هآرتس: لكن الحقيقة هي أننا خسرنا الحرب
هآرتس 1-4-2024، بقلم: ايريس ليعال: لكن الحقيقة هي أننا خسرنا الحرب
منذ نصف سنة ونحن نغرق في ظلام المعرفة والمعلومات، لذلك نحن أيضا نعيش في شعور عدم يقين عميق.
وفي هذا العصر من فقدان الاحترام للحقيقة والوقائع فقد اعتاد الناس أن يلقموا أنفسهم بالأكاذيب المريحة ويريدون المزيد من هذا المخدر. ولأنه إلى جانب فقدان احترام الحقيقة فقدنا الرغبة في فهم العالم على أساس حقائق ومعطيات فإن كل واحد يختار الواقع المريح له.
قبل بضعة أيام شاهدت عاصفة مقرفة في الإنترنت من الدرجة الأولى. أنا غردت “سيكون ثمن باهظ لما فعلته إسرائيل في غزة. هذا دمار بأبعاد توراتية، هذا قتل جماعي لمدنيين، بينهم أطفال، ويبدو أن معظم الجمهور يعتقد أن هذا عقاب مبرر ولا توجد لديه أي فكرة عن صورتنا أمام العالم.
البرابرة الجدد في العالم، المتعطشون للدمار والمنبوذون. اسمنا تلطخ إلى الأبد، وايلا ترافلز ومساعدوها من كهيلت لن يصلحوا لنا ذلك.
ايلا ترافلز، لمن لا يعرف، هي مبادرة إعلامية خاصة لفتاة اسمها ايلا كينان، التي كتبت مدونة سفر لكنها وجدت نفسها دون عمل عندما اندلعت الحرب وتجندت للترويج لإسرائيل في العالم.
توجد أوجه تشابه بين تسويق الرحلات السياحية والأماكن الساحرة وبين الدعاية. لكن أن تشرح الآن ما تفعله إسرائيل في غزة هو أخلاقي مثل أن تقوم بالعلاقات العامة لتجار مخدرات.
المهم هو أن الرد على تغريدتي كان غضباً يخترق المعسكرات. من المعارضة لبنيامين نتنياهو هاجمني صحافيون كبار، سياسية سابقة وناشطة. من مؤيدي نتنياهو تجند كبار المذيعين في القناة 14.
في اليمين وفي اليسار تنافسوا معاً حول من يهاجمني أكثر بسبب إشارتي إلى حقائق بسيطة: في غزة تحدث كارثة.
أكثر من 50 في المئة من القتلى، هذا لا يشمل من يموتون بسبب الجوع، هم من المدنيين. هكذا، عرفت مرة أخرى أن من قدموا هذه الوقائع ووصفوا تلك الحقائق يعتبرون أحياناً في نظر الجمهور، بالأساس في فترة الحرب، أشخاصاً خطيرين ومعادين تقريباً مثل الأعداء من الخارج.
يكفي أن نتذكر كيف هوجم، فقط قبل شهر، من قال ما يقوله الجميع بشكل علني الآن، أن نتنياهو لا يريد إعادة المخطوفين، كي نعرف قوة إيحاء القمع.
“جوانب من الخداع، خداع النفس، خلق صورة، أدلجة ونفي الحقائق”، كتبت حنه ارنديت عن وثائق البنتاغون، لكنها لا تخص فقط حرب فيتنام. أيضا حرب بوش الثانية وغزو العراق وأفغانستان كانت من وراء ستار لا يمكن تصوره من الأكاذيب.
الأنظمة الديمقراطية التي تشن الحروب الطويلة، التي ليست لها أهداف وباهظة الخسائر البشرية، تنشغل بخلق صورة لحرب ناجحة – الحرب في غزة ليست مختلفة، فهي في الواقع بدأت بعملية إرهابية قاتلة داخل حدود إسرائيل، وحظيت بسبب ذلك بتعاطف مبرر في العالم، لكنها كشفت أيضاً فشلاً عسكرياً وسياسياً لا يمكن تصوره.
ليس صدفياً أن الأسئلة حول أهداف الحرب وحول مكانة المخطوفين في سلم الأولويات لم تتم الإجابة عنها.
في الكابينيت السياسي – الأمني يوجد أشخاص كانوا رؤساء أركان في فترة “التصور”، رئيس الحكومة الذي تهرب من المسؤولية والضباط الكبار في جهاز الأمن الذين يسيطر عليهم الشعور بالذنب، الذين كانوا سيعطون كل ما لديهم من أجل إعادة الدولاب إلى الوراء.
إن حاجة جميع المشاركين إلى إنقاذ الكرامة التي تضررت هي جزء من الفوضى العسكرية التي يعترف بها الجمهور بأنها شر لا بد منه.
في كل مرة سيبرز الشيء التالي الذي يغير المعادلة إلى الأبد. الآن هذه رفح، وفي القريب ربما تكون هناك حرب مع حزب الله.
في هذه الأثناء تقول شخصيات مجهولة رفيعة “المخطوفون بدأنا نفقدهم”.
حماس أعلنت في هذا الشهر عن قتل ستة من المخطوفين في الأسر، لكن بذريعة أنه يجب عدم التعاون مع الحرب النفسية يتم تجاهل ذلك.
والآن الجميع أصبحوا عبيداً بشكل طوعي لمناورة علاقات عامة كبيرة حول نجاح الحرب، ويأكلون كل هذه الهراءات عن علم وبسرور. ولكن الحقيقة هي أننا خسرنا.