ترجمات عبرية

هآرتس: مجال مفتوح للمناورة، وفي الميدان بعيدون عن النصر الاستراتيجي

هآرتس 2024-02-10، بقلم: عاموس هرئيل: مجال مفتوح للمناورة، وفي الميدان بعيدون عن النصر الاستراتيجيالاســتـراتيجي

رد “حماس” على عرض دول الوساطة، مصر وقطر، لصفقة مخطوفين أخرى، تم تسلمه في إسرائيل في منتصف الأسبوع. بعد بضع ساعات تم تسريه بالكامل لعدد من وسائل الإعلام وعلى رأسها صحيفة “الأخبار” اللبنانية المتماهية مع “حزب الله”. خلافا للانطباع الذي تولد في البداية فإن رد “حماس” لم يتضمن رفضا مطلقا للاقتراح.

عدد من الخبراء في موضوع “الأسرى والمفقودين” الإسرائيليين يعتقدون أن هذا شكّل أرضا خصبة للعمل، ومعه احتمالية معينة للتقدم في المفاوضات. أيضا المؤتمر الصحافي لبنيامين نتنياهو في يوم الأربعاء الماضي، مع كل الخدع التي تميز هذا الشخص لم يعكس رفضا مطلقا للصفقة أو رفضا كاملا لطلبات “حماس”.

المفاوضات لا تتقدم بالوتيرة التي كان يمكن توقعها، بالتأكيد أمام الخوف الواضح والفوري على سلامة المخطوفين الذين بقوا على قيد الحياة. حتى الآن هذه هي المرة الثانية التي فيها الانطباع الذي تولد لدى الجمهور فيما يتعلق بالصفقة مختلف عما يحدث فعليا. قبل أسبوعين، بعد قمة باريس بين ممثلي إسرائيل والولايات المتحدة ودول الوساطة، انتشرت تقارير خاطئة عن اختراقة سريعة. الآن يسود التشاؤم وكأن الصفقة عالقة تماما بسبب طلبات “حماس” المتشددة. لكن يبدو أنه ما زال هناك هامش معين للمناورة.

هاكم ما حدث بالفعل: بعد باريس، نتنياهو حرص على تسريب طلبين متشددين لـ”حماس” وهما إطلاق سراح آلاف المخربين والوقف الشامل للحرب، مع انسحاب شامل لقوات الجيش الإسرائيلي من القطاع. بعد ذلك اعلن رئيس الحكومة بشكل علني أنه لن يوافق على هذه الطلبات. لكن رد “حماس”، كما تم تسلمه في هذا الأسبوع، مختلف قليلا. “حماس” تتحدث طبقا لاقتراح الوسطاء عن إطلاق سراح 35 مخطوفا لمبررات “إنسانية”، نساء (من غير الواضح إذا كان هذا يشمل المجندات)، كبار سن ومرضى وجرحى. في المقابل مطلوب وقف كامل لإطلاق النار مدته 45 يوما، لكن المطالبة بوقف الحرب والانسحاب الكامل كما يبدو موجهة لمرحلة متقدمة اكثر في الصفقة، بعد إطلاق سراح باقي المخطوفين، جنود ورجال أقل من جيل 50 وإعادة الجثامين. وحتى حسب بعض التقارير فإن “حماس” تريد 1500 سجين في المرحلة الأولى – عدد مرتفع لكن ليس من شأنه أن يفرغ كل السجون في إسرائيل، مثلما ادعي بأنها طالبت بذلك في السابق. إضافة إلى ذلك من بين طلبات “حماس” الأخرى هناك أيضا تحسين ظروف السجناء في إسرائيل، أي أن “حماس” تقدر بأن جزءا منهم سيبقون في السجن.

عمليا، يبدو أن رد “حماس” يتساوق مع التصريحات السابقة لنتنياهو. فبعد أن اعلن أنه لن يوافق على إطلاق سراح آلاف المخربين، هم قاموا بطرح طلباتهم. هذا جزء تقريبا مطلوب في البازار الشرق أوسطي. فعليا، فتحت هنا مرحلة تجسير جديدة، التي فيها تجري مرة أخرى مفاوضات غير مباشرة من خلال وسطاء. “حماس” أضافت تعديلات طالبت بأنه إلى جانب سلسلة طلبات أخرى يمكن اعتبارها نوعا من كبش الفداء التي مرغوب إخراجها من النقاش في مرحلة قادمة من المساومة.

