هآرتس – مقال -18/10/2012 مستوطنات تحت رداء الانتخابات
بقلم: درور أتاكس
يستغل المستوطنون على الدوام كل حدث سياسي أو عسكري لتوسيع استيلائهم على اراض في الضفة الغربية وهذا ما سيحدث في الاشهر التالية قبل الانتخابات الاسرائيلية حيث تكون الأنظار متجهة الى هذه المعركة.
الآن بعد ان تقرر موعد للانتخابات، من المؤكد أن وسائل الاعلام المحلية والعالمية ستشتغل بالتحليلات والتأملات عن استعداد الاحزاب وعن الخريطة السياسية في اليوم الذي يلي الانتخابات. وفيما يتعلق بقضية واحدة تتصل بهذه الفترة لا حاجة الى الاجتهاد والتفكير: فالمستوطنون سيستغلون هذا الزمن للتوسع. فبحسب تجربة الماضي، في فترات المعارك الانتخابية والعمليات العسكرية والاعمال التفجيرية الشديدة في داخل اسرائيل كانت الجرافات تعمل في المناطق بقوة أكبر.
لماذا في هذه الفترات خصوصا؟ ان منطق ذلك بسيط: في الوقت الذي يكون الانتباه المحلي والعالمي مصروفا فيه الى شأن مركزي بارز، يكون إحداث حقائق على الارض بسرعة وهدوء أسهل. وتُستعمل هذه الحقائق الجديدة بعد ذلك خشبات قفز للاستيلاء على اراض في السنين التالية لا يعلم أحد أي “عقوبات” وأي “تجميد” سيصاحبها.
على سبيل المثال استغل المستوطنون الفترة التي بدأت عشية الانتخابات في شباط 2001 (التي هزم فيها اريئيل شارون اهود باراك) لانشاء 15 بؤرة استيطانية كان جزء منها على الأقل قد تم اخلاؤه قبل ذلك بسنة ونصف في اطار “اتفاق البؤر الاستيطانية” المُريب الذي وقع عليه باراك مع مجلس “يشع” (في تشرين الاول 1999).
واذا كنا نتناول البؤر الاستيطانية فيحسن ان نتذكر ان نصف البؤر الاستيطانية قد أُنشئت في أواخر تسعينيات القرن الماضي وهي فترة كانت فيها العمليات الانتحارية للفلسطينيين في شوارع اسرائيل أمرا معتادا. وأُنشيء كثير من البؤر الاستيطانية الباقية في السنين 2001 – 2003 وهي أكثر سني الانتفاضة الثانية عنفا ودموية. وفي هذه الفترات شجعت حكومة نتنياهو الاولى وحكومة شارون الاولى في واقع الامر استيلاء المستوطنين على مساحات واسعة في الضفة عقابا جماعيا على العمليات التفجيرية الشديدة التي بادرت اليها منظمات فلسطينية.
وبقي الاعلام المحلي من جهته في أكثره يستعرض فقط تقريبا الكلفة الدموية العالية التي دفعها المجتمع الاسرائيلي وتجاهل التطورات السريعة على الارض. وهذا هو السياق السياسي الذي أُنشئت فيه البؤر الاستيطانية جفعات الأولبانه وميغرون وجفعات آساف وعمونة التي هي اليوم في مركز ازمة قضائية – دستورية. وهذه الازمة نتيجة مباشرة لهذه السياسة.
في خلال الاسابيع التي تمت فيها ايضا أكثف عملية قتل نفذتها اسرائيل في السنين الاخيرة في سكان غزة والتي سُميت “الرصاص المصبوب”، لم يقعد المستوطنون بلا عمل: فقد استُغلت تلك الاسابيع التي سُلطت فيها مصابيح وسائل الاعلام العالمية على الـ 367 الكيلومتر البائسة من قطاع غزة، استُغلت لتمهيد طرق وصول عدة الى نقاط أراد المستوطنون الوصول اليها.
ينضم نتنياهو الذي هو أكثر اعتمادا في هذه الانتخابات على الناخب القومي – المتدين البارز، ينضم الى ميل وسائل الاعلام الى اخفاء الواقع “غير الطيب” في الضفة، عن الاسرائيليين. وينبغي ان نضيف الى ذلك مصلحته الواضحة ومصلحة حزبه، في ان يُرضي المستوطنين في الاشهر القريبة لمنع احزاب اليمين الفئوية من اقتطاع نواب من الليكود.
كل هذا يعني ان اشهر المعركة الانتخابية قد تكون أشهرا مدمرة بصورة خاصة لمساحات من المناظر الطبيعية القديمة في الضفة التي نجت الى الآن على نحو ما بسبب الدافع الاسرائيلي الى تسوير كل قطعة ارض عذراء بالاسمنت المسلح. قد تكون الاشهر التالية سيئة بصورة خاصة على بضع عشرات وربما مئات من العائلات الفلسطينية التي ستصادر أملاكها من اجل “مشروع الاستيطان” الفخم الذي تُديره اسرائيل منذ أكثر من اربعين سنة.
ويبدو أنه ليس من الداحض ان نُقدر ان تكون الاشهر التالية صعبة على شظايا الأمل التي ما زالت قلة أخذت تتضاءل من الفلسطينيين والاسرائيليين الذين يعيشون هنا، يحملونها معهم وهو أمل ان يأتي يوم يوجد فيه في هذه البلاد واقع سياسي قويم يخدم كل البشر الذين ولدوا أو اختاروا العيش فيها.