هآرتس: مقابل ما يفعله الجيش في غزة، المذبحة في جيت هي مخيم صيفي
هآرتس 18/8/2024، جدعون ليفي: مقابل ما يفعله الجيش في غزة، المذبحة في جيت هي مخيم صيفي
كم هو سهل اصابة الاسرائيليين بالصدمة من فظائع المستوطنين. هم ليسوا نحن. لم يكن لنا أي ذنب في ذلك. هم حتى ليسوا اسرائيل. هم الاعشاب الضارة التي توجد على هامش المعسكر. الآن، وهذه حقيقة، الجميع يتملصون. السياسيون سمع صوتهم في جوقة تنديدات، وحتى وسائل الاعلام تتظاهر بأنها مصابة بالصدمة، وهي حتى تكلف نفسها عناء النشر عن ذلك، هذا أمر لا يصدق. في اوقات جميلة بشكل خاص ربما كان سيتم اعتقال شخص مشاغب أو اثنين مدة ساعة أو ساعتين. امام اخفاء جرائم الجيش فان التطرق الى جرائم المستوطنين يتألق ويلمع. فجأة اصبح من المسموح رؤية الضحية، وفجأة اصبح من المسموح ادانة المجرم.
لكن جرائم المستوطنين ستصبح ناصعة مثل الثلج امام جرائم الجيش. في جيت وفي حوارة وفي قصرى وفي جبل الخليل وفي شمال غور الاردن يعيش وبحق الناس في في حالة رعب. ولكن مقابل ما يفعله الجيش في غزة وفي الضفة الغربية ايضا فان اعمال شغب المستوطنين تعتبر مخيم صيفي مخيف، لكنه مخيم صيفي. المذبحة في جيت ينفذها الجيش يوميا على صيغة اكثر فتكا في مخيمات اللاجئين في طولكرم وجنين ونابلس وبالطبع في غزة. كل يوم توجد مذبحة، لكن المستوطنين فقط هم الذين يتسببون بالصدمة. جيت اعتبرت صدمة، أما قتل 100 من النازحين في مدرسة في غزة فقد اعتبر أمر ممل. الصدمة من المستوطنين مصطنعة وتثير الاشمئزاز. فهي تنقل كل مشاعر الذنب المكبوتة الى الهامش وتتملص من المسؤولية.
عندما يتم النظر الى عملية تدهور الاخلاق التي لا يمكن وصفها، التي تمر فيها اسرائيل في الاشهر العشرة الاخيرة، نرى أنه في معظم الجرائم الجيش هو المذنب، حتى في مذبحة جيت. فلو أنه قام بدوره لما كانت تحدث مذبحة. من يعرف كيف يقوم بتفريق المظاهرات أو أي احتجاج للفلسطينيين، يقوم بالوقوف جانبا أو يؤيد المذابح التي يرتكبها اليهود. هذه سياسة وليس خطأ. هذا توجه وليس خطأ. ولكن حتى عندما يكون من الواضح أن الجيش هو المذنب في مذبحة جيت فان لا أحد يهب لادانته. لأن الجيش هو نحن، ونحن لم نكن في جيت ولا ذنب لنا في اعمال الشغب التي حدثت فيها. نحن اسرائيل الجميلة وهم المجانين اصحاب السوالف الطويلة والقبعات الكبيرة. سبط آخر، سبط يهودا. نحن من اسرائيل، أيدينا طاهرة.
سديه تيمان، هي الجيش؛ الدروع البشرية، هم الجيش؛ التصفيات، هي الجيش؛ الـ 40 ألف قتيل، هم الجيش؛ تدمير غزة، هو الجيش؛ الحواجز الوحشية في الضفة، هي الجيش؛ قتل التوائم ابناء الثلاثة ايام مع الأم والجدة، الأب ذهب لاستصدار شهادة الميلاد، هم الجيش؛ الاستخدام المتزايد للمسيرات من اجل القتل في الضفة ايضا، هو الجيش؛ الطيارون ورجال المدافع والمدرعات والجرافات والكلاب، هم الجيش؛ هم أبناؤنا، تقريبا كل واحد يمشي في الشارع أو يسافر في السيارة له صلة بشكل معين. هم الذين يرتكبون معظم جرائم اسرائيل، وليس رجال العصابات من مزرعة رونين أو من يرتدون الزي العسكري من مزرعة جلعاد.
معسكر الاحتجاج بالذات غير مستعد لرؤية كل ذلك. اليمين مسرور من كل مشهد اجرامي ضد الفلسطينيين. هم يشبعون مشاعر انتقامه وتعطشه للدماء. ولكن معسكر الاحتجاج ليس هكذا، هو انساني واخلاقي. انظروا كيف اصيب بالصدمة من جيت واخواتها. هذا المعسكر ليس فقط يتنكر لجرائم الجيش، بل هو يستمر في السجود له. منه يحصل على معظم قادته، حتى صرخة اليسار الاخيرة يئير غولان هو من هناك.
في اليوم التالي لجيت، وهي مذبحة من المذابح الاكثر خطورة والتي جبت حياة شخص بريء والذي لن يتم تقديم من قتله للمحاكمة في أي يوم، يجب النظر الى الصورة الكاملة. بنيامين نتنياهو هو الرئيس وهو المذنب، وجميع المستوطنين هم مخالفون للقانون، لكن فوق كل ذلك توجد الغيمة السوداء التي تغطيهم، أي جيش الدفاع الاسرائيلي. هو الرأس الحقيقي للجريمة وهو المذنب. نحن نواصل السجود له وتجاهل ما يفعله؛ هم أبناؤنا وقادتهم هم معلمونا وجرائمهم لا يوجد أي أحد مستعد لادانتها، وحتى غير مستعد لاحصائها. كل الاحترام للجيش الاسرائيلي الى الأبد.