هآرتس: مفاوضات صفقة المخطوفين في سياق الضغط على نتنياهو
هآرتس 2-4-2024، بقلم: عاموس هرئيل: مفاوضات صفقة المخطوفين في سياق الضغط على نتنياهو
تعكس موجة التظاهرات التي بدأت في أرجاء البلاد في منتهى أيام السبت تقدما متأخرا في نضال عائلات المخطوفين. في هذه الأثناء، حتى نشاطات منظمات الاحتجاج لإسقاط الحكومة وإحباط قانون إعفاء الحريديين من التجنيد تحقق زخما متجددا. بعد اشهر من الركود في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و”حماس” يبدو أن جزءا كبيرا من عائلات المخطوفين أدرك أنه إذا كانت هناك احتمالية لتحقيق تقدم في هذه المفاوضات فهي توجد بدرجة كبيرة في ايديهم من خلال زيادة الضغط على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
المراحل القادمة من المحادثات ستجري الآن تحت غطاء التظاهرات الداخلية، التي للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب ستتحدى نتنياهو. بقي أن نرى ما الذي ستستخلصه “حماس” منها، التي تتابع بعناية ما يحدث في الطرف الإسرائيلي.
بعد تسخين الأجواء في التظاهرات، التي ووجهت، أول من أمس، مرة أخرى بسلوك متشدد من جانب شرطة لواء تل أبيب، بدأت الهجمات المتوقعة للأبواق. عائلات المخطوفين التي تختار التظاهر، كما تم الادعاء، تساعد بشكل عام العدو. لو أنهم فقط سمحوا لنتنياهو بالتقدم كما يريد فإنه بعد لحظة سيدخل الجيش الإسرائيلي إلى بوابات رفح وسيقودنا إلى النصر المطلق.
لكن يبدو أن هذه الادعاءات لم تعد تقنع جزءا واسعا من الجمهور، الذي لم يدمن غسل الأدمغة الذي يجري في البث الذي يتم في القناة 14، وما زال يتساءل كيف أن نتنياهو لم يتحمل ولو جزءا قليلا من المسؤولية عن الإخفاقات التي مكنت من حدوث مذبحة 7 أكتوبر.
يتعزز الشك بأن اكثر مما يسعى نتنياهو إلى النصر المطلق، فإن هذا النصر لا يلوح في الأفق. فتوجهه هو نحو حرب أبدية، حرب ستطول كثيرا دون أن يجري انتقاد ذاتي وطني في مسألة لماذا وصلنا إليها.
رجحت الوتيرة البطيئة للمفاوضات والتأخيرات المتواترة التي يتبعها نتنياهو، وفوق كل شيء عدم قدرته المتواصل على إظهار الرحمة ولو بالحد الأدنى مع معاناة المخطوفين، أخيرا الكفة في أوساط الكثير من عائلات المخطوفين. عيناف غنغاوكر، والدة متان المخطوف، عبرت عن ذلك بشكل جيد عن هذه الأمور في التظاهرة التي جرت في نهاية الأسبوع الماضي عندما قالت، “بعد 176 يوما أدركنا أنك أنت العائق”، توجهت إلى رئيس الحكومة وتعهدت بأن تعمل من الآن على إزاحته.
يجب عدم تجاهل أن “حماس” أيضا، في محاولة للحصول من إسرائيل على تنازلات اكثر، تتسبب بتأخير التوصل إلى اتفاق. ولأن المفاوضات لا تجري في فضاء فارغ فإنه من الواضح أن رئيس “حماس” في القطاع، يحيى السنوار، يمكن أن يعتبر التظاهرات المتزايدة في إسرائيل حقنة تشجيع لحربه.
لكن على الكفة الأخرى للميزان موضوع مصير المخطوفين، الذين كما أشارت في الأسبوع الماضي مصادر سياسية وأمنية آخذين في الاحتضار والموت. العدد الرسمي للموتى بين المخطوفين حسب الجيش الإسرائيلي هو 36 من بين الـ 134، لكن من الواضح للجميع أن العدد الحقيقي أعلى بكثير، وببساطة لم تتم مطابقته حتى الآن مع كمية كافية من الأدلة القاطعة.
لا يوجد للمخطوفين وعائلاتهم وقت. صحيح أن هذه الصفقة تحتاج إلى إطلاق سراح حوالى ألف سجين فلسطيني تقريبا في المرحلة الأولى مقابل 40 مخطوفا في النبضة الأولى، جميع النساء وكبار السن الأحياء إلى جانب المرضى والجرحى. لكن رغم أن نتنياهو ينجح في أن ينسي ذلك بشكل ما من الذاكرة الجماعية، فإنه عقد صفقة في السابق بعيدة المدى في قضية شاليت، هناك تم إطلاق سراح 1027 مخربا، نصفهم تقريبا يعتبرون ثقيلي الوزن مقابل جندي واحد.
بعض المحررين في تلك الصفقة قتلوا في الأسبوع الماضي في عملية الجيش الإسرائيلي في مستشفى الشفاء في غزة بعد أن عملوا خلال هذه السنين وبشكل حثيث من بعيد على تشجيع وتمويل الإرهاب في الضفة الغربية (العملية في مستشفى الشفاء، بالمناسبة، تواصل إعطاء نتائج عملية تثير الانطباع، تقريبا كل يوم يتم قتل أو أسر نشطاء كبار في “حماس” هناك).
في الأسابيع الأخيرة، حدث تغير معين في موقف رؤساء أجهزة الأمن، بينهما أعضاء في “كابنيت” الحرب و”الكابنيت” السياسي الأمني، بما في ذلك بعض وزراء “الليكود”. اكثر فأكثر يسمع ادعاء أن الكرة انتقلت بشكل كبير إلى ملعب إسرائيل وأن رفض نتنياهو (الذي يصفه كقدرة على إجراء مفاوضات بشكل متصلب) هو السبب الرئيس لتأخير التوصل إلى اتفاق.
تحت الضغط المتزايد الذي يستخدم عليه فقد اضطر رئيس الحكومة إلى المصادقة على إبقاء طاقم مقلص من بعثة المفاوضات في قطر، والسماح بإرسال بعثة أخرى إلى مصر. يدور جزء كبير من النقاش في الطرف الإسرائيلي حول طلب “حماس” السماح بالعودة الحرة للسكان الفلسطينيين إلى شمال القطاع، دون مراقبة متشددة من الجيش الإسرائيلي. هذه القضية، اكثر من عدد الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم في النبضة الأولى، تقف في مركز المفاوضات في هذه الفترة.
بينما توجد في الخلفية التظاهرات المتصاعدة والخلاف الموجود في مجلس الحرب وفي “الكابنيت” السياسي – الأمني، مرة أخرى يتركز الانتباه حول موقف وخطوات وزراء قائمة المعسكر الرسمي بني غانتس وغادي آيزنكوت. قبل شهرين تقريبا في مقابلة مع ايلانا ديان في “أخبار 12” سمح آيزنكوت أن نفهم بأن تأخيرا غير ضروري لتحقيق صفقة التبادل سيدفعه إلى الانسحاب من الحكومة. إزاء الخوف المتزايد على حياة المخطوفين لم يبق لديه المزيد من الوقت من اجل حسم هذا الأمر. موقفه العلني هذا يمكن أن يدفع نتنياهو نحو الزاوية أو أن يشعل النار في صفوف الاحتجاج.
على هامش هذه الأقوال، عقد، أمس، رئيس الحكومة مؤتمرا صحافيا استثنائيا وغريبا. قبل بضع ساعات من ذلك اعلن مكتب نتنياهو بأنه في نهاية “فحص طبي عادي” جرى بشكل غريب في منتهى السبت، طلب منه إجراء عملية جراحية للفتق. ربما بسبب عدم الهدوء الذي أثاره البيان أو بسبب رغبته في التعتيم على التظاهرات ضده فقد اعلن نتنياهو قبل فترة قصيرة عن عقد المؤتمر الصحافي.
ظهوره كان مؤثرا ومشوشا بدرجة معينة، وليس كعادته أيضا كان مليئا بالتلعثم أثناء القراءة من ورقة. يصعب الاستغراب من ذلك: رئيس الحكومة يخضع لضغط كبير، والآن أضيف إلى ذلك أيضا القلق الصحي. إذا كان يقصد أن يبث للجمهور أو “حماس” تصميما وثقة بالنفس فإن هذه الحادثة لم تحقق الهدف. ولكن برزت اكثر من أي شيء آخر، مرة أخرى، الصعوبة التي يواجهها في التعبير عن مشاعره تجاه المخطوفين وأبناء عائلاتهم، حتى عندما حاول بث ذلك في أقواله.