هآرتس – مقال – 11/11/2012 خطوة مخططة من حماس أم إنجرار وراء الفصائل
بقلم: عاموس هرئيل وآفي يسسخروف
اذا لم تجدي المساعي استئناف التهدئة فان التغيير في الفترة الاخيرة من شأنه ان يؤدي لاحقا الى صدام اوسع في نهايته حملة برية للجيش الاسرائيلي في القطاع، عشية الانتخابات للكنيست.
أصيب أربعة جنود من الجيش الاسرائيلي أمس، اثنان منهم بجراح خطيرة، بنار صاروخ مضاد للدبابات على سيارة دورية عسكرية قرب الجدار الحدودي على مقربة من مدينة غزة. وبنار الرد من الجيش الاسرائيلي قتل أربعة فلسطينيين واصيب ما لا يقل عن 35. وفور ذلك سقط 28 صاروخا في غلاف غزة. واعترضت منظومة قبة حديدية صاروخ جراد اطلق نحو اسدود وسقط صاروخان آخران في مناطق مفتوحة قبل اسدود وعسقلان.
استئناف نار الصواريخ الكثيفة نحو الاراضي الاسرائيلية قد يتسبب بمواجهة عسكرية أوسع بين الجيش الاسرائيلي وحماس، اذا لم يتوقف التدهور. ووقعت الحادثة أمس عند الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر، قرب معبر كارني، حين اطلق صاروخ مضاد للدبابات من منطقة حي الشجاعية في شرقي غزة نحو سيارة جيب “ديفندر” مدرع للجيش الاسرائيلي، وفيه جنود من كتيبة الدورية التابعة للواء جفعاتي كان مسافرا في الجانب الاسرائيلي من الجدار، على مسافة نحو مائة متر شرقه. واصيب جراء اصابة الصاروخ لسيارة الجيب، غير المدرع ضد النار المضادة للدبابات، أربعة جنود. اثنان منهم، واحد اصيب في رأسه ورفيقه في رأسه وجسده، نقلا في وضع خطير بمروحية سلاح الجو الى مستشفى سوروكا في بئر السبع. جنديان آخران، اصيبا بجراح طفيفة، نقلا الى مستشفى بارزيلاي في عسقلان.
وسارع عدد من المنظمات الى تبني المسؤولية عن اطلاق الصاروخ، منها كتائب ابو علي مصطفى، الذراع العسكري للجبهة الشعبية وحماس نفسها. وفي المنظمة أعلنوا بان اصابة سيارة الجيب جاءت ردا على قتل طفل فلسطيني ابن 13 مساء يوم الخميس.
في وسائل الاعلام المتماثلة مع حماس شددوا على الضربة الدقيقة لسيارة الجيب وادعوا بان هذا سلاح جديد تلقته المنظمة. وردا قوات من فرقة قطاع غزة في الجيش الاسرائيلي كانت في المنطقة بالرد حسب خطة اعدت مسبقا، فضربت عدة أهداف لحماس. وجاء الرد بواسطة الدبابات أساسا.
للمرة الثانية في غضون أربع سنوات، يبدو أن الحملة الانتخابية للكنيست ستقف في ظل تصعيد أمني شديد في قطاع غزة. ففي تشرين الثاني 2008، قبل ثلاثة اشهر من الانتخابات الاخيرة، انهار في القطاع وقف النار بين اسرائيل وحماس. وبعد اكثر من شهر ونصف انجرت حكومة اولمرت الى حملة “رصاص مصبوب” تضمنت توغلا بريا كبيرا للجيش الاسرائيلي الى شمالي القطاع، خلافا للخطط المسبقة للشركاء الاساسيين في الائتلاف.
ومن شأن حكومة نتنياهو أن تواجه وضعا مشابها. ومع أن رئيس الوزراء يكثر من الحديث عن الحاجة الى ازالة التهديد النووي الايراني، ولكن احدى الاوراق الاساسية لديه في الانتخابات الحالية تتعلق بالهدوء الامني النسبي الذي يتمتع به مواطنو اسرائيل في سنوات ولايته. ويهتز هذا الانجاز في ضوء ما يبدو الان كتدهور لا تحكم به في غزة. كل حدث يتعرض فيه الجيش الاسرائيلي الى اصابات على حدود قطاع غزة – وبالاساس كل هجوم بالصواريخ على سكان النقب – يدفع الى الامام بحملة عسكرية اسرائيلية، حتى وان لم يكن نتنياهو يرغب في ذلك ومع أنه يعرف بان التوغل البري قد يتعقد.
الجانب الذي يصعب حل لغزه في أحداث الاسابيع الاخيرة يتعلق اساسا بسلوك حماس. فمنذ “رصاص مصبوب” قدروا في اسرائيل بان المنظمة تسعى الى الامتناع عن مواجهة مباشرة مع الجيش الاسرائيلي وانه في كل مكان يتعين عليها أن تختار بين الحاجة الى اظهار المقاومة المسلحة لاسرائيل وبين الحفاظ على سيطرتها في القطاع، ستفضل الخيار الثاني. وفي الاشهر الاخيرة طرأ تغيير في سلوك المنظمة. بداية، سجل دور لها في تمويل نشاط لفصائل أكثر تطرفا، شاركت في النار على اسرائيل. وفي وقت لاحق شاركت حماس، علنا، في الهجمات على قوات الجيش الاسرائيلي.
ويتركز الصراع التكتيكي لحماس في ذاك القاطع بعرض بضع مئات أمتار غربي الجدار، داخل الاراضي الفلسطينية. فقد درج الجيش الاسرائيلي على العمل فيه بين الحين والاخر، و سيما لتفكيك ساحات من العبوات الناسفة، فيما تحاول حماس ردعه من اجتياز الجدار. ولكن بعض الحوادث في الاسابيع الاخيرة، والتي تبنتها حماس بصراحة، وقعت بالذات في الجانب الاسرائيلي من الحدود. وهكذا اصيب بجراح شديدة قائد سرية من لواء جفعاتي، النقيب زيف شيلون، بانفجار عبوة ناسفة، واصيب جنود آخرون من اللواء بعبوة.
حادثة ذات مغزى، لم تحظى بالانتباه الكافي وقعت مساء يوم الخميس، عندما اصيب جندي من الجيش الاسرائيلي بجراح طفيفة في انفجار عبوة ناسفة قرب الجدار جنوبي كيسوفيم. ووقع الانفجار بعد بضع ساعات من اجتياز قوة للجيش الاسرائيلي الجدار الى داخل الاراضي الفلسطينية لتفكيك ساحة عبوات. في هذه المرحلة لم يتضح اذا كان الطرف الفلسطيني قدر بان النفق انكشف وعليه فقد اختار تفجيره. وفي الجيش الاسرائيل يعزون حفر النفق لحماس. يبدو أن الانفجار كان محاولة فاشلة لتنفيذ عملية من شأنها أن تحدث قتلا كثيرا في اسرائيل.
ويعكس تواصل الاحداث الاخيرة ما يبدو من الطرف الاسرائيلي كمحاولة مقصودة من حماس لاحداث تصعيد. حتى وقت أخير مضى، فضلت قيادتها كبح جماح الفصائل الاكثر تطرفا وفي الغالب كادت تتجاهل هجمات سلاح الجو التي قتل فيها اعضاء هذه الفصائل عند محاولتهم اطلاق الصواريخ على اسرائيل.
فهل تقود حماس حقا خطوة مخططا لها، فتنخرط في نشاط الفصائل الاصغر ام ببساطة تمتنع عن كبح جماحها؟ الصورة ليس واضحة تماما – وليس مؤكدا أن هذه الاختلافات تشغل بال القيادة الاسرائيلية. طالما يصاب جنود الجيش الاسرائيلي في نشاط دفاعي من الجانب الاسرائيلي للجدار – فان اسرائيل ترى في حماس، بصفتها الحكم في القطاع، مسؤولة عن التصعيد. وفي الخلفية توجد على ما يبدو أيضا الانتخابات بقيادة حماس، في أعقاب اعتزال خالد مشعل، والتي ستجرى قريبا. في زمن الصراع على الخلافة الداخلية يكون الميل الطبيعي للمشاركين هو تشديد الخط تجاه اسرائيل.
هذا وصرح وزير الدفاع ايهود باراك أمس فقال ان “الجيش الاسرائيلي رد بشدة على الحدث وسندرس ردود فعل اخرى في الايام القريبة القادمة”. والان ستبذل جهود سواء من جانب الحكومة المصرية أم من جانب الولايات المتحدة لتهدئة الخواطر. ولكن اذا لم تجدي هذه المساعي فان التغيير في الفترة الاخيرة من شأنه ان يؤدي لاحقا الى صدام اوسع في نهايته حملة برية للجيش الاسرائيلي في القطاع، عشية الانتخابات للكنيست.