هآرتس: لن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إسرائيل
هآرتس 2022-12-21، بقلم: يوسي ميلمان: لن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إسرائيل
منذ فوز بنيامين نتنياهو في الانتخابات الأخيرة، والآن قبل انتهاء المفاوضات الائتلافية، تُسمع في معسكر «فقط ليس بيبي» أصوات غير قليلة، تتوقع أو تأمل في فرض عقوبات دولية على إسرائيل. حدث هذا ايضا في السابق في اوساط من يؤيدون السلام الذين يئسوا من الطريق المسدود في المفاوضات مع الفلسطينيين، حيث آخذ هذا التوق، الآن، في التعزز.
للاسف، يجب عليّ أن اخيب أملكم. هذا لن يحدث.
في محادثات مع متخذي القرارات ومع موظفين في مقر الاتحاد الاوروبي في بروكسل تولد لدي الانطباع بأنهم وبحق قلقون من تصريحات من يتوقع أن يصبحوا وزراء في الحكومة الجديدة. غالبيتهم لم يسمعوا في أي يوم عن ايتمار بن غفير وبتسلئيل شموتريتش واوريت ستروك وآفي معوز واعضاء احزاب اليمين المتطرف المكلفين تولي مناصب رفيعة. أولاً، يخشون هناك من معاملة عدائية وهجومية للحكومة الجديدة تجاه الفلسطينيين، تتمثل في توسيع المستوطنات والاعلان عن ضم الضفة الغربية وتجاهل (وحتى تشجيع) مجموعات مسلحة مثل «شبيبة التلال» التي ستزيد أعمال التنمر ضد الفلسطينيين.
خوف آخر هو المس باستقلالية جهاز القضاء وتقليص حرية الصحافة والحرية بشكل عام وتآكل قيم الديمقراطية الاساسية، كما يحدث في هنغاريا وبولندا وسلوفانيا وسلوفاكيا ودول اخرى تنازلت عن نموذج الليبرالية الغربي. تفشت هذه التوجهات في إسرائيل منذ عودة نتنياهو الى الحكم في 2009، والتي يتوقع أن تشتد. ايضا قلقون هناك من أن تحاول الحكومة الجديدة تقليص نشاطات جمعيات وهيئات غير حكومية (مثل إن.جي.أو) التي تشجع على التعايش بين اليهود والعرب وعلى التعليم الديمقراطي وعلى مساعدة اللاجئين وعلى دعم طائفة المثليين. يضخ الاتحاد الأوروبي ملايين الدولارات كل سنة لهذه الهيئات خلافا لرغبة جمعيات يمينية مثل «إن.جي.أو. مونتر» التابعة للبروفيسور جيرالد شتاينبرغ وجمعية «اذا شئتم» و»هذه بلادنا» وغيرها، التي تحاول بوساطة الوشاية أن تخرج منظمات لحقوق الانسان خارج القانون.
رغم القلق إلا أن سيناريوهات فرض عقوبات عسكرية أو اقتصادية على إسرائيل غير واقعية. قرارات الاتحاد يجب اتخاذها باجماع الـ 27 دولة الاعضاء فيها. خلال السنين قام نتنياهو بتنمية علاقات وثيقة مع دول في شرق ووسط اوروبا مثل رئيس حكومة هنغاريا، فيكتور اوربان، ورئيس حكومة بولندا، متاوش مورفتسكي، بغض النظر عن دعمهم لجهات قومية متطرفة، الكثير منها لاسامية. وقد فعل ذلك من اجل أن تقطع هذه الدول الطريق امام أي محاولة لدول غربية في اوروبا لاتخاذ خطوات عقابية ضد إسرائيل. مجال مناورة الاتحاد الاوروبي في كل ما يتعلق بالنشاطات ضد إسرائيل هو صغير جدا. الأداة الرئيسية التي لديه هي بند الاستثناء. وقعت إسرائيل والاتحاد الاوروبي على اتفاق باسم «هورايزن» (الافق) الذي ينص على أن إسرائيل ستحول لشركات خاصة وحكومات في الاتحاد نحو 2.5 مليار دولار خلال سبع سنوات من اجل تمويل بحث وتطوير مشترك في مجال الصناعة والثقافة والاكاديميا. وتساعد هذه الاستثمارات الاتحاد على توسيع المشاريع، وفي نهاية المطاف تؤدي الى استثمارات راجعة بحجم أكبر في إسرائيل.
الإسرائيليون، سواء مواطنون أو جمعيات، لا يستطيعون الاستفادة من هذا البرنامج. اليمين في الواقع قال «لا»، لكن حكومات نتنياهو وبينيت (بما في ذلك يئير لبيد)، صادقت بالفعل على خطة الاتحاد بمقاطعة المستوطنين. ولكن، مؤخراً، بضغط من اييلت شكيد، طلب بينيت من لبيد تأجيل الانضمام للخطة، ووافق على ذلك. الآن يصعب التصديق بأن الحكومة الجديدة ستوافق على بند الاستثناء. ايديولوجيا «ارض إسرائيل» ستتغلب على الاعتبارات السياسية والاقتصادية. واذا تم تجميد التعاون مع خطة «هورايزون»، أي أن إسرائيل مرة اخرى ستكون رهينة في يد المستوطنين، فان هذا الامر سيلحق الضرر بمشاريع ثقافية وصناعية وهايتيك.
ايضا التعاون وتبادل المعلومات في مجال الصحة والاعلام يمكن أن يتضرر في هذه الحالة. مثلاً، شركات الهواتف المحمولة يمكن أن تجد نفسها مقاطعة بشكل يمنع، أو على الأقل يصعب أو يزيد تكلفة استخدام الإسرائيليين لهواتفهم المحمولة في الخارج.
اذا احتجت الحكومة الإسرائيلية الـ 37 فان الاتحاد سيضطر الى الرد، لكن قدرته كما قلنا محدودة وهو لن يتمكن من اتخاذ خطوات تهز إسرائيل، وتؤثر على نمط الحياة فيها. الإسرائيليون لن تتم مقاطعتهم في اوروبا، والعلاقات التجارية معها لن يتم تقليصها بشكل كبير، على الأكثر سيكون هناك ازعاج بسيط وعدم هدوء ولدغة سهلة هنا وهناك. كل من يعتقد أن الاتحاد سيفرض عقوبات مؤلمة على إسرائيل من اجل أن تغير حكومة اليمين سياستها، يحلم. الاتحاد الأوروبي، حتى لو أنه لم يرغب في ذلك وحتى اذا قام بإدانة خطوات الحكومة الجديدة، إلا أنه سيتكيف مع الواقع الجديد في إسرائيل، ولن يقوم بإخراج حبة الكستناء للمعسكر الليبرالي من النار التي أشعلها اليمين.