ترجمات عبرية

هآرتس: مخاطر استئناف الحرب

هآرتس 9/3/2025، عاموس هرئيلمخاطر استئناف الحرب

العاصفة حول انهاء خدمة العميد دانييل هجاري في الجيش الإسرائيلي ابعدت جانبا عن الجمهور موضوع آخر، له تداعيات هامة، وهو خطة رئيس الأركان الجديد ايال زمير، القيام بهجوم واسع ضد حماس في قطاع غزة – زمير يسرع الآن الاستعداد للخطة الطموحة وهو على قناعة بأنها ستؤدي الآن الى نتائج حاسمة أكثر اذا تم اعطاءه الضوء الأخضر. ولكن أكثر مما يتعلق الامر بالحكومة فانه يتعلق بتطورات أخرى. التقدم في المفاوضات حول تطبيق صفقة المخطوفين وموقف الرئيس الأمريكي ترامب.

في يوم الخميس، اليوم الأول في ولايته، خرج زمير كما هو مطلوب لاجراء زيارة في قيادة المنطقة الجنوبية وفرقة غزة، بصورة تقليدية بدرجة معينة، مع من يتشاورون في مكتب رئيس الأركان، مع روح المتوفى ايتان بار؟ رئيس الأركان تم توثيقه وهو “يرسل القوات الى تمرين فجائي فيه هجوم لحماس. وكأن آخر الضباط في فرقة غزة لم يعرف مسبقا أنه يتوقع أن يكون ارسال كهذا للقوات. 

ولكن الأكثر أهمية من التمرين هو ما حدث وراء الكواليس. فرئيس الأركان ناقش بالتفصيل الخطط الآخذة في التبلور. في هذا الأسبوع سيدخل تعيينه الاول الى حيز التنفيذ، وهو تعيين الجنرال ينيف عاسور في منصب قائد المنطقة الجنوبية بدلا من فنكلمان الذي قدم استقالته. زمير قال للمستوى السياسي بأنه يحتاج الى بضعة أسابيع للاستعداد من اجل أن تكون خطته الجديدة كاملة. هذه الخطة تنطوي على تفعيل عدة فرق على الأقل في القطاع، وإعادة تجنيد عشرات آلاف رجال الاحتياط. الهدف هو هجوم عنيف جدا، واسع، يبدو على طول القطاع، يستهدف البنى التحتية العسكرية لحماس الموجودة والمتجددة. أيضا في هذه المرة الحديث يدور عن دفع السكان الى مناطق إيواء، لكن في هذه المرة إسرائيل تنوي إدارة بنفسها ارساليات المساعدات الإنسانية.

من الجهة الأخرى هناك شهادات متراكمة على إعادة تنظيم حماس لنفسها واشارات متزايدة على سيطرتها المدنية والعسكرية. هذه تبرز في حضور واضح لمن يحملون السلاح من الذراع العسكري في الشوارع من خلال استغلال وقف اطلاق النار الذي دخل الى حيز التنفيذ في منتصف كانون الثاني. حماس أيضا تقوم بوضع عبوات مفخخة كبيرة في المباني والشوارع في ارجاء القطاع. وخبراء المتفجرات لديها يفككون المواد المتفجرة من القنابل التي لم تنفجر والتي القاها سلاح الجو في اثناء الحرب. 

كالعادة تم تسريب يوم أمس تهديدات من إسرائيل الى “وول ستريت جورنال”، الصحيفة الامريكية، تقرير بأن الجيش الإسرائيلي يقوم باعداد خطة تشمل عملية برية جديدة في القطاع. في هذا التقرير اقتبس وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي قال إن “لخطوات القادمة يمكن أن تشمل قطع الكهرباء والمياه مثلما تم مناقشة ذلك في جلسة للحكومة قبل أسبوع. بعد ذلك يتوقع أن تكون عمليات قصف من الجو واخلاء للسكان من شمال القطاع واقتحام آخر للأراضي الفلسطينية.

هذه العملية تطرح عدة علامات استفهام، من بينها الخطر المؤكد على حياة الجنود والمخطوفين. يجب التحذير أيضا من خطر أن تقوم خطة التطهير العرقي برفع رأسها القبيح. عندما يوفر ترامب الدعم لإسرائيل والسلاح الثقيل والجرافات ويشير الى غضبه من الفلسطينيين، يزداد خطر أن تفسر الحكومة والجيش ذلك كتصريح للعمل بدون أي كوابح للقانون الدولي. هناك أسئلة أخرى: كم عدد رجال الاحتياط الذين سيتجندون للعملية الجديدة التي يمكن أن تعرض حياة المخطوفين للخطر؟ ماذا ستفعل حالة طواريء أخرى وتجنيد عام بالاقتصاد الإسرائيلي؟ كم عدد القوات التي ستبقى للاستخدام في القطاعات الأخرى؟ في الخلفية يقف تهديد إسرائيل المتزايد بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. هل الجيش الإسرائيلي قادر على القتال في عدة ساحات متحدية جدا في نفس الوقت؟.

ربما أنه مثلما في موضوع ايران، ترامب يستخدم تهديد إسرائيل العسكري كأداة ضغط لتحقيق إنجازات افضل في المفاوضات. عندها هذا هو التقدير الذكي: سنرى في غزة تهديد، وربما عملية عسكرية قصيرة، وبعد ذلك استعداد حماس لتقديم تنازلات عندما يكون السيف مسلط مرة أخرى على عنقها. ولكن هذه ليست أوقات معقولة. ترامب يغير رأيه كل يومين، ونتنياهو توجد له مصلحة في الحفاظ على الحرب كوسيلة لبقاء الائتلاف على قيد الحياة، حتى لو نجح في تمرير الميزانية في الكنيست في نهاية الشهر كما يأمل.

قمة حياته المهنية

بيان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي عن استقالة هاجري اثار ردود الانفعالية، من اليمين واليسار. البيبيون فرحوا من إزاحة ضابط خطير من الطريق. في اليسار وفي أوساط معظم المراسلين كان هناك غضب وحزن حول تعامل رئيس الأركان الجديد مع المتحدث، وهو من الأشخاص القلائل المتميزين في الحرب. هوس اليمين بهاجري هو دليل آخر على الجنون المطلق الذي يسيطر على معسكر نتنياهو منذ بداية الحرب. هذا الهوس المرضي يستند الى عدة ملاحظات هامشية له في فترة عاصفة وبسبب حقيقة أنه عمل في السابق كرئيس مكتب وبعد ذلك كمساعد لرئيس الأركان بني غانتس ورئيس الأركان غادي ايزنكوت. الآن غير مطلوب اكثر من ذلك لتشويه شخص.

في كانون الأول الماضي هدد المقرب من نتنياهو، يعقوب بردوغو، في بث في الإذاعة، بأنه اذا قرر وزير الدفاع يسرائيل كاتس ترقية هاجري الى رتبة جنرال فان ذلك سيكون التعيين الأخير له في ولايته. لذلك، عندما نشر البيان حول هاجري بعد يومين على تسلم زمير لمنصبه فانه من الطبيعي الربط بين النقاط. عمليا، القصة معقدة اكثر قليلا، رغم أن زمير لم يخرج عن اطواره بالضبط كي يبقي هاجري في الخدمة العسكرية.

الآن الى الحقائق نفسها: ثلاثة متحدثون من بين الخمسة متحدثين بلسان الجيش الأخيرين تمت ترقيتهم الى رتبة جنرال، وكلما تطور المتحدث في المسار الوظيفي، وبالتأكيد القتالي، فان فرصته لمواصلة حياته المهنية العسكرية في نهاية فترة المتحدث تعتبر أكبر. وظيفة المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي تعتبر وظيفة ثقة، لذلك على الاغلب من العادة أن يتم تغيير المتحدث في فترة قصيرة من تغيير رئيس الأركان، حتى لو كان الامر يتعلق بأشهر وليس بأيام. رونين منليس بقي ثمانية اشهر تحت قيادة افيف كوخافي كرئيس للاركان رغم أن العلاقة بينهما كانت متوترة جدا. في حالة هجاري، إزاء تميزه في منصبه في الحرب، وحقيقة أن أبناء جيله (49 سنة) والاصغر منه، ابن طاقمه في الكوماندو البحري دان غولدفوس، والعميد ايتسيك كوهين، تمت ترقيتهما الى رتبة جنرال، لذلك فانه من المنطقي أن يأمل الترقية.

ولكن زمير اعتقد غير ذلك وقال لهاجري بأنه ينوي تعيينه في منصب آخر كعميد، الوظيفة الثالثة بهذه الرتبة، رغم أنه لم يذكر وظيفة معينة. بعد ذلك أضاف بأنه سيفحص ترقيته الى رتبة جنرال. أنا نفسي، قال له، شغلت ثلاثة مناصب برتبة عميد (حتى لو أن زمير حصل على رتبة الجنرال في سن 46). الامر الذي اثار هاجري كما يبدو هو كلمة تجميد، التي ذكرت في هذا السياق. أن تذهب الى فترة انتظار لسنتين بدون وعد ملموس برتبة وتحت هجوم دائما للابواق، ظهر له كمسار غير ناجح، ولذلك طلب الاستقالة. 

حتى الآن هذه عملية مؤلمة، لكنها ليست بالضرورة مسممة. في السابق كانت صدامات كهذه في الجيش الإسرائيلي، وربما أن هاجري أيضا قد بكر قليلا في بداية النقاش حول أفق خدمته. المشكلة الأساسية هي الدور السلبي الذي تشغله هنا القناة البيبية، من تهديد بردوغو وحتى تسريب “هاجري انتهى”، التي صدرت في يوم الخميس. ليس هكذا يتم التعامل مع ضابط متميز. زمير ارتكب خطأ مقلق بالصورة التي عالج فيها الحدث المتفجر الأول في ولايته. أيضا هو في الأصل متهم في نظر جمهور كبير، على خلفية تعيينه من قبل نتنياهو، والآن هو يفقد في نظره الكثير من الثقة.

بخصوص هاجري نفسه هو لا يحتاج الى علامات مني على أدائه كمتحدث، الذي كان استمرار مباشر لمسيرة مهنية مؤثرة كمحارب وقائد في الاسطول 13. ليسأل نفسه كل قاريء من صب فيه الأمن النسبي ومن صدقه في ظل الانطباع الفظيع لمذبحة 7 أكتوبر. من كان الوحيد الذي تجرأ بعد شهرين ونصف على الوقوف أمام الأمة في ليلة الجمعة الفظيعة تلك التي فيها قتل الجيش الإسرائيلي بالخطأ ثلاثة مخطوفين بعد نجاحهم في الهرب بصورة عجيبة من أيدي حماس؟ من اهتم بالحفاظ على قناة اتصال مع عائلات المخطوفين حتى في الأيام القاسية جدا، واهتم بالحضور وتقديم الاحاطات وحتى الاعتذار عندما حدثت أخطاء في التعامل معها؟ من غير الغريب أن عائلات المخطوفين تأثرت من استقالته. 

الجزء المعروف أقل في ولاية هجاري يتعلق بعمله من وراء الكواليس للدفع قدما بتحرير جنود الجيش الإسرائيلي المخطوفين، لا سيما المراقبات الخمسة. عندما تجمد آخرون في الحكومة وفي جهاز الامن هو الذي اهتم باستغلال فيلم تم ضبطه في الحرب لدى حماس من اجل إعادة المخطوفات. في الفيلم ظهرت مشاهد فظيعة في موقع ناحل عوز العسكري حيث كانت ليري الباغ وصديقاتها وهن مقيدات ويرتجفن من الخوف وفي الخلف جثث صديقاتهن اللواتي قتلن ورجال حماس يتعاملون معهن وكأنهن ابقار مخصصة للذبح. هذه كانت علامة حاسمة على الحياة للعائلات، ولكن مرت اشهر الى أن تم نشر الفيلم. حيث أنه عرف كيف يحوله الى حملة إعلامية وضعت ألم المراقبات على رأس الاجندة الإعلامية، الامر الذي اغضب سموتريتش وامثاله.

هذه العملية وغيرها من العمليات التي لم تنشر ساعدت في تجنيد الرأي العام في البلاد وفي الخارج لقضية المراقبات. من غير الغريب أنهن وعائلاتهن مدينون بالشكر لهاجري. ليس فقط وسام رئيس الأركان للاسطول الذي كان يترأسه بسبب عمليات الرسو المجهول في شواطيء العدو، هذه قمة حياته المهنية العسكرية الطويلة، التي فقط بسببها هو يستحق خمسة أماكن في الجنة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى