هآرتس / لنمنع حرب المكانة

هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 30/5/2018
حتى قبل أن تنتهي قصة مسيرات العودة في غزة وفي الوقت الذي ينتظرون فيه في الزاوية “يوم النكسة”- الذي يحيي بدء حرب الايام الستة واحتلال غزة – الضفة، شرقي القدس وهضبة الجولان – تثور مواجهة عسكرية خطيرة مع قطاع غزة. فاطلاق قذائف الهاون الى الاراضي الاسرائيلية، والذي جاء ردا على مقتل ثلاثة من رجال الجهاد الاسلامي، والذي بذاته وقع على خلفية زرع عبوات ناسفة على جدار الحدود، يدل كيف تنشأ حروب من شأنها ان تخرج عن نطاق السيطرة. لا يمكن التقليل من أهمية هشاشة موازين القوى التي منعت حتى وقت أخير مضى مواجهة عنيفة واسعة بين الاسرائيليين والفلسطينيين بشكل عام وفي غزة بشكل خاص. فقد خلقت اتفاقات غير رسمية، تحققت بوساطة مصرية ناجعة مع حماس، الى جانب الردع الذي انتجته حملة الجرف الصامد، نمط حياة هاديء نسبيا واحساسا بان ايا من الطرفين غير معني بالمواجهة. نمط الحياة هذا انتهك في مسيرات العودة الفلسطينية، حين قرر الجيش والحكومة الاسرائيليين الرد بكل القوة. ولكن حتى بعد استعراض القوة الفتاكة من الصعب الحديث بتعابير النجاح، إذ أن شيئا جوهريا لم يتغير في وضع مليونين من سكان غزة والاسباب التي حركت السكان للخروج الى الاحتجاج والانضمام الى العصيان بقيت كما كانت.
ان المواجهة الاخيرة مع الجهاد الاسلامي جرت كأمر اعتيادي رد فعل اسرائيلي تلقائي، يستند الى القول الصحيح بحد ذاته في أن الدولة لا يمكنها أن تحتمل مسا أو محاولة بالمس بمواطنيها وباراضيها. ولكن بالذات بسبب الاضطرار لترميم وقف النار الذي ساد قبل مسيرات العودة بحكم الامر الواقع، والعودة الى نمط الحياة العادي، من الواجب الا يكون رد الفعل استعراضيا، مبالغا فيه وبالتالي خطير. لقد كان ينبغي لاسرائيل من قبل ان تستوعب حقيقة ان استعراض القوة بحد ذاته ليس ضمانة لامنها أو وسيلة كافية لتعطيل احباط مواطنين مكبوتين ومنظماتهم. على طاولة اسرائيل موضوعة عدة اقتراحات لادارة الازمة في غزة يمكنها أن تستعين بوساطة مصر التي اصبحت حليفتها في كل ما يتعلق بمكافحة الارهاب، بل انها ترى في حماس مصدرا مسؤولا بوسعه أن يمنع نشوب مواجهة غير مرغوب فيها، حتى لو لم تنجح هذه المرة ايضا في وقف الجهاد الاسلامي.
ان هتافات الحرب التي يطلقها وزراء ونواب، والتي تشجع اسرائيل على العمل بكل القوة، هي طبول فارغة محظور أن تستبدل السلوك المتوازن والعاقل الذي يراعي قابلية الانفجار للعبوة التي توجد في غزة. ان مواطني اسرائيل لا يحتاجون الان لاستعراض عسكري يحبسهم منذ الان في الملاجيء وفي المجالات المحصنة. يجب على النزال ان ينتهي فورا وذلك للتفرغ في الزمان والمكان لمعالجة المشاكل الاساس في غزة.