هذه شملت أيضا طلبات غير مرتبطة أبدا بالقطاع مثل تغيير إجراءات الزيارة في الحرم، وهي عملية استهدفت أن تعطي طابعا دينيا للحرب التي سمتها “حماس” “طوفان الأقصى”. ولكن في هذه الأثناء ليس هناك شك في أن ما هو مهم لقيادة “حماس” في القطاع اكثر من أي شيء آخر هو التوصل إلى إنهاء الحرب. هكذا سيتم ضمان بقاء القيادة والسلطة، وفي الواقع أيضا هذا يشكل نصرا لـ”حماس” رغم الدمار والقتل الذي تكبده القطاع بعد الانطلاق إلى المغامرة القاتلة المتمثلة بمذبحة 7 أكتوبر.

فعليا، المفاوضات ستصل في القريب إلى مرحلة حاسمة أخرى، بعد حوالى شهر من تحريكها مجددا (الصفقة السابقة ووقف إطلاق النار لأسبوع انهارت في 1 كانون الأول الماضي). مصادر مصرية قالت، أول من أمس، إنه ما زال بالإمكان جسر الفجوات. هذا من شأنه أن يكون صحيحا إذا تسامى كل طرف على اعتباراته السياسية. لكن هذا الأمر يرتبط أيضا بهامش الضبابية الذي سيحافظ عليه الوسطاء في الصيغة النهائية للخطة. إذا تم إبقاء الإعلان غامضا بشأن نهاية مستقبلية للحرب، بدون التزام صريح، ربما أن هذه ستكون صيغة تستطيع الحكومة الإسرائيلية التعايش معها.

يا له من انتصار

المؤتمر الصحافي لنتنياهو، أول من أمس، عقد بعد هدنة مدتها أسبوع ونصف الأسبوع. وعلى غير عادته، مؤخرا، فإن رئيس الحكومة لم يستغل هذه المنصة من اجل التطاول في وسائل الإعلام. وكعادته، هذه المناسبة لم تتضمن أي مظهر من مظاهر التعاطف مع الأشخاص الذين اسم عائلتهم ليس نتنياهو. لم يغب مكان الاقتباس من رسائل جنود الجيش الإسرائيلي – بطريقة أو بأخرى يقع هؤلاء دائما ضمن عائلات متدينة، يعتقد آباؤها أن إسرائيل يجب أن تستمر في القتال في غزة إلى حين هزيمة “حماس”. ويواصل نتنياهو التمسك بشعار النصر المطلق الذي كرره عدة مرات في الشهر الماضي في كل ظهور علني له وكأنه شعار أملته عليه روح آرثر فنكلشتاين، مستشاره الراحل.

أول من أمس، توسع وأكد للجمهور بأننا على بعد خطوة واحدة من النصر، الذي اصبح قاب قوسين أو أدنى. كبار المسؤولين العسكريين اكثر تحفظا، وبحسبهم فقد تم بالفعل إحراز تقدم في القتال في الأسبوعين الأخيرين، وهو ما يعتمد أيضا على الدروس المستفادة حتى الآن. ففي خان يونس سيطر الجيش الإسرائيلي بشكل كامل وتدريجي على المخابئ والأنفاق تحت الأرض التي كان رئيس “حماس” في قطاع غزة، يحيى السنوار، يتولى منها قيادة نشاطات رجاله. غارات عسكرية متكررة في شمال غزة أدت إلى قتل العشرات من نشطاء “حماس” الذين عادوا إلى العمل في المنطقة بعد خروج معظم قوات الجيش الإسرائيلي، وما زال هناك حتى الآن مخيمان للاجئين في وسط قطاع غزة وبالطبع منطقة رفح. في الحالتين هدد نتنياهو، أمس، بتفعيل الجيش من الأرض قريبا.

السؤال كالعادة هو هل هذه الإنجازات التكتيكية تتراكم بالتدريج لتصل إلى انتصار استراتيجي حقيقي. الولايات المتحدة وقفت أمام هذا السؤال في حرب فيتنام، وفرنسا، قبل ذلك ببضع سنوات في الجزائر، وأيضا إسرائيل جربت معضلات كهذه في السابق، في حربها مع منظمات الإرهاب: في المنطقة الأمنية في جنوب لبنان وحتى الانسحاب في العام 2000، بعد بضع سنوات في عملية “الدرع الواقي” في الضفة الغربية، وفي الانتفاضة الثانية وفي حرب لبنان الثانية في 2006.

النقاش ينقسم، بخطوط عامة، بين الصقور والحمائم. الصقور يعتقدون دائما بأن المزيد من النشاطات الهجومية ستؤدي إلى تغيير جوهري في الوضع. الحمائم فضلوا قطع الاتصال وتقليص الخسائر. في لبنان، في حالتين، التصميم على البقاء لم يؤد إلى تغيير نحو الأفضل، بل إلى تعقد الأمور مع “حزب الله”. في البداية، السنوات الطويلة والثمينة للمتواجدين في المنطقة الأمنية، بعد ذلك الرهان اليائس على الانقضاض إلى ما بعد نهر الليطاني. في الأيام الأخيرة للحرب التي أدارتها حكومة أولمرت في الضفة فإن تعنت إسرائيل كان مجديا، استمرار القتال وبعد ذلك موت ياسر عرفات (أيضا بدرجة معينة قرار الحكومة بشأن الانفصال عن القطاع)، كل ذلك أدى إلى وضع راهن نسبي فيه الإرهاب تم صده ومستوى التهديد انخفض سنوات كثيرة.

الذعر الذي بثه نتنياهو في الأسابيع الأولى للحرب اختفى. يبدو مرة أخرى أنه بليغ وواثق من نفسه تماما. لكن كما تظهر استطلاعات الرأي فإن أي ظهور له يثير قدرا من العداء بالنسبة لجزء كبير من الجمهور. وحقيقة أنه وحكومته ما زالوا في السلطة بعد مرور اربعة اشهر على المذبحة الفظيعة التي حدثت في عهدهم، هي أمر لا يمكن فهمه. الآن اصبح من الواضح اكثر من أي وقت مضى أنه لا ينوي الرحيل.

في هذا الأسبوع، خرج احد تنظيمات الاحتجاج “مقاتلو يوم الغفران” في حملة جديدة من الإعلانات التي تطالب نتنياهو بالاستقالة في أعقاب مسؤوليته عن الفشل. لغة التصميم الغرافيكي بالتأكيد ليس من قبيل الصدفة مأخوذة من غلاف مجلة “هعولام هزيه” في السبعينيات. في نظر الكثيرين، نتنياهو هو غولدا مائير بالطبعة الجديدة. لكن الأخيرة كانت على الأقل تتمتع بدرجة من اللياقة لتستقيل في 1974 في أعقاب استنتاجات لجنة “اغرانات” بشأن الحرب.

في تشرين الثاني الماضي، وقفت على الأجندة صفقة المخطوفين الأولى. نتنياهو، حقا، لم يستجب لتحذيرات كل أنواع المحتالين الذين قالوا، إن الصفقة ستوقف والى الأبد العملية العسكرية في القطاع. رئيس الحكومة وافق على إطلاق سراح سجناء فلسطينيين بنسبة 3: 1 مقابل إطلاق سراح 110 مخطوفين إسرائيليين وأجانب، معظمهم من النساء والأطفال. هؤلاء المخطوفون تم تخليصهم من بين أنياب الموت. اليوم، نحن نعرف من أفواههم بأنهم اجتازوا ظروفا صعبة جدا. المخطوفون الذين بقوا وراءهم يتم احتجازهم في غزة فترة اكثر من الضعف، بعضهم ماتوا في هذه الأثناء.

في القيادة الإسرائيلية يعرفون أنه لن يكون بالإمكان التوصل إلى صفقة أخرى في مثل هذه الشروط المريحة، ربما باستثناء في سيناريو يقوم فيه الجيش بطريقة معينة بمحاصرة الفتحة التي يختبئ فيها السنوار (حتى عندها من المرجح أن يكون حوله درع بشري واق على شكل المخطوفين الاسرائيليين). في الأسابيع القريبة القادمة، سيتم تبادل، هذا ما نأمله، المزيد من المسودات بين الطرفين عن طريق الوسطاء. الاتصال مع السنوار نفسه صعب لأنه موجود في حالة هرب ويختفي في الأنفاق.

إذا تم التوصل إلى مرونة في موقف “حماس” فإن القرار سيصل إلى “الكابنيت” الموسع والحكومة. لكن حتى قبل ذلك ستجري النقاشات في مجلس الحرب. هناك يعتمد الكثير على مقاربة وزراء المعسكر الرسمي، بني غانتس وغادي آيزنكوت، من الواضح تماما أن في يدهم القرار بشأن هل يحلون الائتلاف بصيغته الحالية، حول الخلاف المتوقع أن يتطور حول الصفقة. في ظل غياب صفقة فإن انسحابهم من شأنه أن يعطي الضوء لتطور موجة احتجاج واسعة واكثر شدة ضد نتنياهو وسياسته في الحرب.

آيزنكوت قال في هذا الأسبوع، في ظهور علني نادر في مؤتمر بذكرى اريئيل شارون في جامعة رايخمان، إن “الحديث لا يدور عن جندي مخطوف، بل عن مئات المواطنين الذين كانوا يعيشون حياتهم ووثقوا بالجيش الإسرائيلي وذات يوم حاربوا على قفل باب الملجأ الآمن في بيوتهم وتم تركهم لمصيرهم”. حسب قوله يوجد علينا واجب مزدوج لإعادتهم، واجب قيمي وأساسي. التصريحات ضد الصفقة خطيرة جدا. ما هي احتمالية أن نسمع أمورا بسيطة وواضحة كهذه من نتنياهو أو من احد وزراء “الليكود”؟.

في هذه الأثناء، العائلات بقيت تقريبا وحدها. في تظاهرات الدعم لها تتم رؤية بالأساس المشاركين في احتجاج بلفور وكابلان من الماضي. نتنياهو نجح، أيضا في هذه المرة، في تحويل خلاف أخلاقي وإنساني إلى موضوع يقسم فقط حسب خطوط الفصل بين اليمين واليسار، بين بيبي وفقط ليس بيبي.

الانقضاض الأسبوعي

ليس فقط الأداء الفاشل للحكومة عشية الحرب (تحت ظل الانقلاب النظامي) وخلاله يتم استقباله بلامبالاة نسبية من قبل الرأي العام، بل هذا يحدث أيضا حول السلوك اليومي الذي يبدو مثل هجوم مستمر على القسم نفسه من الجمهور الذي يتحمل على الأغلب عبء الضرائب والخدمة في الجيش.

هذه الأمور ظهرت في هذا الأسبوع في عدة قرارات وتصريحات، التي من جهة زادت العبء على معظم المواطنين. ومن جهة أخرى، دفعت قدما بتوزيع الأموال والامتيازات على الحريديين والمستوطنين. القطاع الأول تعافى بسرعة من مشاعر الذنب التي دفعت بعض الشباب فيه إلى الخدمة العسكرية. وقيادة القطاع الثاني تحاول استغلال إسهام أبنائها في الخدمة وحتى خسائرهم في الحرب في غزة من اجل زيادة طلباتها السياسية المتنامية.

الجيش الإسرائيلي يجد نفسه رغم انفه خاضعا لعدم المساواة الصارخ، بل ويعمقه. هذا الأسبوع اعلن عن زيادة كبيرة في العبء: زيادة الخدمة الإلزامية للرجال مرة أخرى من 32 شهرا إلى 36 شهرا؛ وسن الإعفاء من الاحتياط سيتم رفعه من 40 إلى 45 سنة، ويتوقع أن يزيد عدد أيام خدمة الاحتياط في السنة ثلاثة أضعاف في هذه السنة (بالمتوسط 35 يوما للجنود و45 يوما للضباط).

الإدارة الأميركية غير مستعدة للتساوق مع الواقع البديل الذي يمليه الوزير بتسلئيل سموتريتش وأمثاله. في هذا الأسبوع، ثارت عاصفة سياسية صغيرة في إسرائيل عندما تبين أن الأميركيين شملوا في خطواتهم ضد اليمين المتطرف أيضا خطوات اقتصادية شديدة ضد اربعة مستوطنين اتهموا بالتورط في أعمال عنف في الضفة. البنوك في إسرائيل قامت بتجميد حساباتهم وأثارت الدهشة والغضب في أوساط المستوطنين. يبدو أن الإدارة الأميركية تلمح إلى أن هذا فقط البداية، سموتريتش وشريكه إيتمار بن غفير، الشخصيان غير المرغوب فيهما في واشنطن، يمكن أن يكتشفا أنه توجد للأميركيين طرق أخرى للتعبير عن خيبة الأمل.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى