ترجمات عبرية

هآرتس – مقال – 12/3/2012 الشعب يريد بعض الدم

بقلم: اسحق ليئور

قصف اسرائيل لقطاع غزة عمل عدواني أزعر يصدر عن توجه استعماري بغيض يقول انه يجوز لاسرائيل ان تفعل ما شاءت ولا يجوز للفلسطينيين ان يردوا على أفعالها القذرة.

       ان الذين استقرت آراؤهم على قتل الامين العام للجان المقاومة لم يفعلوا ذلك لمنع عملية. أُحبطت العملية بفضل الاغتيال لأن الجيش يكذب زمن صراعات القوة الداخلية، وفي كل ما يتعلق بالحرب يعود الى احتضان الأم من رأي الجمهور الذي يرى ان نواياه طاهرة. هذا هو دوره زمن الحرب الذي يعلنه فقط ونحن نعشقه ونعشق أنفسنا زمن الحرب.

          لكن ذريعة العملية علامة اخرى على عدم وجود معارضة في الداخل أو من الغرب. فلم يعد يوجد من يُخفى عنه حقيقة أن كل “اغتيال” يجلب قذائف صاروخية وبعد ذلك فقط يأتي “القضاء على الارهاب”. ان زعرنة الجيش المتعلقة بقواعد اللعب – نحن نغتال وأنتم تطلقون ونحن نقصف ونقتل – هي المنطق الاسرائيلي: يجوز لنا لأننا أقوياء، ولا حاجة الى تنكر أخلاقي.

          كان ذلك هو حراك التصعيد الذي غُطي عليه بالانتفاضة الثانية بمساعدة وسائل الاعلام كلها من غير شذوذ. بيد أنه آنذاك بعد كل عملية اغتيال، أُغرقنا بصور ضخمة للشخص المغتال و”فجأة” عرفنا بسرعة غوغل جميع أصناف الأعداء الخطيرين الذين كانوا يعرفونهم الى أول أمس في “الشباك” فقط – من حسين عبيات “المغتال الاول” في بيت لحم، الى رائد الكرمي في طولكرم الذي نجح قتله في تأجيج اللهب، مرورا بمذبحة الرد الوحشي في فندق “بارك” ردا على قتل الكرمي، الى احتلال الضفة من جديد (“السور الواقي”).

          دبروا هذا في هيئة القيادة العامة، أعني تصفية الارهاب مع تصفية الاستقلال الفلسطيني الذي في الطريق. وقد مكّن التصعيد من هدم المباني السياسية في المناطق (لأنها قُرنت دائما بمنظمات شبه عسكرية)، الى ان بلغنا الانجاز الأكبر وهو أن أصبحت غزة في أيدي من لا يمكن مفاوضتهم، وأصبحت الضفة في أيدي من لا تجب مفاوضتهم، وهكذا يضمن الاحتلال وجوده الى الأبد.

          أصبح منطق الزعرنة جزءا من اللغة التي لا ضوابط لها. يجوز لنا ان نغتال ولا يحق لكم ان تردوا: وستدفعون عن القليل من دمائنا أو ما يشبه الدماء ليترات كثيرة. وهذا منطق استعماري للغرب فيه الحق في فعل كل شيء، ولا حق لأبناء البلاد، وهذا بالمناسبة هو المنطق في المعركة على ايران وهو أنه لا حق لكم في امتلاك منشآت ذرية أما نحن فلنا الحق.

          ومع ذلك فان الامر فيما يتعلق بالفلسطينيين يتصل ايضا بسلوكنا وبكوننا مجتمعا غير منظم. “تستطيعون ان تجوعوا، والنضال عندنا هو عن مستوى الحياة ونحن ديمقراطية لليهود ولستم بشرا في الحقيقة”. فما العجب من ان قائدة “الشعب يريد عدلا اجتماعيا”، دفني ليف، تسافر الى بريطانيا لتنكر الفصل العنصري. وما العجب من ان رؤساء البلديات في الجنوب يطلبون مزيدا من الدم بدل العدل الاجتماعي. سيُعلن قريبا مرة اخرى اسم الفائز الأكبر وهو الشرطي لطائرة اف 16. وسيُحرق القصر ساكني أكواخ آخرين. من الواضح لماذا أصبح بنيامين نتنياهو نتيجة من نتائج الاستعمار لا سببا له، وهو نتيجة منطق “يجوز لنا لأننا – نحن ولا يجوز لكم لأنكم أقل منا”. من يستطيع ان يطلب “عدلا اجتماعيا” مع منطق كهذا؟.

          ان قصف القطاع على أثر صواريخ غراد وقذائف الرجم على أثر عملية الاغتيال مشهد مع الكثير من الجنازات الفلسطينية وشعور بالاخضاع يسبب الادمان، لكن الذي استقر رأيه على الاغتيال عرف أنه يلغي في الجنوب لحن النهاية لعيد مساخر طويل. فقد احتفل الجنوبيون احتفالا كافيا ولا يهم ما الذي جرى عليهم بالضبط بعد الاغتيال. فعبارة “لا يهم ماذا سيحدث لهم” لا تقف عند الخط الاخضر ولا في الجنوب. يُحتاج الى تصميم كهذا استعدادا لقصف ايران ويسمونه بلادة حس الحكام أو مجتمعا بلا معارضة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى