ترجمات عبرية

هآرتس: ليس إسرائيل فقط تنتظرها فرص مغرية في سوريا

هآرتس 3/7/2025، تسفي برئيلليس إسرائيل فقط تنتظرها فرص مغرية في سوريا

أنا أحبك جدا – لذلك نحن نعطي الكثير”، هكذا اثنى دونالد ترامب على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عندما قام بزيارة الرياض في شهر ايار الماضي. في الواقع ابن سلمان لم يقم بغناء اغنية حب للرئيس الامريكي، لكنه يعرف كيف يعطي الهدايا، والهدية الاكبر والاهم من بينها هي الوعد باستثمار اكثر من تريليون دولار في الولايات المتحدة في فترة ولاية ترامب. في المقابل، “حصل” الامير على المصافحة التاريخية بين ترامب والرئيس السوري احمد الشرع ووعد برفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ العام 2011.

في يوم الاثنين استكمل ترامب الوفاء بوعده ووقع على أمر رفع العقوبات “عن المؤسسات التي تعتبر حيوية من اجل تطوير سوريا وتفعيل حكومتها وبناء نسيج اجتماعي جديد في الدولة”، حسب وزارة المالية. هكذا تستطيع سوريا البدء في عملية اعمار الاقتصاد الطويلة والتوقيع على اتفاقات مع دول ومستثمرين اجانب الذين حتى الآن كان محظور عليهم النشاط في سوريا، اضافة الى منح مساعدات انسانية واعادة استيعاب نحو مليون لاجيء الذين هربوا من سوريا، واعادة الملايين الى بيوتهم التي هجروا منها. حسب تقديرات محافظة فان سوريا تحتاج الى مساعدة واستثمارات بمبلغ 250 – 300 مليار دولار لاعادة ترميم اقتصادها. جزء من هذا المبلغ سيصل من خزينة السعودية، قطر، دولة الامارات وتركيا، والباقي من مؤسسات دولية بمنح وقروض لعشرات السنين.

عندما سترفع العقوبات ستحظى سوريا بمكانة “ارض الفرص” الجديدة في الشرق الاوسط، وليس فقط بالنسبة للشرع. تركيا بدأت الان في عملية اعادة اللاجئين السوريين الذين اكثر من ثلاثة ملايين منهم يعيشون فيها. مصر تامل ان يتم تزويدها بالغاز، وقطر اعلنت انها تنوي ان توفر لها الغاز في انبوب الغاز العربي الذي يمر في الاردن. الاردنيون يطمحون الى بيع الكهرباء لسوريا ومنها للبنان، والعراق ولبنان تفحصان امكانية ترميم وتشغيل خط انبوب النفط بين كركوك عبر سوريا الى طرابلس. لبنان يستعد ايضا لاعادة الى وطنهم اكثر من مليون ونصف لاجيء سوريا، واستئناف نشاطات مسارات التجارة البرية بينه وبين سوريا، الاردن ودول الخليج، واحياء نشاطاته البنكية في سوريا. خلال ذلك شركات نفط اجنبية، بالاساس امريكية، تامل تطوير حقول النفط في شمال سوريا، التي هي الان تحت سيطرة الاكراد السوريين. حسب اتفاق الشرع مع زعيم القوات الكردية مظلوم عابدي فان هذه الحقول سيتم نقلها لسلطة الدولة.

لكن الوفرة الاقتصادية، التي هي نظرية حتى الآن، تنتظرها صراعات سياسية ودبلوماسية التي ستحدد فرص سوريا في ان تصبح دولة محورية اقليمية. ويتوقع ان يتركز اهمها حول الاتفاقات او الترتيبات التي ستوقع عليها سوريا مع اسرائيل، وكيف ستؤثر تركيا على تشكيلها. منذ سقوط نظام الاسد تمسك الرئيس التركي طيب رجب اردوغان بالموقف الذي سيقول انه يجب على اسرائيل التوقف عن نشاطاتها العسكرية في المجال الجوي السوري وان تنسحب من كل الاراضي التي سيطرت عليها شرق هضبة الجولان وفي جنوب سوريا. حافة المواجهة العنيفة بين تركيا واسرائيل التي وصلت الى الذروة في شهر نيسان الماضي عندما هاجمت اسرائيل قواعد في سوريا قرب المواقع التي كانت سوريا تنوي التمركز فيها، هدأت في الواقع، وبين الدولتين تم تشكيل بواسطة اذربيجان الية تنسيق عسكرية مشتركة.  ولكن الشك والتوتر لم يتلاشيا.

تركيا التي تحولت الى صاحبة الكلمة في القصر الرئاسي في سوريا، بدأت في مساعدة الشرع على تشكيل الجيش الوطني. فقد تعهدت بان توفر له السلاح والتسليح، وحسب مصادر في تركيا هي تنوي اقامة في سوريا مصانع للمعدات العسكرية، اضافة الى استثمارات مخططة في مجال البناء والبنى التحتية. الخطاب الدبلوماسي والاعلامي حول انضمام سوريا المحتمل الى “اتفاقات ابراهيم”، ايضا قبل ذلك حول “اتفاقات مؤقتة” في مجال التنسيق الامني بين اسرائيل وسوريا، يثير عدم الرضى في انقرة. مصدر ذلك هو الخوف من سيطرة دائمة لاسرائيل على مناطق في سوريا واقامة “تطبيع” بين اسرائيل والاقلية الدرزية التي تعيش في معظمها في جنوب سوريا، وخلق “علاقات تبعية” بين اسرائيل والاقلية الكردية الموجودة في شمال سوريا.

اردوغان، الذي بدأ يدرك انه يمكن ان يفقد مكانة صاحب البيت الحصري في سوريا والذي يملي خطوات الشرع”، قال للصحيفة دبلوماسي تركي سابق. “اعترف في نفس الوقت بحقيقة انه لا يستطيع ان يواجه في هذه الاثناء سياسة ترامب، الذي يدفع قدما بمنظومة علاقات متفق عليها بين سوريا واسرائيل. من المهم الذكر أن هذه العملية تؤيدها السعودية واتحاد الامارات اللتان ساعدتا اردوغان على الخروج من الازمة الاقتصادية، واستثمرتا المليارات في تركيا، والآن يمكنهما أن تحصلا على المقابل السياسي في سوريا”.

الدبلوماسي التركي يعتقد ان هذه هي خلفية التغيير في خطاب اردوغان، الذي في الفترة الاخيرة تجنب اطلاق تصريحات ضد التطبيع بين سوريا واسرائيل. حسب هذا الدبلوماسي فان اردوغان “يتوقع ان يحصل مقابل ذلك على مقابل مناسب من ترامب”. هذا المقابل يمكن ان يكون اعادة تركيا الى مشروع تطوير وانتاج طائرة اف 35، الذي طردت منه في 2020 بعد ان اشترت منظومات الرادار الروسية من نوع “اس 400”. حول هذه الاحتمالية تحدث في هذا الاسبوع السفير الامريكي في انقرة توم باراك، الذي يشغل ايضا منصب مبعوث ترامب الخاص في سوريا ولبنان. في مقابلة مع وكالة الانباء التركية “الاناضول” قال باراك: “حسب رأيي، الرئيس ترامب والرئيس اردوغان سيطلبان من وزير الخارجية الامريكي ماركو روبيو ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان ايجاد طريقة لحل هذه القضية. والحل يمكن ان يكون محتمل حتى نهاية السنة الحالية”.

تركيا ايضا عرضت على ترامب انها ستتحمل المسؤولية عن ادارة الحرب ضد داعش في سوريا بدلا من القوات الكردية. وهكذا فانها تعفي الولايات المتحدة من دعم وتمويل الاكراد في سوريا – القضية التي اصبحت نقطة خلاف قابلة للانفجار في العلاقات بين الدولتين. حسب تقدير الدبلوماسي التركي فان “نسيج الاعتبارات التي تمليها سوريا على اردوغان يضعه بين العداء والخوف من اسرائيل وبين التطلع لأن يصبح لاعب مركزي يؤثر على سياسة ترامب في الشرق الاوسط وخارجه. النتيجة الايجابية يمكن ان تكون تحسين، وربما حتى ترميم، العلاقات بين تركيا واسرائيل مقابل مكاسب سياسية يحصل عليها من علاقته الوطيدة مع ترامب”. نحن نقترح عدم حبس الانفاس قبل تحقق هذا التنبؤ المتفائل، وانتظار بلورة الترتيبات مع سوريا.

صحيح ان الشرع هو شريك حيوي في خطة خارطة النفوذ الاقليمية المتبلورة، لكن قراراته السياسية تخضع لحركة قوات خارجية كبيرة اكبر منه. في المقابل، باستثناء ترتيبات الحدود بين سوريا واسرائيل فانه يتوقع ان يكون له دور رئيسي بالتحديد في انهاء النزاع على الحدود بين اسرائيل ولبنان. حسب اتفاق وقف اطلاق النار فان الدولتين وافقتا على البدء في عملية ترسيم الحدود البرية، وخلال ذلك ايضا الحاجة الى التغلب على 13 نقطة مختلف عليها، من بينها القرار حول مكانة مزارع شبعا. بالنسبة لاسرائيل والامم المتحدة فان هذه المنطقة هي اراضي سورية، في حين ان لبنان يدعي انها بملكيته وتطلب من اسرائيل الانسحاب منها. على مدى سنوات طلبت حكومات لبنان من بشار الاسد تسليمها وثيقة رسمية تؤكد على ان هذه المنطقة هي تحت السيادة اللبنانية، ولكن هذا الطلب كان يتم رفضه. هذه القضية يتوقع طرحها مرة اخرى بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية، والقرار حول مستقبل مزارع شبعا سيكون موجود بالاساس في يد الشرع.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى