هآرتس: مسمار أخير في نعش جيش الشعب

هآرتس 2023-04-19، بقلم: عاموس هرئيل: مسمار أخير في نعش جيش الشعب
حتى في الفترة التي فرض فيها عليه تعليق مؤقت لتشريع الانقلاب النظامي فإن الائتلاف الحالي يبدو أنه مصمم على إبقاء نار الخلاف مشتعلة وصب الزيت على عجلات الاحتجاج ضده.
المبرر المناوب هو قانون التجنيد الجديد، بالاسم الحقيقي قانون تسوية تهرب الحريديين من الخدمة، الذي تريد حكومة نتنياهو شرعنته الآن بضغط من الأحزاب الحريدية.
هذا التشريع إذا تحقق سيكون له نقاط ضعف، التي تخلقها الحكومة لنفسها. أولاً، هو سيخلد عدم المساواة في تحمل عبء الخدمة، الذي يتم الشعور به منذ سنوات.
ثانياً، لأن الحريديين يريدون تأمين القانون الجديد بوساطة تمرير فقرة الاستقواء فإنهم يعيدون قوانين الانقلاب إلى مركز النقاش العام بصورة تشعل أيضاً الاحتجاج.
في تشكيلة الحكومة الجديدة اضطر نتنياهو في هذه المرة إلى الاعتماد على شراكة مركبة.
حزبان من اليمين المتطرف وحزبان حريديان. كل طرف من هذه الأحزاب وقف مع قائمة طلبات بعيدة المدى، التي هي غير مقبولة على قسم كبير من الجمهور الإسرائيلي، وربما أيضاً تقلق قسماً من مصوتي الليكود أنفسهم.
ملحمة التجنيد تستمر منذ عقود – المحكمة العليا تطلب من الدولة أن تقرر، وبالنسبة لزعماء الحريديين من المهم لهم الدفاع عن ناخبيهم من الخدمة العبثية.
هكذا ولد في الاتفاقات الائتلافية التعهد بتمرير قانون جديد يخرج من المعادلة تجنيد الحريديين أو عقوبات اقتصادية ضد مؤسسات تعليم تساعد على التهرب من الخدمة.
في نفس الوقت، الحريديون حاولوا الدفع قدماً بقانون يضمن لمن يتعلمون التوراة مكانة مساوية في الحقوق والتسهيلات، مقارنة مع من تسرحوا من الجيش الإسرائيلي.
يوجد شريكان آخران في الاتفاق، المرتبط أيضاً بتمرير ميزانية الدولة، التي من المخطط المصادقة عليها في الشهر القادم: وزير الدفاع يوآف غالانت (الليكود) ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش (الصهيونية الدينية).
غالانت حاول أن يربط التنازل للحريديين بتسهيلات للجنود، باقتراح تسرب بشكل معين لـ «يديعوت أحرونوت»، سن الإعفاء من الخدمة للحريديين سيهبط إلى 23 سنة، والجيش الإسرائيلي سيحصل على عشرة مليارات شيكل إضافية ستخصص كمنح لمن يخدمون، من تمويل الدراسة وحتى مساعدة في شراء شقة في الضواحي.
وزير الدفاع أيضاً ربط بالخطة عنصراً آخر، الذي فعلياً سبق واتفق عليه بين الجيش ووزارة المالية: مسار خدمة تفضيلي، الذي في إطاره سيتم تقصير خدمة الجنود في وظائف أقل ضرورة إلى سنتين (تطور دراماتيكي) مقابل زيادة في أجور الجنود الذين يخدمون في وظائف ضرورية والذين سيخدمون أكثر.
وزارة المالية ردت بتسريب خاص بها في «إسرائيل اليوم»، الذي عرضت فيه خطة بديلة لسموتريتش، لخفض سن الإعفال إلى 21، وحتى تم الادعاء بأنها مقبولة أيضاً على رئيس الأركان هرتسي هليفي.
الجيش الإسرائيلي الذي وجد نفسه، لعدم الانتباه، في قلب خلاف سياسي، اضطر الأحد إلى التوضيح بأن الجيش يتمسك بدعم نموذج جيش الشعب والتجنيد للجميع.
هو سيستمر في طرح مسارات خدمة معينة للمجندين الحريديين. وإذا قرر السياسيون بشأن سن الإعفاء للحريديين فعلى الأقل يجب أن يكون 23 سنة وليس 21.
بخصوص نموذج الخدمة التفضيلي، هو لا يرتبط بالحريديين بل بالتوازنات الداخلية في الجيش.
من بين مواقف سلفيه في هذا المنصب، أفيف كوخافي وغادي أيزنكوت، اختار هليفي مقاربة أيزنكوت.
هو مستعد للاستمرار في خفض مدة الخدمة النظامية، شريطة أن يتركز التقصير على الجنود الأقل ضرورة، ويسمح له بالاحتفاظ (مع دفع أجر مناسب أكثر) بالجنود الضروريين لمدة أطول.
من غير الواضح من أين ستأتي العشرة مليارات شيكل التي يتحدث عنها وزير الدفاع، في واقع الميزانية الآخذ في الاشتداد، حيث الانقلاب النظامي يهدد بإحداث كارثة في الاقتصاد الإسرائيلي. ولكن توجد هنا قضية أكثر إشكالية، والتفسير المتأخر للجيش لا ينجح في التغلب عليها بصورة مرضية.
يبدو أن جميع الأطراف، بما في ذلك غالانت وليفي، يسلمون بانعدام الخيارات مع إعطاء إعفاء للحريديين في سن صغيرة نسبياً، ومستعدون للسير قدماً.
هذا استنتاج ربما يتم قبوله من الزاوية الاقتصادية، المسؤولة عنها وزارة المالية.
ولكن الرسالة القيمية هنا مرفوضة من البداية – تداعيات العملية على الجيش وعلى المجتمع يمكن أن تكون إشكالية جداً.
يمكن فهم نقطة الانطلاق للاقتصاديين في وزارة المالية. عقد ونصف العقد من الجهود غير المتزنة من قبل الجيش أثمرت عن نتائج ضئيلة.
في كل سنة في الواقع يتجند للجيش أكثر من ألف حريدي (حتى هذا عندما نمط بقدر الإمكان تعريف الحريدي)، لكن هذه أقلية مرفوضة تماماً مقارنة مع المتهربين بإذن، والجيش لم يحقق حقاً أهداف التجنيد التي وضعت.
الإطار الحالي للاتفاق يسجن الحريديين في المدارس الدينية حتى جيل متأخر، في حين أن الكثيرين منهم كانوا يفضلون الاندماج في دراسات غير توراتية وفي سوق العمل. هي تخلد الجهل والفقر لأجيال قادمة. هناك أيضاً نقاش في مسألة إلى أي درجة يحتاج الجيش إلى الحريديين وما هي احتمالية ملء الصفوف في الوحدات التي تحتاج إلى ذلك، مثل جزء من الوحدات الرمادية غير المرموقة في المنظومة القتالية.
ولكن ما يفتقده سموتريتش وغالانت والاقتصاديون يتعلق بالتأثير السيئ، بل والقاتل، الذي سيحدثه انخفاض كبير في سن الإعفاء للحريديين على القطاعات الأخرى في المجتمع.
هذه ستكون الخاتم النهائي بأن الدولة حتى في ظل الحكومة الحالية غير المحبوبة لا تؤمن حتى بأي شكل ظاهري للمساواة، وسيخلد نهائياً اتفاق فيه علمانيون وقسم من المتدينين القوميين (الذين ليسوا طلاباً في مدارس الاتفاق والذين يحصلون على مسار خدمة قصير دون أي مبرر) سيتحملون وحدهم عبء الخدمة.
قسم منهم أيضاً سيتعرض للخطر نفسياً وجسدياً. الحريديون سيحصلون على إعفاء مسبق بإذن وبصورة شرعية والدولة ستزودهم حتى بمسارات التفافية من أجل تلقي فوائد حتى لا يتم حرمانهم، لا سمح الله، مقارنة مع من يتحملون العبء.
حتى طلب من لا يخدمون في الجيش خدمة وطنية أو خدمة مدنية بديلة، سيتضاءل.
هذا تفكير سيغضب تقريباً كل آباء الجنود والمجندات. هذا القرار هو مثل حقنة سم أخيرة للفكرة التي تحتضر أصلاً، جيش الشعب.
هي ستسقط على أرض هائجة بشكل خاص لأنه في الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي تحظى الخدمة العسكرية بأهمية استثنائية، مثلما برهن على ذلك احتجاج الطيارين في الاحتياط.
إذا كان نتنياهو يريد أن يضمن، في كل يوم سبت من الآن وحتى إشعار آخر، 100 ألف متظاهر آخر في تل أبيب وفي أرجاء البلاد فلا شك في أن الخضوع لطلبات الحريديين سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح.
من المرجح أنه بين المتظاهرين الجدد سيكون عدد غير قليل من مصوتي الليكود والعلمانيين والتقليديين. في حين أن مشاريع قوانين أخرى مجمدة كما يبدو، فإن الدمج بين تمرير قانون التهرب وفقرة الاستقواء سيجمع ضده الاحتجاج وسيعززه فقط.
على الطريق، من شأنه أن يمس بالدافعية لخدمة عسكرية مهمة، ليس فقط في أوساط رجال الاحتياط، بل أيضاً في أوساط المجندين القادمين.