هآرتس: ماذا لو ضغطوا على الزر الذي قتل تسعة اطفال، ايديهم ستبقى نقية وطاهرة

هآرتس 27/5/2025، روغل الفر: ماذا لو ضغطوا على الزر الذي قتل تسعة اطفال، ايديهم ستبقى نقية وطاهرة
يتجول الآن بيننا عدد من المواطنين الذين يخدمون في الجيش الاسرائيلي، وهم مسؤولون مباشرة عن قتل تسعة اخوة اعمارهم اقل من 12 سنة، في هجوم على بيتهم في خانيونس. ربما هم في الجيش النظامي أو في الجيش الدائم أو في الاحتياط. هذا لا يهم. النشاطات التي نفذوها انتهت بموت تسعة، تسعة اطفال، اعمارهم اقل من 12 سنة، والدهم اصيب اصابة بالغة، وكذلك ايضا الاخ الوحيد الذي بقي على قيد الحياة. الجثث الصغيرة كانت محروقة وممزقة. الأم شاهدت الجثث واشلاء اولادها عندما تم احضارهم الى المستشفى، هي طبيبة هناك.
الجمهور في اسرائيل لا يهتم بألمها في افضل الحالات، وفي اسوأ الحالات هو يحتفل بمشاهدة هواية الانتقام. الوالد ايضا هو طبيب. الوالدان ليس لهما أي صلة بحماس، هما طبيبان. كل اولادهم الذين قتلوا في العملية اعمارهم اقل من 12 سنة. هم اطفال، ليسوا مخربين. هم ابرياء ولا يستحقون الموت. الاطفال الموتى لا توجد لهم أي صلة بحماس. اطفال صغار لم يخططوا لقتل الجنود. أو اغتصاب النساء في غلاف غزة أو اختطاف من هناك مسنين في سيارات التندر أو على الدراجات.
ما الذي سيقوله لانفسهم الجنود الذين قتلوا هؤلاء الاطفال؟ سيقولون لانفسهم بأنهم هم انفسهم ابرياء. الاطفال قتلى ولكن هؤلاء الابرياء هم الذين قاموا بقتلهم. حيث أنه في نهاية المطاف قتل الاطفال في غزة ليس هوايتهم. بل هوايتهم في غزة هي الرفقة، البطولة وقتل المخربين، وليس الاطفال. اذا كان الامر هكذا فهل هم يقولون لانفسهم بأنهم اخطأوا، خطأ ساذج لاناس ابرياء.
حسب بيان الجيش الاسرائيلي هم لاحظوا عدد من الاشخاص الذين اعتبروا مشبوهين في منطقة قتال خطيرة، التي سبق للجيش الاسرائيلي أن قام باخلائها من المدنيين لحمايتهم. من هنا فان الخطأ ليس خطأهم. ايضا هو ليس خطأ بريء. هم ببساطة لم يخطئوا. الاطفال هم الذين اخطأوا، الوالدان هما اللذان اخطأوا. هم حصلوا على فرصة مناسبة لاخلاء المكان من اجل حماية انفسهم. الوالدان هم المسؤولان عن موت الاولاد لأنهما لم يقوما باخلائهم وخرقا التعليمات. ربما هم يقولون لانفسهم بأنه كان هناك تشويش. هكذا الامر في ساحة القتال. فوضى. هذا يحدث. أمر لا يمكن تجنبه. ربما كان هناك سوء فهم بشأن المبنى الذي تمت مهاجمته. ربما الوالدان اخطآ في الاعتقاد بأنه يمكن العودة اليه. يصعب أن تكون والد، لا سيما في غزة. الآباء يرتكبون الاخطاء. احيانا اخطاء الآباء تكون قاتلة.
في كل الحالات الجنود هم الابرياء هنا. نواياهم حسنة. هم ما زالوا اخلاقيين، كل الجنود الذين شاركوا في العملية التي قتل فيها تسعة اخوة ابناء اقل من 12 سنة. ابرياء. اخلاقيون. الجنود الاكثر اخلاقية في العالم. هم على حق.
أي جندي في الجيش الاسرائيلي يديه غير ملطخة بدماء الأطفال الابرياء في غزة. الجنود هم الذين ينفذون بالفعل القتل، لكن الدماء توجد على ايدي مخربي حماس، وليس على ايديهم. حتى لو كانوا هم الذين ضغطوا على الزر الذي اطلق القنابل. وحتى لو كانوا هم المسؤولون عن التشخيص الخاطيء للهدف. وحتى لو كانوا هم انفسهم آباء لاطفال وقادرين على تخيل كيف سيشعرون لو أنهم شاهدوا جثث واشلاء اولادهم عندما يتم احضارها الى المستشفى.
الدماء ليست على ايديهم لأن ايديهم بريئة، وكذلك قلوبهم. هم الابرياء في هذه القصة. في هذه التراجيديا المخيفة.
رغم أن حماس لم تعد تشكل تهديد استراتيجي، ورغم أن القتال لم يعد ضروريا، وأن المخطوفين في الانفاق سيموتون بسببه، إلا أنهم ابرياء. هم جنود. تلقوا اوامر وهم ينفذونها. اوامر غير قانونية بشكل واضح؟ الجيش الاسرائيلي لا يعطي اوامر غير قانونية. الجيش الاسرائيلي هو الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، لذلك فان أي امر يعطيه هو قانوني. وحتى هو أمر بريء. الجيش الاسرائيلي هو جيش بريء. انظروا الى 7 اكتوبر.