هآرتس / معيار العقوبة: اسم العائلة

هآرتس – بقلم يوتم بيرغر – 28/5/2018
من بيت بشار الجمل في مدخل القرية الفلسطينية بيت سوريك، تظهر مبسيرت تسيون، البعيدة عدة كيلومترات معدودة فقط. في كل صباح يمكنه أن يرى المستوطنة الاسرائيلية التي عمل فيها كبستاني خلال عشرين سنة. لقد أحب عمله وايضا السكان أحبوه، قال. هم ما زالوا يتصلون به من اجل سؤاله متى سيعود، لكن لا يوجد لجمال اجابة، هو لا يعرف. وهو ايضا لم يترك العمل بارادته. في يوم ما في الخريف الماضي ابلغته الادارة المدنية أن تصريح عمله في اسرائيل جُمد. السبب: العملية في هار أدار في شهر ايلول الماضي.
الجمل لم يشارك في هذه العملية، فلماذا يعاقب؟ الاجابة تكمن في الاسم.
عملية اطلاق النار التي قتل فيها اثنان من رجال الحماية وشرطي من حرس الحدود وأصيب فيها بجراح بالغة حاخام المستوطنة، نفذها أحد سكان بيت سوريك، نمر محمود احمد الجمل. عندما أعلنت اسرائيل ردا على ذلك بأنها ستلغي تصاريح عمل “كل” ابناء عائلته، فقد صدر الحكم بخصوص بشار الجمل. رغم أنه هو نفسه يؤكد على أنه لم يشارك ولو جزئيا في النضال الوطني ضد اسرائيل، اضافة الى أن سلطات الامن ايضا لم تقدم أي دليل مناقض لاقواله. اضافة الى ذلك يقول الجمل إن الاثنين ليسا من عائلة واحدة، ولا توجد رابطة دم، كما أنه لم يلتق معه في يوم ما، فقط نفس الاسمالمنتشر جدا في القرية. “ليست لي أي علاقة معه”، قال بشار للصحيفة. “فقط اسمه هو اسم عائلتي، جدي وجده يلتقيان، هذا كل ما في الامر”.
بشار هو واحد من الـ 159 شخص من سكان بيت سوريك الذين اسم عائلتهم “الجمل” وتصاريح عملهم تم تجميدها حتى اشعار آخر منذ العملية. وقصتهم يمكن أن نسمعها في اماكن اخرى في الضفة. مثلا في قرية يطا تحول هناك اسم “أبو عرام” لسبب تجميد أكثر من 650 تصريح عمل بعد عملية طعن، أو في باقة الشرقية – اسم “كبحا” هو اسم لا يسمح بالعمل لحوالي 100 شخص في اعقاب عملية دهس.
في الوقت الذي يتحدثون فيه في الادارة المدنية عن ردع (“عائلة المخرب بسبب تنفيذ عملية في اسرائيل”) وأنه توجد امكانية للاستئناف على ذلك، تواصل توجه الغاء تصاريح “الحمولة” كما تسميها الادارة، هكذا بشار الجمل لا يستطيع أن يكسب رزقه، لا يستطيع العمل في اسرائيل، ويضطر الى أخذ قروض فوق قروض التي لا يعرف كيف سيسددها. في القرية نفسها، يقول، لا يمكنني العمل، أنا في سن الخمسين الآن. “لا أحد يشغلني هنا (في القرية) في هذا العمر. الكل يفهم أنني عملت في اسرائيل بشيء آخر (العمل كبستاني وليس في البناء)”.
بشار الذي يتحدث العبرية بطلاقة عمل في اسرائيل في فترات متقطعة من 1989. هذا هو الواقع التشغيلي الذي يعرفه. الآن اكثر من نصف سنة بعد تغير الوضع التشغيلي، حتى في البيت يشعرون بذلك جيدا. تعليم اولاده الذين يدرسون في الجامعة في خطر، لم يعد قادر على دفع رسوم التعليم لهم. “يوجد لي خمس بنات وولدين، اثنان منهم في الجامعة” ويشرح “هذا يحتاج الى الكثير من المال والكثير من التكاليف. الرسوم السنوية في الجامعة 13 ألف شيكل، هذا قبل مصاريف السفر والطعام والامتحانات أو تحضير الدروس وما شابه”. وكل هذا وهو غارق اليوم في الديون. “أنا اشتري من البقالة هنا بالدين، أنا اقترض من اعمامي، ممن يستطيع أن يعطيني الى حين عودتي الى العمل، للاولاد أنا لم اعد استطيع أن ادفع لمدارسهم”.
مثل بشار ايضا هناك الكثيرين ممن تم الغاء تصاريحهم والذين اسم عائلتهم الجمل ويسكنون في بيت سوريك وما حولها، وقعوا في ضائقة اقتصادية صعبة. احدهم هو مهدي الجمل (34 سنة). “الجيش قال لنا إنه كان لدينا في القرية شخص ما قام بفعل شيء في هار ادار وقال لنا – العقوبة هي للعائلة”، يتذكر، “نحن لسنا اقارب بالدم، هذا فقط نفس اسم العائلة. هو ليس إبن عمي، هذه عائلة اخرى. يوجد هنا اشخاص لديهم اطفال واولاد في الجامعة وتتم معاقبتهم لأن شخص آخر قام بعمل ما – وضعوا اسمه على الحاسوب واصدروا تجميد لكل الاسماء المشابهة”.
قبل أن يتم سحب التصريح منه كان مهدي يعمل في البناء في هار ادار. “نحن لا نعرف مع من نتحدث”، اضاف. “نحن نستطيع أن نقول له (في الجيش) وهم يقولون – ماذا يهمنا، هذا لا يتعلق بنا”. في هذه الايام يخطط مهدي لزواجه الذي يثقل عليه العبء الاقتصادي. اخوته يحاولون المساعدة لكن هذا لا يكفي. “الآن في البيت ليس لدي شيء”، وصف، “لم نجهز شيء للزفاف، لكني لا استطيع قول ذلك للناس. أنا أريد العودة الى العمل لكن ليس هناك عمل. الجميع طوال الوقت كانوا يعملون لديكم في اسرائيل. نحن نريد السلام ولا نريد المشاكل”.
عنف بيروقراطي
في مكاتب “بتسيلم” يعرفون جيدا الاحباط في بيت سوريك، لقد ظهر ذلك في احد التحقيقات التي قامت بها المنظمة في هذا الشأن. حسب هذا البحث هناك على الاقل حمولتان أو اسمان لعائلتين تسببا لاصحابها بسحب تصاريح العمل. مدير عام المنظمة، حاغي العاد، أكد على الاعتباطية التي تكمن في معاقبة شخص فقط بسبب اسم عائلته، وخاصة اذا كان الامر يتعلق باسم عائلة مشهور. هذا “عنف بيروقراطي”، قال. “منع رزق مئات الاشخاص، لم يقوموا بارتكاب أي مخالفة وليس هناك علاقة بينهم وبين منفذي العمليات، هو مثال على الاعتباطية التي تدير بها اسرائيل حياة رعاياها الفلسطينيين، ومن بينهم من يحظى بتوفير الرزق لنفسه ولعائلته”.
إن سحب تصاريح العمل من أبناء عائلات مخربين ليس اسلوب جديد. فمنذ سنوات اعتاد الكابنت أن يفرض هذا الحكم بعد تنفيذ عمليات. ولكن الحالات الثلاثة الواردة هنا تشكل امثلة متطرفة – ازاء حجم التصاريح التي سحبت، وطول فترة المنع والعدد الكبير للذين يشهدون بأنه ليس لديهم أي علاقة مع المنفذ سوى الاسم.
عن ذلك يمكن أن يروي لنا جيدا سكان يطا المجاورة للخليل، الذين خانهم الحظ في تشارك اسم العائلة مع اسماعيل أبو عرام – الذي جرح اسرائيلي جراح بالغة في عملية طعن في بلدة يفنه في آب الماضي. ليس اقل من 660 تصريح عمل لاولئك الذين “طرحوا كأبناء عائلته” وسكنوا في نفس القرية مثله، تمت مصادرتها. “كان هناك ولد ما الذي والده لم يرغب بتزويجه، عندها قام ونفذ العملية والآن الآلاف يجلسون في البيت لأنهم سموه أبو عرام – أنا لست مرتبط بذلك الولد”، قال صبري أبو عرام، من سكان يطا. “أبو عرام هذا هو 5 – 6 حمائل، يوجد البعض هنا والبعض هناك، يوجد اشخاص يعتبرون أبو عرام وليس لهم أي علاقة بهذه العملية”.
اجل، اسم أبو عرام منتشر جدا في عدة مناطق في الضفة الغربية وفي عدة عائلات ليست مرتبطة الواحدة بالاخرى. صبري المتزوج من ثلاثة نساء وأب لـ 15 ولد لا يجد عزاء بذلك. الى حين سحب تصريحه كان يحصل على رزقه من العمل في شركة مقاولات في اسرائيل. منذ ذلك الحين هو يعمل في القرية في البناء ويحصل على رزقه بصعوبة. “يكسبون هنا في القرية 100 شيكل، 120 شيكل، 80 شيكل في اليوم. ماذا نفعل؟”، قال. “نذهب لصب الباطون وكل واحد يحصل على خمسين شيكل. قبل ذلك عملت في شركة مقاولات كبيرة، في كل البلاد عملت”.
عندما توجه للادارة المدنية، قال، لم يحصل على اجابة واضحة متى سيتغير الوضع. “قالوا لي إن هذا سيستمر مئة سنة”. “نذهب الى الادارة المدنية وهناك يقولون لنا هذا ليس من عندنا، هذا من أعلى، ليس معروف من أين”.
الى الشمال من هنا، في برطعة الشرقية نسمع نفس الاصوات. الفرق الوحيد هو في الاسم. في برطعة الاسم المرفوض هو كبحا. في آذار الماضي نفذ احد ابناء العائلة علاء راتب عبد اللطيف كبحا – عملية طعن قرب قرية يعبد حيث قتل فيها جنديان واصيب آخران باصابة بالغة. لم يمض وقت طويل وجاء الحكم: 98 تصريح عمل سحبت.
احدهم كان محمد كبها (ابو وديع). منذ 1999 كان لديه تصريح عمل في اسرائيل وعمل في حدودها في اعمال البناء. “حتى ما قبل شهرين ونصف لم تكن لدي أي مشكلة لا مع اسرائيل ولا مع السلطة الفلسطينية، عملت لكسب رزق عائلتي وهذا ما كان يهمني”. كبها (42 سنة) يعيش مع زوجته واولاده الستة وأمه وشقيقه الذي من ذوي الاحتياجات الخاصة. “أنا العائل الوحيد لعشرة افراد، لكن الآن أنا لا اعمل وبصعوبة اعيش. لا أعرف اذا كانت تلك عملية أو حادث طرق، لكن بماذا أنا مذنب؟ لماذا يعاقبون كل الحمولة؟.
من الادارة المدنية ورد ردا على ذلك، بخصوص عائلة أبو عرام، في 2 آب 2017، نفذ اسماعيل أبو عرام من يطا عملية طعن في يفنه، اصيب فيها شخص بجراح بالغة، لهذا فان التصاريح التي تعطى للعائلة التي ينتمي اليها جمدت بصورة فورية. بخصوص عائلة الجمل، في 26 ايلول 2017 نفذ نمر محمود احمد الجمل عملية اطلاق نار في هار ادار قتل فيها اثنان من رجال الحماية المدنيين وجندي من حرس الحدود اضافة الى حاخام المستوطنة الذي اصيب اصابة بالغة. لذلك فان التصاريح التي أعطيت للعائلة التي ينتمي اليها جمدت بصورة فورية. بخصوص عائلة كبها، في تاريخ 16 آذار 2018 قام علاء راتب عبد اللطيف كبها بتنفيذ عملية دهس قرب يعبد قتل فيها جنديان واصيب جنديان آخران باصابات بليغة.
الادارة اضافت إن “دولة اسرائيل هي دولة ذات سيادة والدخول الى اراضيها ليس حقا اصيلا. فحص تصريح الدخول الى اسرائيل يتم عبر اخذ عدة امور في الاعتبار وطبقا لمعايير. بناء على ذلك يتم التأكيد على موضوع الردع لعائلة المخرب بسبب تنفيذ عمليات في اسرائيل. هذه السياسة يتم تطبيقها وفقا للوضع الامني ووفقا لتقدير الوضع في ذلك الوقت. كما تجدر الاشارة ايضا الى انه بامكان كل شخص التوجه بطلب لرفع المنع في ادارة التنسيق والارتباط في منطقته. كل طلب سيتم بحثه طبقا للاجراءات.