جناية التحرش بموظفة في الحياة العامة. لكنه في الوقت الذي خلص فيه الأبطال الثلاثة أنفسهم من ورطة في قضية رئيس فريق رئيس الحكومة، شاركوا في قضية أكثر خطورة بأضعاف مضاعفة هي خداع رئيس الحكومة للجمهور ومنتخبيه.
تعاون خدمة الجمهور الكبار على مؤامرة بنيامين نتنياهو ليدفن بصورة نهائية حل الدولتين ويلقي التهمة على الفلسطينيين. ويشارك في هذه الجناية وزراء كبار نظروا في الوثيقة التي وضعها المحامي اسحق مولخو، مبعوث نتنياهو، أمام الفلسطينيين في محادثات عمان. وهم ايضا يعلمون لماذا لم يتأثر المستوطنون وممثلوهم في الكنيست بالتقرير في وسائل الاعلام الذي قال ان مولخو “اقترح تخلياً عن سيادة اسرائيلية في 90 في المائة على الأقل من الضفة الغربية”.
بشرنا نتنياهو في 15 كانون الثاني في لجنة الخارجية والامن في الكنيست بقوله “قدمنا وثيقة تشتمل على 21 نقطة متفقا عليها من الجدار الى الجدار”، وأضاف قائلا – “كل واحد هنا في الغرفة يوافق عليها”. وفي نهاية الاسبوع الماضي بلغتني نسخة من هذه الوثيقة. اجل، لا توجد فيها أية كلمة مختلف فيها بين ممثلي الجمهور اليهودي في اسرائيل، من البيت اليهودي الى ميرتس (فليس في اللجنة نواب عرب). لأنه أي اختلاف يمكن ان تثيره قائمة حانوت بقالة؟ فبدل عرض مواقف الحكومة من قضيتي الحدود والامن كما طُلب بحسب خطة الرباعية، تلقى الفلسطينيون 21 رأس فصل للتباحث فيها منها الحدود والمستوطنات والامن والقدس والمياه والمواقع الأثرية وما أشبه، ولم توجد أية اشارة الى موقف بل ولا إيماءة الى خريطة.
يصر نتنياهو على رفضه اجراء التفاوض على أساس حدود 1967 وتبادل اراض متفق عليه كما يذكر مخطط الرباعية واعلان الرئيس براك اوباما. وعلى حسب توجيهه رفض مولخو استعمال مصطلح “اراض محتلة”، زاعما ان الضفة الغربية وشرقي القدس هما “اراض مختلف فيها”. وتحدث عن “الكتل الاستيطانية” من غير ان يفصل سعتها ولم يقترح مقابل ذلك تعويضا بمناطق داخل الخط الاخضر. والشأن الوحيد في قائمة الـ 21 الذي عرض فيه نتنياهو موقفه كان “الاعتراف باسرائيل على أنها دولة الشعب اليهودي”. ويعلم رئيس الحكومة جيدا ان موافقة الفلسطينيين على التباحث في وثيقة تشتمل على هذا السطر تشبه قبول برنامج عمل يشمل التباحث في الغاء حق جميع اللاجئين في العودة.
في ذلك النقاش في الكنيست الذي تحدث فيه نتنياهو عن “الوثيقة” زعم أنه مستعد للعودة الى التفاوض في كل وقت من غير شروط سابقة وأن “الفلسطينيين رفضوا التفاوض مدة ثلاث سنين”. ان وثيقة الـ 21 نقطة هي نسخة جديدة من “باراك أعطاهم كل شيء ورد الفلسطينيون بعنف”، و”شارون أعطاهم غزة وردوا على ذلك بصواريخ القسام”، و”اولمرت عرض عليهم القدس وأبو مازن هرب”. ها هو ذا أمامكم أيها المواطنون الأعزاء برهان آخر على ان المشكلة هي رفض الفلسطينيين الاعتراف باسرائيل على أنها دولة الشعب اليهودي لا الاحتلال ومظالمه. وطلب تجميد الاستيطان هو “شرط سابق” غير شرعي بصورة سافرة في حين ان توسيع المستوطنات علامة واضحة على المصالحة.
والشيء الأساسي هو انه حينما تفضي الاضطرابات التي نشبت الآن في جبل الهيكل الى انتفاضة ثالثة ويسيطر الجهاد الاسلامي على الضفة نستطيع ان نقول في تنهد: “ماذا نفعل، ليس لنا شركاء” وأن نتظاهر معترضين على سعر الشوكولاتة. بل ان نتنياهو أعطاهم ورقة فيها 21 نقطة وفضلوا العودة الى طريق الارهاب. أين كان أبطالنا الثلاثة حينما ضللنا رئيسهم وهو سياسي يميني تنكر بزي سياسي متزن، طول الطريق الى الهاوية؟.