ترجمات عبرية

هآرتس: محاصرة العدو لا تعتبر جريمة حرب

هآرتس 1/11/2024، غيورا آيلاند: محاصرة العدو لا تعتبر جريمة حرب

في مقال لهيئة التحرير في “هآرتس” في 23/10 كتبت عني اقوال انتقادية شديدة، وحتى أنه تم اتهامي بعرض خطة مجرمة لانهاء الحرب. عنوان المقال كان “الجنرالات المتحايلون والجشعون”. هكذا، أنا ادرك سلبياتي الكثيرة، لكن الخداع والجشع ليست من بينها. أنا سأتحمل النظرة الشخصية وسأحاول توضيح نقاط مهمة أكثر. 

الأخطاء االكبيرة التي ارتكبت منذ بداية الحرب وحتى الآن: العملية الأولى التي يجب اتباعها عند فحص الاستراتيجية هي تعريف الرواية، أي شرح القصة. قبل 18 سنة تحول قطاع غزة عمليا الى دولة مستقلة، كانت لها كل خصائص الدولة: حدود واضحة، نظام مركزي مستقر، سياسة خارجية مستقلة وجيش خاص بها. بالنسبة للداخل تطورت فيها عملية تشبه العملية التي جرت في المانيا في ثلاثينيات القرن العشرين. الحزب الذي فاز في الانتخابات في 2006، حماس، نجح في توحيد ودمج الحزب مع كل المؤسسات الأخرى التي عملت في القطاع، وخلق شعب متماسك موحد على أساس دعم الزعماء والايديولوجيا. 

الطريقة الصحيحة والوحيدة لوصف ما حدث في 7 تشرين الأول 2023 هو ما يلي: دولة غزة شنت حرب قاتلة على دولة إسرائيل. وبدلا من الفهم بأن هذا هو الواقع فان حكومة إسرائيل والجيش الإسرائيلي ووسائل الاعلام، تبنوا الرواية الخاطئة التي تقول بأن منظمة حماس الإرهابية في الحقيقة نفذت عملية إجرامية، لكن لا يوجد لهذه الجرائم أي صلة بسكان غزة “الأبرياء”. هذه الرواية الخاطئة أدت الى اختيار استراتيجية ارتكزت كلها، وما زالت، على عملية واحدة وهي الضغط العسكري. 

الاعتماد على الضغط العسكري فقط هو خطأ كبير. هيا نفحص ذلك في مثال: ماذا كان سيحدث لو أن دولة لوكسمبورغ الصغيرة نفذت عملية مشابهة، أي قامت بمهاجمة بلجيكا بشكل مفاجيء وقتلت 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واختطفت 250 مواطن بلجيكي. من المؤكد أنه حتى قبل تنفيذ أي عملية عسكرية، كانت بلجيكا ستقوم باغلاق الحدود بين الدولتين وفرض الحصار على لوكسمبورغ. دولة إسرائيل كان يجب عليها العمل بنفس الطريقة بالضبط. لو أننا تصرفنا بهذا الشكل لكان يمكننا إعادة جميع المخطوفين منذ فترة طويلة، وانهاء الحرب وحتى توفير أرواح آلاف المدنيين الفلسطينيين. في مثل هذا السيناريو لم يكن سيبقى لحكومة غزة أي خيار باستثناء التنازل.

دليل جزئي على ذلك يمكن ايجاده في الطريقة التي تم فيها تحقيق صفقة التبادل الوحيدة حتى الآن قبل سنة تقريبا. إسرائيل حصلت على عشرة مخطوفين على قيد الحياة كل يوم، اطلقت سراح فقط 3 سجناء غير مهمين مقابل كل مخطوف. الجيش الإسرائيلي لم يكن مطلوب منه القيام بأي انسحاب كشرط للصفقة. كيف ذلك؟ سبب ذلك بسيط وهو أنه حتى تلك الصفقة دخل الى القطاع شاحنتين للمواد الغذائية في اليوم. حماس طالبت بزيادة عدد الشاحنات الى 200 شاحنة. هذه كانت الحاجة الضرورية جدا بالنسبة لها، لذلك فقد أظهرت استعدادا كبيرا للموافقة على التنازل. خطأ إسرائيل كان هو أننا لم نهتم بأن يتم تخفيض كمية المواد الغذائية الى شاحنتين فقط في اليوم التاسع من الصفقة، وهو اليوم الذي خرقت فيه حماس الصفقة.

افضلية حماس هي أنه في غزة تحدث مواجهتان، مواجهة عسكرية ومواجهة سياسية. في الجانب العسكري الجيش الإسرائيلي حقق انتصارا باهرا. في الجانب المدني، في المقابل، حماس فازت. هي تنجح في الحفاظ على سيطرتها السياسية في القطاع لسببين. الأول، لأن إسرائيل أوقفت أي مبادرة لخلق بديل سلطوي. الثاني، لأن حماس تسيطر على الجانب الهام جدا، أي الاقتصاد.

في العام 1992 قال بيل كلينتون “انه الاقتصاد، أيها الغبي”. حماس هي التي تقوم بتوزيع الغذاء في القطاع، ونتيجة لذلك هي تحظى بثلاث افضليات. الأولى، هي تعتبر السلطة التي تهتم بالمواطنين. الثانية، هي تصبح ثرية من المواد الغذائية التي تحصل عليها بالمجان ولكنها تبيعها بأسعار عالية. الثالثة، بمساعدة الأموال الكثيرة التي راكمتها، ليس فقط هي تنجح في تمويل رجال الحكم المخلصين لها، بل هي أيضا تجند مقاتلين بدلا من المقاتلين الذين قتلوا.

ما العمل اذا؟ منذ اشهر كثيرة أنا أقول بأن القرار الأكثر صحة هو الموافقة على انهاء الحرب في قطاع غزة مقابل تطبيق شرط واحد وهو إعادة جميع المخطوفين بمرة واحدة. ولكن ما الذي يجب فعله اذا لم يتحقق هذا الشرط، سواء بسببنا أو بسبب الطرف الثاني؟. ادعائي هو أن استمرار العمليات العسكرية كما تجري منذ سنة لن يحقق أي هدف. بعد نصف سنة سنجد انفسنا في نفس الوضع بالضبط، فقط مع المزيد من الجنود القتلى ومع صفر من المخطوفين الاحياء. اذا يجب التفكير باستراتيجية أخرى، استراتيجية يمكن أن تخلق ضغط حقيقي على الطرف الثاني. الحل الوحيد الذي يمكنه تحقيق ذلك يكمن في السيطرة على منطقة جغرافية، هذه الخطوة مخصصة لحاجة امنية فقط، وتكون صالحة الى حين التوصل الى الاتفاق. الكرامة والأرض هي القيمة الوحيدة التي تؤثر على الزعماء العرب. لذلك فقد اقترحت احتلال شمال القطاع. 

من خلال جهل كبير كتب في مقال هيئة التحرير في “هآرتس” الاقوال التالية: “خطة آيلاند هي جريمة حرب وتخالف قرار مجلس الامن رقم 2334 الذي نص على أنه “يجب عدم احتلال أي ارض باستخدام القوة، أي عملية عسكرية”. اريد الإشارة الى ملاحظتين في سياق هذه الاقوال. الأولى هي أن قرار الأمم المتحدة 2334 يتطرق الى سرقة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية لصالح المستوطنات اليهودية. لا توجد أي صلة بين هذا القرار وبين ما اقترحته. الثانية، يمكن الفهم من مقال هيئة التحرير بأن احتلال أي ارض عن طريق الحرب هو عملية محظورة، وحتى أن ذلك يعتبر جريمة حرب. هذا الادعاء لا أساس له وهو مدحوض تماما. الظاهرة الأكثر انتشارا والأكثر شرعية في زمن الحرب هي احتلال الأرض. من يعتقد أنه محظور احتلال الأرض وكأنه يدعي بأنه محظور تقطيع الخضراوات عند اعداد السلطة.

لأنه مسموح احتلال ارض اثناء الحرب فانه يطرح سؤال كيف يجب فعل ذلك. احتمالية من بين الاحتمالات هي فعل ذلك عندما يكون يوجد في المكان مئات آلاف المدنيين. النتيجة بالضرورة ستكون عدد كبير من القتلى الأبرياء. الاحتمالية الثانية هي العمل قبل ذلك من اجل أن لا يكون مدنيون في المنطقة. ليس بالصدفة أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل قبل العملية في رفع نقل أكبر عدد من السكان الى منطقة أخرى. هذا ما فعلناه، وعدد المصابين المدنيين في المنطقة كان ضئيلا.

أنا اقترح تنفيذ نفس العملية بالضبط في شمال القطاع. يجب احتلال المنطقة على مرحلتين. في المرحلة الأولى اخلاء المدنيين، وفي المرحلة الثانية العمل ضد المخربين الذين سيبقون هناك. ولأن هذه المنطقة، من ممر نيتساريم وشماله هي محاصرة من قبل إسرائيل منذ تشرين الثاني 2023 فان الطريقة الأكثر نجاعة والأكثر توفيرا (من ناحية المصابين) هي عن طريق فرض الحصار، وليس الاقتحام. الحصار يعتبر تكتيك عسكري مقبول ومصادق عليه حسب القانون الدولي. في زمن اعداد الخطة التي تسمى “خطة الجنرالات” قمت بنسخ من “الدليل” الرسمي للجيش الأمريكي الفصل الذي يتناول الحصار. للاجمال، خطة احتلال شمال القطاع قدمتها للجيش الإسرائيلي قبل عشرة اشهر. ولو أننا نفذنا ذلك في حينه لكانت الحرب انتهت ولكان جميع المخطوفين في أيدينا. لو أن حماس فهمت بأن عدم إعادة المخطوفين يعني فقدان حوالي 35 في المئة من أراضي القطاع لكانت تنازلت منذ فترة طويلة. أيضا لا يوجد أي بند في خطتي يعارض القانون الدولي الإنساني.

 

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى