هآرتس – مقال – 11/10/2012 ما نسيه مرسي
بقلم: الن بيكر
باشتراط مرسي احترام الاتفاق مع اسرائيل بتطبيق الالتزامات تجاه الفلسطينيين، تمس مصر بروح معاهدة السلام.
في مقابلة مع “نيويورك تايمز” عشية زيارته الاولى الى الولايات المتحدة اشترط الرئيس المصري محمد مرسي، كما افادت “هآرتس”، احترام معاهدة السلام مع اسرائيل بتحقيق الالتزامات – سواء الامريكية أم الاسرائيلية – المتعلقة بالحكم الذاتي للفلسطينيين. وحسب اقواله، “طالما لا يوجد سلام وعدل للفلسطينيين، يبقى الاتفاق غير متحقق” (“هآرتس” – 23/9، وكذا مقال افتتاحي “الانصات لمرسي”، “هآرتس” – 24/9).
عمليا يوجد هنا اعتراف في أن مصر لا تطبق كما ينبغي معاهدة السلام مع اسرائيل وأكثر من ذلك: اعلان بان ليس في نيتها ان تطبقها طالما ساد جمود في المفاوضات مع الفلسطينيين. ويطرح السؤال اذا كان اعلان كهذا على لسان الرئيس المصري لا يشكل بحد ذاته خروجا ذا مغزى عن إطار العلاقات القائمة منذ نحو 33 سنة بين مصر واسرائيل، والتي بناء عليها انسحبت اسرائيل من أراضي سيناء.
كما يمكن أيضا السؤال هل الرئيس مرسي مشوش أم لعله مشوش بشكل مقصود، في النظر الى ما ورد في اتفاقات كامب ديفيد والذي يشكل اطارا شاملا للسلام في الشرق الاوسط، ووقعه في ايلول 1978 الرئيس المصري في حينه أنور السادات، رئيس وزراء اسرائيل مناحيم بيغن، والرئيس الامريكي جيمي كارتر، وبين معاهدة السلام الثنائية بين مصر واسرائيل، والتي وقعت بعد نصف سنة من ذلك، في اذار 1979، من قبل السادات وبيغن فقط.
هذان اتفاقان منفصلان من ناحية قانونية. لقد جاءت اتفاقات كامب ديفيد لتشكل اطارا لمسيرة بين كل الجهات في الشرق الاوسط، والتي تضمنت المفاوضات على نظام حكم ذاتي في المناطق، الامر الذي تحقق عمليا في اتفاقات اوسلو واحلال السلام بين اسرائيل وجيرانها. اما معاهدة السلام بين مصر واسرائيل فهي النتيجة الاولى لتطبيق اتفاقات كامب ديفيد وقد تكرست حصريا لانهاء حالة الحرب التي سادت قبل ذلك بين الدولتين واقامة علاقات سلام وجيرة طيبة بينهما.
وأمر أكثر اهمية، يبدو أنه لم يلفت نظر الرئيس مرسي اليه من مستشاريه قبل تصريحاته، هو بند في معاهدة السلام وبموجبه “يتعهد الطرفان بان ينفذا بنية طيبة التزاماتهما الواجبة في هذه المعاهدة دون النظر الى عمل أو انعدام عمل من طرف آخر، وبغض النظر عن أي وثيقة خارجية”.
هذا الالتزام يقف بحد ذاته، وبالتالي، عند اتباع تحقيق التزامات مصر بتسوية القضية الفلسطينية يبدو أن ثمة مثابة مس بروح ومصداقية معاهدة السلام بل وتشويه لما جاء في الاتفاقيتين. حقيقة أن التصريح والصلة التي يخلقها بين تحقيق التزامات مصر بقوة معاهدة السلام وبين تسوية المسألة الفلسطينية، جاءت بعد اكثر من 30 سنة من قيام علاقات سلام بين الدولتين – تطرح تساؤلات وقلق حول مصداقية باقي الاتفاقات والمعاهدات التي وقعت وستوقع بين اسرائيل وجيرانها.
يحتمل ان يكون مناسبا ان تقوم الدول والمنظمات الدولية التي رافقت ولا تزال ترافق المفاوضات بين اسرائيل وجيرانها بل ووقعت على الاتفاقات المختلفة كشهود، ان تعطي الرأي في هذه المشكلة وان تشير امام الرئيس المصري بان اقواله تشكل مسا آخر بالنسيج الحساس على أي حال في العلاقات السلمية بين اسرائيل ومصر.