هآرتس: مـذبـح نـتـنـيـاهـو: الـمـوت من أجل ألا تقوم فلسطين

هآرتس 2023-11-21، بقلم: روغل الفر: مـذبـح نـتـنـيـاهـو: الـمـوت من أجل ألا تقوم فلسطين
ضحايا مذبحة يوم السبت الأسود هم، ضمن امور أخرى، ضحايا سياسة بنيامين نتنياهو لإحباط حل الدولتين بواسطة تعزيز قوة حماس وإضعاف السلطة الفلسطينية، وتقسيم الفلسطينيين بين قطاع غزة والضفة الغربية. نتنياهو قام برعاية حماس من اجل منع إقامة الدولة الفلسطينية الى جانب دولة إسرائيل. تصريحات الرئيس الأميركي، جو بايدن، منذ بداية الحرب، خطياً وشفوياً، توضح بأنه حسب رأيه فان إقامة الدولة الفلسطينية ستعزز أمن إسرائيل وستساعد على منع تكرار مثل هذه المذبحة في المستقبل. من هنا، حسب رأيه، فان المذبحة حدثت ايضا بسبب مشروع حياة نتنياهو – منع إقامة الدولة الفلسطينية.
حول هذا الشأن هناك تصادم أيديولوجي مباشر بين بايدن ونتنياهو. يبدو أن بايدن يعتبر إبعاد حماس من غزة فرصة تاريخية من اجل بعث حلم الدولتين. وأنه من ناحيته هذه هي الخطوة الأولى لتحقيق إعادة السلطة الفلسطينية (بعد تنظيمها) مجددا للحكم في غزة. في حين أن نتنياهو، في خطابه الأخير للأمة في منتهى السبت الماضي، أوضح بأن الهدف الثالث للحرب، إضافة الى إبعاد حماس وإعادة المخطوفين، هو منع إعادة السلطة للحكم في غزة. أي إحباط السياسة المعلنة للرئيس الأميركي لليوم التالي.
يجب الانتباه: نتنياهو من ناحيته قام بارسال الجنود كي يضحوا بأرواحهم والموت في غزة من اجل إحباط إقامة الدولة الفلسطينية. هذا حرفيا وبشكل واضح. منذ بداية العملية البرية لاحتلال القطاع تعود الجمهور على شريط متحرك لجثث الجنود التي تخرج من غزة. هذا اصبح أمرا طبيعيا. إلاغ الجمهور عن موتهم وعن هويتهم اصبح حفلا وطنيا في التلفزيون. الجمهور كل يوم ويوم يتم إبلاغه عن موت جنود ومدنيين إسرائيليين تجندوا ويرتدون الزي العسكري على مذبح مشروع حياة نتنياهو، منع إقامة الدولة الفلسطينية، وكأنه يقول بأنه من الجيد الموت من اجل ألا تقوم فلسطين. الجيش الإسرائيلي أيضا يقتل الآلاف من المدنيين في غزة، الذين في معظمهم هم غير مشاركين في القتال، من اجل تحقيق هدف نتنياهو العلني وهو «لا لإقامة دولة فلسطينية».
هل هناك في الجمهور الإسرائيلي اتفاق واسع حول أهمية الحرب لمنع إقامة الدولة الفلسطينية؟ ليس حكم الاستعداد للموت والقتل من اجل أن يتمكن الإسرائيليون من العيش في أمان في بيوتهم مثل حكم الاستعداد للموت والقتل من اجل منع اقامة الدولة الفلسطينية. هذا يبرز بشكل اكبر على خلفية الاستنتاج الذي لا يمكن تجنبه وهو تصميم بايدن على تحقيق حلم الدولتين، الذي يشمل الادعاء بأن السياسة التي تستهدف إحباط حلم الدولتين هي أحد العوامل الأساسية للمذبحة وكارثة المخطوفين.
اذا كان الأمر هكذا فانه يجب أن يكون واضحا مثل الشمس بأنه توجد لنتنياهو مصلحة واضحة في مواصلة الحرب الى أن يقصي دونالد ترامب من اجله جو بايدن من البيت الابيض. فهذا سيساعده على تحقيق لاءاته الثلاث: لا لتحمل المسؤولية ولا للانتخابات ولا لدولة فلسطينية. ربما أن نتنياهو يعتقد بأن بايدن هو الرئيس الأميركي الأخير – بعد كارتر وكلينتون واوباما – الذي سيعمل على الضغط على إسرائيل من اجل الموافقة على حل الدولتين. بعده سيأتي رئيس مريض نفسيا، الذي حقوق الإنسان وحياة الناس تهمه اكثر بقليل من مضرب الغولف. هكذا هذه الحرب ستضمن استمرار بقاء مشروع حياة نتنياهو: الهذيان حول استئصال الحركة الوطنية الفلسطينية.
ليس فقط نتنياهو هو الذي ينتظر ذهاب بايدن. فبايدن أيضاً يأمل في أن يذهب نتنياهو. كل واحد منهما ينتظر نزول الآخر عن منصة التاريخ. وما الذي يريده الإسرائيليون؟ كالعادة هم يفوتون فرصة تفويت الفرصة من اجل النجاة من دائرة الموت. لأن «معاً سننتصر» هي رؤيا الدولتين.