هآرتس – مقال -18/10/2012 تمرد العُقداء 2
بقلم: آري شبيط
يجب على مراقب الدولة السابق وعلى المستشار القانوني للحكومة الحالي ان يُبينا ويبرهنا على أنهما لم يخفيا عن الجمهور وعن الشرطة وثائق تدمغ القيادة العليا في الجيش الاسرائيلي.
في آب 2010 نشرت هنا مقالة زعمت انه حدث في الجيش الاسرائيلي تمرد عُقداء. ولم يكن من المقبول في تلك الفترة انتقاد الجيش. فقد كان رئيس هيئة الاركان ذا شعبية كبيرة وكان متحدثه محنكا جدا وكان التفويض الاعلامي والعام الذي تمتعت به قيادة الجيش العليا غير محدود تقريبا.
تجرأت صحفية شجاعة واحدة فقط وثلاثة صحفيين آخرين أو اربعة على ان يسألوا بصوت عال هل دبر ضباط في الكرياه مؤامرة على ضباط آخرين وعلى الحكومة التي يخضعون لسلطتها. لكن في السنتين اللتين مرتا أُدلي بشهادات كثيرة في عدد من غرف التحقيق. وقامت الشرطة (ولم تقم) بعملها وقام مراقب الدولة (ولم يقم) بعمله وبدأت تهب رياح جديدة.
تبين مرة اخرى انه لا يمكن تضليل كل الناس، طوال الوقت. وتبين مرة اخرى انه برغم جميع الجهود لدفن الجثث فقد انبعثت رائحتها الكريهة. وعلى ذلك اذا نشر وحينما ينشر مراقب الدولة السابق آخر الامر التقرير الذي يدأب عليه في تمهل لم يسبق له مثيل، ستكون الصورة التي سيكشف عنها هي نفس الصورة تقريبا التي كُتب عنها هنا قبل 26 شهرا.
كان الجنرال فوق الجميع، سيقول المراقب، لكن كان في الجيش الاسرائيلي عقيد متمرد واحد (جمع مواد مُدينة)، وكان في الجيش الاسرائيلي عقيد متمرد آخر (استهلك مواد مُدينة)، وهذان الاثنان هما اللذان ضعضعا العلاقات بين المستوى العسكري والمستوى السياسي لدولة اسرائيل.
اذا كان الامر كذلك فهو ممتاز. فمن الجيد ان نعلم ان القيادة العليا لم تشترك في تلك الزلة. ومن الجيد ان نعلم ان القيادة العليا لم ترَ شيئا ولم تسمع شيئا ولم تفهم شيئا وانه لم تكن مؤامرة. وسيكون من الممكن الاكتفاء لذلك بأن يقضي العقيد الواحد عقوبته الشديدة في مكان وان يقضي العقيد الثاني عقوبته الشديدة في مكان آخر – ويأتي الخلاص الى صهيون. ان الاجراءات الجنائية التي ستخوزق ضابطين غير رفيعي الرتبة جدا ستُطهر الكرياه وتُنقي الجيش الاسرائيلي وتضع حدا لقضية زعزعت الدولة مدة سنتين.
لكن اذا لم يكن الامر كذلك فهو سيء جدا، بل هو سيء جدا جدا. ماذا سيكون مصير مراقب الدولة التارك والمستشار القانوني العامل اذا تبين في المستقبل ان واحدا من العقيدين على الأقل قد نطق بما لديه في واحد من أجسام التحقيق؟ وماذا سيكون مصير الشخص الشجاع ميخا لندنشتراوس والشخص المستقيم يهودا فنشتاين اذا تبين بعد سنين ان واحدا من العقيدين على الأقل نقل الى سلطات الدولة شهادات يقف لها شعر الرأس؟ هل يكون ممكنا ان يُسوغ بطريقة ما كتم هذه الشهادات؟ وهل سيكون ممكنا الاحتجاج لاخفائها عن الجمهور؟ وأي معنى سيكون لأي مسار رقابة في المستقبل ولأي اجراء جنائي في المستقبل لدولة اسرائيل، اذا تبين انه في قضية مصيرية جدا اقترح شاهد مركزي جدا شهادته على سلطة القانون ورُفضت؟.
الاشاعات هي اشاعات عنيدة. هل تملك مؤسسات رسمية دعاوى ضابط ذي معرفة كبيرة يزعم انه تمت في القيادة العليا للجيش اعمال شديدة القُبح؟ وهل الصورة التي يُبينها كلام الضابط هي صورة مؤامرة؟ قد لا يكون للاشاعات أساس. وقد لا يكون الضابط قال الحقيقة حتى وإن تحدث. ومن الجهة الاخرى قد يكون الضابط فعل فعلا شجاعا جدا يرمي الى تنظيف الاسطبلات آخر الامر.
لا يمكن ألا يُفحص في دولة سليمة عن دعاوى من هذا النوع وألا تُفحص حتى الأساس. وكما لا يمكن ان يخفي رئيس هيئة الاركان عن الشرطة وثيقة تبحث عنها، لا يمكن ان يخفي مراقب الدولة والمستشار القانوني للحكومة عن الجمهور معلومات ذات أهمية حاسمة. يجب على ميخائيل لندنشتراوس ويوسف شبيرا ويهودا فنشتاين ان يفعلوا فعلا. واذا زلوا هذه المرة فسيتحملون مسؤولية شخصية عن ان تصبح اسرائيل بصورة نهائية دولة قيمها هي قيم العالم الثالث.