ترجمات عبرية

هآرتس – مقال – 1/3/2012 نحو المواجهة التالية


بقلم:
آفي يسسخروف

     نكوص القيادة الاسرائيلية والقيادة الفلسطينية عن حل الصراع يُقرب الانتفاضة الثالثة لأن الارض الفلسطينية في استعداد الآن للثورة والعنف.

       وُجدت في حلقات الليكود واليمين في نهاية الامر الصيغة المخلصة للصراع الاسرائيلي الفلسطيني. فلا تقُل منذ الآن فصاعدا “حل الصراع” بل قُل ادارته. والتفسيرات كثيرة وتبدو واقعية ايضا: فالانقسام بين فتح وحماس، والفرق الكبير بين حكومة اسرائيل والسلطة الفلسطينية في الموضوعات الجوهرية والتعليل الأكثر ذكرا من غيره وهو أنه لا يوجد شريك في الطرف الثاني.

          كل ذلك لا يُمكّن في ظاهر الامر من حل الصراع والتوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، ولهذا ينبغي حصر العناية في الحفاظ على الوضع الراهن؛ بالاستمرار في تعزيز الاقتصاد الفلسطيني، والتخفيف عن السكان والتفضل على السلطة بازالة الحواجز (لا باطلاق سراح أسرى اعتقلوا قبل اتفاقات اوسلو، والعياذ بالله، سنحتفظ بهم من اجل اختطاف الجندي القادم) وغير ذلك.

          في الاثناء أعد وزير النقل العام يسرائيل كاتس خطة لانشاء سكة حديدية ستخدم الضفة الغربية (الانتخابات التمهيدية في الليكود على الأبواب)، ويفكر نفتالي بانيت، المدير العام لمجلس “يشع” السابق بخطة سياسية مؤقتة تحت عنوان “خطة التهدئة – مخطط عملي لادارة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني”. وتبدو فكرة بانيت منطقية لأنه مع عدم امكانية حل الصراع أو ضم الضفة كما هي، فانه يجب على اسرائيل ان تضم من طرف واحد المنطقة (ج) وان تمنح الـ 55 ألف فلسطيني الذين يسكنون في هذه المنطقة جنسية اسرائيلية كاملة.

          ان المشكلة في فكرة بانيت وكاتس وسائر مؤيدي “ادارة الصراع” هي أنهم يرقصون رقصة التانغو وحدهم لأنه لا يوجد فلسطينيون في هذا الشأن. ويفترض ان يقبلوا في استسلام وحب ضم نحو من 60 في المائة من اراضي الضفة وان يكتفوا بالتنقل من مكان الى مكان في الضفة بغير حواجز وجنود.

          المشكلة الحقيقية هي أنه منذ ان استقر الوضع الامني في الضفة والجمهور الاسرائيلي ومعه وسائل الاعلام يتجاهلان القضية الفلسطينية ويحصران العناية في “أخبار مسلية” من المناطق مثل: مسرح جديد أو لعبة كرة قدم أو سباق سيارات بل افتتاح فرع لـ “كانتاكي” في رام الله. ولا كلام على حل الصراع ولا على من يكون الحل معه، ولهذا، مع افتراض ان يتم الحفاظ على الهدوء، ينبغي الحفاظ على الوضع الحالي وتشجيعه.

          بيد أنه يلوح في الاسابيع الاخيرة بدء تحول سلبي في الوضع الامني في الضفة. فالجمهور الفلسطيني الذي احتفظ بعدم اكتراث مدة اربع سنين ونصف (منذ حزيران 2007، الانقلاب في غزة) يُظهر علامات غليان أولى. فقد نجح اضراب عضو الجهاد الاسلامي خضر عدنان عن الطعام في اخراج مئات الى الشوارع، وأدى اعلان من منظمة يمينية في الشبكة العنكبوتية يتعلق بجبل الهيكل (الحرم) الى شد اضطرابات هناك في السنين الاخيرة.

          كذلك فان افتراض ان الاقتصاد الفلسطيني المتحسن سيكون مانعا من انتفاضة ثالثة لم يعد صادقا. فالنمو الذي ميز الضفة في السنين الاخيرة تباطأ وما تزال طبقة ضئيلة فقط من رجال الاعمال وملوك المال تتمتع بـ “السلام الاقتصادي”. ويتوقع ان يقوى هذا التوجه. فكلما تقدمت جهود المصالحة الفلسطينية الداخلية (العالقة الآن بسبب الازمة في حماس) واستمر الجمود السياسي، فسيشتد الغضب وخيبة الأمل. وينبغي ان نتوقع ان إحلال بؤرة استيطانية اخرى أو أعمال عنف من المستوطنين على الفلسطينيين ستزيد في مواد الاشتعال تمهيدا لجولة العنف التالية.

          لا تلوح في الأفق الآن حلول للصراع، وهذا ينبع في الأساس من عدم رغبة الزعماء لدى الطرفين في التوصل الى مصالحات مؤلمة يكون ثمنها كراسيهم، لا بسبب عدم وجود حل كهذا. ان تجاهل القيادتين الحاجة الملحة الى حل الصراع وتبادل الاتهامات بينهما يُهيئان ويُقربان فقط الانتفاضة التالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى