ترجمات عبرية

هآرتس: مراهنة حسن نصر الله على حياته فشلت، وتنظيمه يستعد لتنفيذ عمليات ثأر في الخارج

هآرتس 29/9/2024، عاموس هرئيلمراهنة حسن نصر الله على حياته فشلت، وتنظيمه يستعد لتنفيذ عمليات ثأر في الخارج

امين عام حزب الله، حسن نصر الله، قتل حقا بقصف اسرائيلي في بيروت مساء يوم الجمعة الماضي، هكذا تم التأكيد أمس في الجيش الاسرائيلي وفي حزب الله. هذا بلا شك العملية الاكثر دراماتيكية في الجبهة اللبنانية منذ أن قامر حسن نصر الله وقرر الانضمام الى الهجمات على اسرائيل في 8 تشرين الاول الماضي بعد يوم على هجوم حماس الارهابي في غلاف غزة. بأثر رجعي نقول إنه بقراره قامر ايضا على حياته. وأمس خسر.

عملية الاغتيال فاقمت الفوضى في صفوف المنظمة الشيعية وزادت قلق راعيته ايران التي توقعت منه نتائج مختلفة تماما. ولكن رغم أن حسن نصر الله هو المسؤول عن موت آلاف المدنيين والجنود، من اسرائيل ومن الدول الغربية، فانه من الافضل تخفيف هتافات النصر. حتى عندما يكون حزب الله وايران مصابون بالصدمة الآن من العملية المفاجئة فانه يجب على اسرائيل الاستعداد لتصعيد محتمل في ردودهم، هذا يمكن أن يحدث بواسطة اطلاق صواريخ كثيف على شمال البلاد والمركز، وايضا عن طريق تدخل اكبر للحوثيين في اليمن وتدخل المليشيات الشيعية في سوريا والعراق.

صباح أول أمس بدأ الاطلاق من لبنان الذي وجه نحو الجليل والاغوار والسامرة ومنطقة وادي عارة. اطلقت عشرات القذائف، صاروخ ارض – ارض سقط في منطقة مفتوحة في مركز البلاد. في هذه المرحلة لم يتم الابلاغ عن اصابات ولم يسجل بعد اطلاق كثيف على تل ابيب الكبرى.

بؤرة قلق رئيسية اخرى تتعلق بالتجمعات الاسرائيلية في الخارج والجاليات اليهودية هناك. بعد اغتيال سلف حسن نصر الله، عباس موسوي، في العام 1992، وقفت ايران وحزب الله وراء عمليات تفجيرية ضد سفارات اسرائيل وضد مبنى الجالية اليهودية في الارجنتين. في هذه المرة الحساب للمدى البعيد هو أكبر.

عندما استبدل حسن نصر الله موسوي سرعان ما تبين أن التصفية الاولى كانت عملية خاطئة. تبين أن حسن نصر الله كزعيم حول حزب الله من منظمة محلية الى رأس حربة هجوم نفوذ ايران في كل المنطقة. لأن رجاله سفكوا دماء الكثير من السنيين عندما حاربوا الى جانب نظام الاسد في الحرب الاهلية في سوريا في العقد الماضي فانه من غير المفاجيء أن التقارير عن موته استقبلت بفرح في عدة دول سنية وفي اوساط الطوائف الاخرى في لبنان.

قنبلة تلو قنبلة

اسرائيل توجد الآن في منحى تصعيد واضح امام حزب الله منذ 17 ايلول، وهو اليوم الذي حدث فيه هجوم البيجرات في لبنان (هذه العملية لم يتم تحمل المسؤولية العلنية عنها). في يوم الاربعاء الماضي تبلور قرار في المستوى السياسي، الذهاب الى الخطوة الاكثر شدة وهي اغتيال الامين العام. الترددات استمرت حول ذهاب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لالقاء خطاب في الجمعية العمومية في نيويورك في تلك الليلة. وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الاركان هرتسي هليفي ورئيس الموساد دادي برنياع ضغطوا لمواصلة العملية.

نتنياهو كانت له كما يبدو تحفظات، حتى على خلفية الخطاب وازاء الاقتراح الامريكي – الفرنسي للاعلان عن وقف اطلاق النار. في نهاية المطاف قرر العمل في الوقت الذي كان فيه في نيويورك (إن كان قد اضطر الى تبكير عودته الى هذا اليوم). حسب ادعاء جهات سياسية أن ذهابه الى الجمعية العمومية كان جزء من عملية التمويه التي استهدفت تضليل حسن نصر الله، يمكن أن نتعامل بنفس درجة الجدية ايضا مع خدع اخرى تناقض ذلك، التي اطلقها مكتب رئيس الحكومة مؤخرا.

الهجوم حدث عندما كان حسن نصر الله يوجد في منشأة تحت الارض تستخدم كقيادة للمنظمة، تحت مبنى متعدد الطوابق في الضاحية، الحي الشيعي في بيروت. الانفجار في الضاحية كان كبير جدا الى درجة أن احتمالية الخروج بسلام من هذا الهجوم، حتى بالنسبة للاشخاص الذين كانوا تحت الارض، كانت ضئيلة جدا. شهود عيان ابلغوا عن تدمير ضخم وحفرة عميقة التي من شأنها أن تدل على استخدام محسوب لقنبلة تلو قنبلة من اجل اختراق عمق الارض. هذه قدرة عرضها سلاح الجو للمرة الاولى في 2016 عندما قام بتدمير بقنابل اختراقية انفاق في قطاع غزة. ايضا ايران، التي جزء من منشآتها النووية موجودة تحت الارض، يمكن أن يكون لها اهتمام كبير بقدرة اسرائيل الكبيرة التي تم استعراضها. من بيروت نشر عن مئات العالقين تحت الانقاض. ربما عدد القتلى والجرحى في الانفجار سيصل الى بضع مئات.

حسن نصر الله عقد كما يبدو جلسة تشاور مع شخصيات رفيعة اخرى، على خلفية تفاقم العمليات الهجومية الاسرائيلية. حسب منشورات اجنبية فانه بين القتلى كان يوجد ايضا جنرال ايراني، نيلفروشيان، الذي حل محل حسن مهداوي في رئاسة فيلق القدس لحرس الثورة في سوريا ولبنان. قتيل آخر هو علي كركي، قائد جبهة الجنوب في حزب الله، الذي نجا من محاولة اغتيال في الاسبوع الماضي.

عدد القتلى الكبار في حزب الله مرتفع جدا. المس بسلسلة القيادة اكثر شدة مما كان يمكن تقديره في البداية. جزء من القادة الذين قتلوا هم اصحاب تجربة تصل لعشرات السنين في مناصبهم. من سيأتون بعدهم يجب أن يحاولوا الدخول الى احذيتهم الكبيرة خلال الحرب، حيث حزب الله جريح وبقايا قيادته في حالة هرب.

يضاف الى ذلك الآن موت حسن نصر الله. في الخلفية يتم الشعور بمس شديد بشبكات الاتصال ومخازن السلاح لحزب الله. جزء كبير من القدرات الصاروخية لحزب الله، بما في ذلك التي للمدى المتوسط، اصيبت بصورة شديدة رغم أن الجيش الاسرائيلي امتنع في هذه الاثناء ذكر تقديرات بالارقام، خلافا لبعض السياسيين. يمكن التدليل عن الفوضى في صفوف حزب الله الرد المحدود له في ساعات ما بعد عملية الاغتيال، الى أن استؤنف اطلاق الصواريخ صباح أمس. وحتى الآن لا يوجد أي شك في أن جزء من وحدات الاطلاق تواصل العمل وفقا للسيناريوهات التي تدربت عليها خلال سنين. ايضا سلاح الجو يواصل هجماته في جنوب لبنان وفي البقاع وفي بيروت. الجيش الاسرائيلي طلب من سكان الضاحية الجنوبية الاخلاء حول بعض المواقع التي فيها حسب اقواله يخفي حزب الله مخازن سلاح.

عن المس بحسن نصر الله وسلسلة النجاحات العملياتية في الاسبوعين الاخيرين، مسؤول بالاساس عاملين يتعرضان للانتقاد الشديد في المنظومة الامنية منذ سنتين تقريبا، سلاح الجو وجهاز الاستخبارات. اسرائيل اظهرت في الفترة الاخيرة افضلية كبيرة على حزب الله، في جمع المعلومات والتخطيط والتنفيذ، اكثر بكثير مما قدروا في بيروت وفي طهران. هذه هي نتائج عمل متواصل وجذري، جرى خلال 18 سنة منذ انتهاء حرب لبنان الثانية. هذا هو الفرق بين ساحة رئيسية، التي فيها استثمرت الجهود المطلوبة وبين الاستخفاف والغطرسة التي تعاملت بها كل المنظومة مع قطاع غزة كساحة ثانوية حتى كارثة 7 تشرين الاول.

المفاوضات دُفنت

الضربات غير المسبوقة التي تعرض لها حزب الله تثير بالتأكيد التخبط في طهران. ترسانة السلاح الضخمة في لبنان بنيت بتمويل ايران لردع اسرائيل عن مهاجمة المنشآت النووية. بعضها تم فقدانه في الفترة الاخيرة والمتبقي يوجد في خطر، اذا استمرت الحرب في الشمال. توجد لايران اعتبارات اخرى على رأسها علاقتها مع الولايات المتحدة والرغبة في التقدم من تحت الرادار في تطوير المشروع النووي وفي المقابل الوصول بسلام الى الموعد النهائي الذي سيكون فيه بالامكان اعادة فرض العقوبات عليها في اطار الاتفاق مع الدول العظمى في 2015، بعد سنة. هذه كما يبدو هي الاسباب التي بسببها امتنعت حتى الآن، رغم تهديداتها، عن القيام بانتقام مباشر من اسرائيل على اغتيال اسماعيل هنية، الذي هو من كبار قادة حماس، في طهران قبل شهرين تقريبا. في المقابل النظام يجب أن يأخذ في الحسبان المس الشديد بمكانة حزب الله في لبنان وفي كل العالم العربي. من لوح براية المقاومة العنيفة لاسرائيل وشكل نموذج ايضا لمنظمات الارهاب الفلسطينية يوجد في اكبر ازمة في تاريخه ويفقد بسرعة شعبيته، وحتى في اوساط الطائفة الشيعية في لبنان.

الاكثر اهمية هو الرد الامريكي على الاحداث الاخيرة. الهجوم في الضاحية دفن نهائيا، ليس فقط حسن نصر الله وكبار قادة حزب الله، بل ايضا جهود وقف اطلاق النار في الصيغة الحالية. الادارة الامريكية يجب عليها طرح وبسرعة خطة جديدة واستخدام الضغط السياسي الذي لم تستخدمه حتى الآن، اذا كانت تنوي التوصل الى نتائج. لا يوجد للامريكيين قدرة حقيقية على التنصل من تصفية حسن نصر الله، العدو اللدود والمسؤول خلال اربعين سنة عن موت الكثير من مواطنيهم. ولكنهم ايضا غير راضين عن خطوات نتنياهو، الذي أمر بالهجوم اثناء عملية المفاوضات حول وقف النار. ايضا في الادارة الامريكية هناك خوف كبير من أن رئيس الحكومة يحاول جر الولايات المتحدة الى حرب اقليمية لضرب المنشآت النووية في ايران.

يبدو أن تصفية حسن نصر الله تعطي اسرائيل أخيرا الفرصة لانهاء المناوشات الدموية في الشمال وفي الجنوب. في الجيش يقولون إن الذراع العسكري لحماس تمت هزيمته فعليا في قطاع غزة، بعد استكمال العملية في رفح، وأن حماس تعمل الآن فقط على صيغة مقلصة جدا تتمثل بحرب العصابات. حسب موقف هيئة الاركان فان هذه فرصة للعودة والدفع قدما بصفقة التبادل. القلق على مصير الـ 101 مخطوف المحتجزين في القطاع ازداد بشكل كبير على خلفية الظروف القاسية التي احتجز فيها المخطوفون الستة الذين قتلوا على يد حماس وتم العثور على جثثهم في رفح.

في المقابل، هناك ضغط على الحكومة من قبل رؤساء مجالس في الجليل وسكان الشمال من اجل عدم وقف الهجوم على حزب الله والسعي ايضا الى عملية برية، بهدف خلق وضع امني مستقر اكثر على الحدود مع لبنان. رغم الاستعداد للعملية البرية إلا أنه يبدو أن القرار النهائي لم يتخذ بعد. كالعادة هذا القرار يتعلق بالاعتبارات السياسية لنتنياهو واعتماده المطلق على شركائه في الائتلاف في اليمين المتطرف الذين يدفعون نحو مواصلة الحرب الأبدية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى