ترجمات عبرية

هآرتس: مسيرة الاعلام هي مقياس حرارة للمجتمع الإسرائيلي

هآرتس 6/6/2024، نير حسون: مسيرة الاعلام هي مقياس حرارة للمجتمع الإسرائيلي

مسيرة الأعلام في القدس هي مقياس حرارة دقيق لوضع المجتمع الاسرائيلي. فهو يقيس مستوى الكراهية والعنصرية والعنف في المجتمع الصهيوني الديني وتسامح الشرطة وكل المجتمع الاسرائيلي تجاه كل هذه الظواهر. التشخيص في هذه السنة هو نهائي. المسيرة أمس كانت من المسيرات الاكثر عنفا وقباحة التي شاهدتها، أنا في السابق شاهدت كل المسيرات في الـ 16 سنة الاخيرة.

قبل بضع سنوات، في اعقاب الانتقاد الذي وجهته المحكمة العليا، لاسباب تتعلق بالصورة العامة، كانت جهود معينة من قبل المنظمين والشرطة والحاخامات لتهدئة النفوس واضعاف شعارات الانتقام والعنف، في محاولة لاعادة للمسيرة شيء من الاحتفالية البريئة في سنواتها الاولى. احيانا هذه الجهود حتى نجحت. ذات مرة بعض المحلات التجارية الفلسطينية بقيت مفتوحة التي توجد في خط سير المسيرة. في هذه السنة على خلفية الحرب وأحداث 7 تشرين الاول فان مشاعر الكراهية تصاعدت وبدا كأنه اعطيت للشباب الحرية المطلقة. الروح العامة كانت روح الانتقام، الشعار الموجود على القمصان هو قبضة الكهانية، والاغنية الشعبية كانت اغنية الانتقام “سأنتقم لاحدي عينيّ”، اضافة الى “الموت للعرب” و”لتحترق قريتكم”. الوزير المحبوب جدا كان ايتمار بن غفير والاجواء العامة كانت مخيفة.

خلافا للسنوات السابقة فان منظمي المسيرة لا يمكنهم الادعاء بأنه في هذه المرة الحديث يدور عن حفنة. كان يصعب العثور على مجموعة، أو مدرسة دينية، اكتفت بأغاني القدس والايمان. وعلى الاغلب تمت اضافة لشعار الانتقام شعارات عنصرية وعنيفة اخرى.

منذ صباح أمس، قبل بضع ساعات على انطلاق المسيرة الرسمي، وصلت جماعات من الشباب اليهود الذين يرتدون الملابس البيضاء وبدأوا يهيجون في شوارع الحي الاسلامي. فقد قاموا بدفع وشتم والبصق على ومهاجمة المارة الفلسطينيين والصحفيين. هم مشوا ذهابا وايابا مرة تلو الاخرى في الحي وزرعوا الرعب في قلوب التجار والسكان. رجال الشرطة حاولوا ابعادهم ولكن بدون فائدة. ومثلما في كل سنة فقد اغلق التجار محلاتهم التي توجد على خط سير المسيرة، هذه المرة اوصى رجال الشرطة بتشدد ايضا التجار في مناطق اخرى في الحي باغلاق محلاتهم، وهذا ما حدث.

العائلات الفلسطينية بقيت في البيوت الى حين مرور الغضب، والشرطة قامت بابعاد الفلسطينيين عن الاماكن التي يمكنهم فيها مواجهة المشاغبين. في ظل غياب ضحايا فلسطينيين فان الشباب وجهوا العنف للصحفيين في عدد لا يحصى من الحالات، هددوا وشتموا ودفعوا المراسلين والمصورين وكل من تم تشخيصه كصحفي أو كل من حاول توثيقهم. مثلا، متطوعو منظمة “نقف معا”.

للمرة الاولى منذ تغطيتي للمسيرة فقد تمت مهاجمتي شخصيا من قبل عدد من الشباب. فقد القوني على الارض وركلوني لفترة الى أن شاهدت اقدام رجال حرس الحدود وهم يبعدونهم عني. احدهم ساعدني على النهوض، وآخر عثر على نظاراتي. خرجت من هذه الحادثة بجروح وكدمات طفيفة، واثنان من المصورين تم رمي اشياء على رأسيهما. 

الاحداث استمرت الى أن قررت الشرطة ابعاد الصحافيين عن المنطقة وادخالهم في منطقة محاطة بالحواجز الحديدية في باب العامود. وقد هدد رجال الشرطة الصحافيين الذين رفضوا بالاعتقال، في حالة تم ابعاد بالقوة مراسل “واي نت” ليران تماري من قبل رجال الشرطة. مراسلون آخرون تم شتمهم وتهديدهم والقاء زجاجات المياه عليهم. خمسة من المشاركين في المسيرة تم اعتقالهم للاشتباه بالقاء اشياء على المراسلين، و13 آخر تم اعتقالهم للاشتباه بالعنف والتهديد والاخلال بالنظام.

لكن المراسلين ليسوا القصة. فالقصة هي عمق المزبلة التي غرق فيها المجتمع الصهيوني – الديني. مجتمع، الذي حدثه الرئيسي في كل سنة هو مظاهرة مقرفة للعنصرية والعنف. الشباب والفتيات يسيرون في مجموعات حسب مؤسسة التعليم التي يتعلمون فيها، سواء معهد ديني أو مدرسة دينية. جميعهم يرتدون القمصان البيضاء التي كتب عليها شعار تمت طباعته خصيصا لهذه المناسبة. المسيرة انطلقت من غربي القدس ووصلت الى البلدة القديمة، على الاغلب كان يسود فيها طابع اغاني القدس واغاني الايمان. قبل الوصول الى البلدة القديمة انفصلت المسيرة. الفتيات دخلن من باب الخليل والحي اليهودي، والشباب دخلوا من باب العامود والحي الاسلامي.

عندما اقترب الشباب من منطقة باب العامود، الباب الاكثر فخامة من بين ابواب البلدة القديمة ومركز حياة الفلسطينيين في المدينة، تغير شيء ما. فقد اصيبوا بحالة النشوة والغناء والصراخ، وكأنهم يستعيدون ذكرى احتلال البلدة القديمة. وبعد الرقص في ساحة الدخول اندفعوا نحو الداخل وهم يضربون بقوة على ابواب المحلات التجارية، الضجة في فراغ البوابة الكبيرة تصم الآذان وتشعل النشوة. السرور كان حقيقيا وكاملا، وكان يمكن رؤية ذلك على وجوه الشباب والحاخامات، وايضا الكراهية. عشرات آلاف شاركوا في المسيرة، من بينهم معظم اعضاء حزب “قوة يهودية”. وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، وصل بعد تدفق التقارير حول قصف المسيرة في الشمال. ولكن هذا لم يمنعه من الرقص بفرح مع الشباب على انغام “اعبدوا الله بفرح”. ولكن بعد ذلك قام الشباب بتغيير هذه الاغنية بأغنية الانتقام الشعبية “سأنتقم لاحدى عيني”، التي نتذكرها من عرس الكراهية. وزير المالية استمر في تجميعهم. وبعده جاءت وزيرة المواصلات ميري ريغف واعضاء الكنيست تسفي سوكوت وسمحا روتمان والموغ كوهين وغيرهم. لكن لا أحد منهم استقبل كما استقبل ايتمار بن غفير. الشباب استقبلوه بنداءات “من جاء؟ رئيس الحكومة القادم”. في الهوامش كان هناك من قالوا “يساري جدا”.

خلال دقائق طويلة لم ينجح بن غفير في التحدث بسبب الضجة. “أنا جئت الى هنا لأمر واحد وهو نقل رسالة لحماس”، قال. “كل بيت في غزة وفي الشمال توجد فيه صورة للحرم وللقدس. نحن نقول لهم إن القدس لنا، باب العامود لنا، الحرم لنا”. وبعد ذلك كرر مقولته عديمة المسؤولية التي رددها منذ الصباح حول الغاء الوضع الراهن في الحرم. “اليوم حسب سياستي، فقد دخل اليهود الى البلدة القديمة بحرية. ويهود قاموا بالصلاة في الحرم بحرية. نحن نقول ببساط: هذه لنا”. بعد فترة قصيرة دخل آخر المشاركين في المسيرة البوابة وخلفوا وراءهم اكوام القمامة في ساحة باب العامود.

مثلما في كل سنة ايضا في هذه المرة الشعور باستعراض القوة هذا يثبت بالضبط خلاف ما يتحدث عنه بن غفير. فكلما كانت شعارات الانتقام اقوى واكثر عنفا ووحشية، هكذا يتعزز الشعور بأن كل هذه الجهود تغطي على سيادة فارغة وسياسة فاشلة. 57 سنة منذ توحيد القدس، وثمانية اشهر منذ اندلاع الحرب، والقيادة في اسرائيل التي دخلت الى باب العامود أمس لا يوجد لديها أي جواب يتعلق بسكان القدس وسكان اسرائيل. لا توجد لديهم أي خطة أو أي حل أو أي أمل كي يعرضوه. وبدلا من ذلك هم يأملون الاكتفاء بالانتقام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى