ترجمات عبرية

هآرتس: لننهض من حداد 7 اكتوبر

هآرتس 6/10/2024، جدعون ليفي: لننهض من حداد 7 اكتوبر

7 اكتوبر 2023 انقضى؛ غدا ايضا سينقضي 7 اكتوبر 2024. هذا اليوم قبل سنة زرع كوارث بحجوم لم نشهدها في اسرائيل وغير وجهها. اسرائيل توقفت في 7 اكتوبر 2024 ومنذئذ وهي تلتف به وتمتنع عن الانفصال عنه. حجوم الكارثة يمكنها أن تشرح هذا، لكن لا يمكن الامتناع عن الاشتباه بأن الالتصاق العنيد بالانشغال فقط وحصريا بـ 7 اكتوبر، دون توقف، دون تنفس ودون ترك مكان لامور اخرى، يرمي الى اهداف اخرى. 7 اكتوبر يبرر في نظر الاسرائيليين كل ما فعلته اسرائيل منذئذ. هو شهادة التسويغ لديهم. الانخراط في كارثتنا يمنعنا من الانشغال بالكوارث التي اوقعناها منذئذ على ملايين البشر.

صحيح أن حياة الكثير من الاسرائيليين توقفت في 7 اكتوبر، خربت وانقلبت تماما. يكفي أن نقرأ الاقوال التي تحتبس لها الانفاس التي صدرت عن اورن اغمون، الذي فقد ابنه أدام. ليس فقط من الواجب أن نتذكر الفظاعة – فلا يمكن نسيانها. لكن محلول يوم السنة الذي سيكون غدا حان الوقت لأن نخف قليلا؛ أن نفتح العيون لامور اخرى حصلت منذئذ. من الواجب الاعتراف بتأخير كبير بأنه عندما نتحدث عن “المذبحة” فانها ليست فقط مذبحة 7 اكتوبر. فتلك التي جاءت في اعقابها اكبر واكثر رعبا عشرات الاضعاف.

إن لالتصاق اسرائيل بثكلها توجد جذور عميقة وقديمة. تربينا عليها. لا يوجد مجتمع آخر يبكي موتاه هكذا. يوجد ايضا من يشعلون أوار الثكل في وسائل الاعلام وجهاز التعليم – يقولون ان هذا يبلور الشعب. في الستينيات انشدنا “دودو” وبكينا على جندي لم نعرف، بتعليمات من فوق. يوجد في اسرائيل نصب تذكارية اكثر من أي دولة اخرى بالنسبة لحجمها وضحاياها: نصب لكل ثمانية شهداء، مقارنة باوروبا التي ثكلت الملايين من ابنائها، حيث توجد نصب لكل عشرة آلاف شهيد.

كل موت هو فقدان، موت شخص شاب – هو اكثر. ليس مؤكدا أن موت ابن بمرض أو بحادث طرق اسهل على والديه ورفاقه من سقوطه في المعركة. يمكن الافتراض أنه لو مات أدام اغمون الشاب بالمرض لما كان حداد الاب اقل شمولا. صناعة الاساطير هي التي اخذت الموت الى ما وراء ذلك، فرضت حدادا وطنيا على الجميع، وفي السنة الاخيرة بقوة اكبر، وفي نفس الوقت منعت كل انشغال بحداد الشعب الآخر وحظرت حتى الاعتراف بوجوده. من ناحية اسرائيل لا يوجد على الاطلاق حداد كهذا، ومن يصر على الادعاء بغير ذلك – خائن.

مذهل كيف أن دولة الثكل المطلق تتجرأ على أن تكفر بوقاحة كهذه بوجود ثكل آخر وترى فيه ظاهرة غير شرعية. الروس هم ايضا يحبون ابناءهم، لكن اذهب واشرح هذا للاسرائيليين المقتنعين بأن الفلسطينيين – لا يحبونهم. عشرات السنين وأنا اغطي اعلاميا حزن الشعب الفلسطيني ويمكنني أن اقول بالقطع: حزنهم كحزننا. الاهالي الثكلى هم اهالي ثكلى. لكن للاسرائيليين لا يمكن حتى أن نروي هذا، واساسا ليس في السنة الاخيرة، التي غرقوا فيها في حزنهم ولم يكونوا مستعدين لأن يسمعوا أي شيء آخر.

السنة الاخيرة، سنة الحزن العظيم، رفعت هذه الميول الى ذرى لم نشهدها من قبل. سنة قصص مخطوفين تتفطر لها القلوب، وقصص بطولة عليا لا تنتهي، موت، بطولة وهكذا. ليس المقصود هنا الاستخفاف بالحزن الخاص أو الوطني، لكن عندما يصبح الموضوع شبه الوحيد، على مدى فترة زمنية طويلة بهذا القدر، يخيل أنه يرمي الى صرف الانتباه واشاحته عن الامر الاساس.

حلقي يختنق لقراءة الاقوال النبيلة التي قالها اورن اغمون. يختنق حلقي بقدر لا يقل لسماع آباء ثكلى في الضفة وفي غزة. في ختام سنة الحزن ينبغي أن ننهض من الحداد ونبدأ النظر الى الامام، الى المكان الذي نسير نحوه والذي ليس لأحد أي فكرة ما هو، بدلا من أن نهذر فقط ببطولات اسرائيل ونحزن بلا توقف.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى