هآرتس – مقال – 17/10/2012 قضية الطائرة بلا طيار: هذا تقصير في الحقيقة
بقلم: رؤوبين بدهتسور
كانت قضية الطائرة بلا طيار التي دخلت الى اسرائيل قبل اسبوع ونصف تقصيرا وفشلا من الجيش الاسرائيلي وسلاح الجو فكيف يُثنون عليهما؟!.
حينما نبدأ مدح الاخفاقات، فهناك مكان للقلق. وهذا ما حدث بالضبط قبل اسبوع ونصف. فقد هنأ وزير الدفاع اهود باراك رئيس هيئة الاركان وقائد سلاح الجو بـ “العملية الحادة الناجعة التي تم في اثنائها اعتراض وتدمير الطائرة بلا طيار في المنطقة جنوبي الخليل”. وانضم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ايضا الى التهنئة وامتدح اعتراض وسيلة الطيران ايضا. كان في هذه القضية كل شيء ما عدا “عملية حادة وناجعة”. فبحسب كل مقياس مهني يُعد دخول الطائرة بلا طيار الى داخل اسرائيل بعد ان طارت أكثر من ساعتين كما يبدو فوق البحر، وطيرانها في عرض الدولة نحوا من نصف ساعة اخرى، فشلا محرجا للجيش الاسرائيلي.
تعلمون ان الطائرة بلا طيار قطعت طريقها فوق البحر، من لبنان الى مقابل قطاع غزة. وفي اثناء طيرانها الطويل بموازاة الساحل لم تكشف عنها أية وسيلة من وسائل الكشف التي “تنظر” الى الغرب. فاذا لم يكن هنا اهمال ممن كان يشغل منظومة الكشف، ولم يكن متيقظا لما يجري في عرض البحر، فذلك يشير الى “ثقوب” في غطاء رادار الجيش الاسرائيلي في المنطقة الغربية. هذا الى ان الطائرة بلا طيار قد مرت في خلال طيرانها فوق قطع بحرية لسلاح البحرية من غير ان يشاهدها أحد. وطارت ايضا في منطقة طوافات التنقيب عن الغاز (لفيتان)، ويجب ان ينتبه الى هذا من يفترض ان يدافعوا في المستقبل عن منشآت استخراج الغاز. ان من أرسلها كان يستطيع بسهولة كبيرة ان يشحنها بمادة متفجرة ويفجرها فوق واحدة من الطوافات.
تم الكشف عن الطائرة بلا طيار كما تقول جهات الجيش الاسرائيلي الرسمية قُبيل قطع الشاطيء في منطقة قطاع غزة فقط وآنذاك أُطلقت نحوها الطائرات الحربية. فيجب على أحد ما في الجيش الاسرائيلي ان يُبين لماذا كان الكشف متأخرا الى هذا الحد. لأنه لو كانت الطائرة محملة بمواد متفجرة لاستطاع مستعملوها ان يوجهوها نحو مركز مدينة عسقلان أو الى محطة توليد الطاقة قربها أو الى ميناء أسدود، وفي هذه الحال كان سيحدث تفجير من غير ان يكون انذار مسبق بذلك.
ولا يقل عن ذلك تحييرا واغضابا واقلاقا وصف نشاط سلاح الجو بعد ان تم الكشف عن الطائرة. فقد ورد في اعلان متحدث الجيش الاسرائيلي ان الطائرات الحربية صاحبت الطائرة بلا طيار في طيرانها نحو الشرق مدة نصف ساعة، قبل ان تطلق عليها صاروخين أصابها أحدهما. اذا كان هذا ما حدث فانه يصعب ان نفهم التقديرات التي وجهت اولئك الذين أداروا الاعتراض.
لم يكن من الممكن ان يُعلم بيقين ان الطائرة غير محملة بمواد متفجرة وأنها بمنزلة قنبلة طائرة. وفي هذه الحال هناك احتمال لأن تسقط فجأة وتنفجر على هدف خُطط له مسبقا مثل قاعدة سلاح الجو التي طارت فوقها. وليس واضحا لماذا تقررت المخاطرة وعدم اسقاطها فورا مع الكشف عنها.
حتى لو ظنوا أنها تحمل آلة تصوير لا مواد متفجرة – ويصعب جدا على طياري الطائرات الحربية بالنظر الى الطائرة بلا طيار في اثناء طيرانها، ان يُصادقوا أو ينفوا هذا التخمين – فليس واضحا لماذا مكّنوها من الاستمرار في الطيران ومكّنوها بذلك من تصوير أهداف وغايات في قلب الدولة. وليس التفسير القائل “لتقديرات عملياتية وتقديرات حماية بلدات تقرر اعتراضها” بعد نصف ساعة فقط، ليس مقنعا.
ان ما يفترض ان يكون أكثر اقلاقا من كل شيء في قضية الطائرة بلا طيار هو عرض الفشل على انه نجاح لأنه حينما نمدح الجيش الاسرائيلي وسلاح الجو بأداء ممتاز فمن الواضح انه لا حاجة الى التحقيق وطرح اسئلة واستخلاص دروس.