هآرتس – مقال – 15/10/2012 قطيعة لانقاذ اسرائيل
بقلم: يفعات سوليل
اعلام منتوجات المستوطنات على يد اسرائيل نفسها هو لمصلحتها لأن العالم بذلك يُحدث تفريقا بين اسرائيل والمستوطنات وإلا فستشمل القطيعة اسرائيل كلها.
شاركت في تشرين الثاني الماضي في مؤتمر حركة السلام الفرنسية. وكان أحد المواضيع المطروحة في برنامج العمل كما في حركات سلام اخرى في العالم القطيعة مع اسرائيل. في حركات كثيرة تهتم بحقوق الانسان والسلام تُرى القطيعة اليوم مع الدولة كلها (لا مع المستوطنات فقط) هي الخطوة الوحيدة التي قد تنقض عُرى سياسة معارضة حكومة اسرائيل لكل تسوية سياسية. ويقوم هذا الافتراض على التجربة في جنوب افريقية حيث أفضت القطيعة المطلقة لأكثر العالم هناك الى انهيار سلطة التمييز العنصري. ودعوت المشاركين الى العمل على وضع علامات على منتوجات المستوطنات في الحوانيت في دولهم لا الى القطيعة مع الدولة كلها.
تتجاهل حكومة اسرائيل الدعوات الى القطيعة مع الدولة كلها، وليست لها في هذه الاثناء حقا اسباب كثيرة تدعو الى القلق. فبخلاف ما يحاولون اقناعنا به، ليس العالم ضدنا بل ان اسرائيل تحظى بمعاملة متسامحة لا تحظى بها دول اخرى حينما تستعمل سياسة مُضرة. وما تزال القرارات على القطيعة في الهامش وإن تكن مطالب توسيعها قد أخذت تشيع في الحلقات الأكثر اجلالا في الجامعات وفي المنظمات المدنية. ويصعب ان نتنبأ متى سيحصل طلب القطيعة العامة على قدر كاف من عطف الرأي العام، لكن هذا سيحل وسيفضي الى اضرار شديد بتجارة اسرائيل مع العالم.
تُصر اسرائيل على المستوطنات اصرارا يعرض وجودها المادي والاخلاقي والاقتصادي للخطر. في شباط 2010 قضت المحكمة الاوروبية أن منتوجات المستوطنات غير مشمولة في اتفاق التجارة الحرة بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي، وعلى ذلك فانها غير معفاة من الضرائب الجمركية كالسلع التي تأتي من اسرائيل وفلسطين. ان حكومة اسرائيل تؤدي الى المستوطنين الضريبة التي يُطلب اليهم دفعها عن التصدير الى اوروبا. وقد خُصص الى كل الافضالات الاخرى أكثر من 10 ملايين شيكل من ميزانية 2010 لهذا الغرض هي بالطبع من جيب دافع الضرائب الاسرائيلي.
تحاول اسرائيل التهرب من تعريف واضح لمنتوجات المستوطنات المصدرة الى اوروبا، وهي تجري منذ سنين مباحثات بغرض التسويف ومنع تعليم المنتوجات في الحوانيت. وسبب التلكؤ الاسرائيلي ان أعد الاتحاد الاوروبي في شهر آب بنفسه قائمة بلدات ستُعد مستوطنات. وتشتمل القائمة على موديعين لأن جزءا منها يقع فيما عُرِّف بأنه منطقة مشاع بعد حرب الاستقلال. وهذا مثال واحد فقط على أنه كيف يُضر اصرار الحكومة على عدم تحديد المستوطنات بنفسها إضرارا مباشرا بالمواطنين الذين يعيشون في داخل حدود الدولة.
أوصت حكومة بريطانيا المصالح في 2009 باعلام منتوجات المستوطنات وانضمت اليها في السنة الاخيرة جنوب افريقية والدانمارك. وبدأت اتحادات تجارية ذات وعي استهلاكي ايضا تُعلم منتوجات المستوطنات والمشهور منها هو اتحاد “ميغروس” – وهو شبكة البيع المفرق الكبرى في سويسرا. ويوشك ان يُتخذ الآن قرار اوروبي عام يلزم اعلاما واضحا للمنتوجات في الحوانيت لا مع سلطات الجمارك فقط.
بخلاف ما تحاول حكومة اسرائيل ان تقوله للجمهور فان السياسة الاوروبية هي عكس معاداة السامية. ان اعلام منتوجات المستوطنات هو طريقة العالم لاحداث تفريق بين اسرائيل والمستوطنات وتمكين المستهلكين من التعبير عن اشمئزازهم من سياسة اسرائيل من غير مس بالدولة ومواطنيها لأن العالم ليس ضدنا، لكن الجمهور في أنحاء العالم يعارض بيقين سياسة الرفض الاسرائيلية واستمرار الاحتلال. واعلام منتوجات المستوطنات هو طريق العالم الغربي الى حمايتنا من قطيعة مطلقة مع اسرائيل والاسرائيليين. لكن لا يقين بأن قطيعة كهذه سيمنعها اعلام منتوجات المستوطنات، لكن من المؤكد ان المسألة هي مسألة وقت، من غير هذه الخطوة.