ترجمات عبرية

هآرتس: لقد قاموا بتعذيبي، وزني نزل، ذلك كان شهر ونصف وليس 500 يوم

هآرتس – اوري عراد – 17/2/2025 لقد قاموا بتعذيبي، وزني نزل، ذلك كان شهر ونصف وليس 500 يوم

طائرة “فانتوم” التي طرنا فيها أنا وزميلي الطيار كوبي حيون في قلب دلتا مصر، تم اسقاطها في 11 تشرين الأول 1973. وسقطنا في الأسر. أنا هبطت في قرية صغيرة. ولحسن حظي فقد نجحت في النجاة من حادثة فتك، كان ذلك بدرجة كبيرة بفضل شخص جيد انقذني من مخالب الجمهور وقامي بحمايتي الى أن تم نقلي للجيش المصري. كوبي أصيب إصابة بالغة، لكنه بقي على قيد الحياة.

من اللحظة التي اخذني فيها ضابط مصري تحت حمايته أنا لم اشعر بأي خطر على حياتي. عرفت أنني سأواجه تحد شديد وكبير، لكن بصفتي اسير في يد دولة فقد شعرت تقريبا أنه لا يوجد خطر على حياتي، وبالاساس عرفت أن دولة إسرائيل ستفعل كل ما في استطاعتها لاعادتنا من الاسر.

بعد شهر على انتهاء الحرب عاد جميع الاسرى في مصر الى البيت. فداء الاسرى كان القيمة الاسمى التي وقفت أمام انظار حكومة غولدا مئير وكل الشعب.

منذ بداية تشرين الثاني 2023 تحدثت عن المخطوفين في مناسبات كثيرة، على كل منصة ممكنة. وقد أكدت مرة تلو الأخرى بأن ما يمر على المخطوفين في قطاع غزة اصعب باضعاف من الاسر الذي مررت به. وقد شرحت أن مواجهة رجل طاقم جوي مر بالاعداد وكان يدرك إحتمالية أسره، لا تشبه مواجهة المدنيين الذين تم اختطافهم فجأة. وأن الاسر من قبل دولة لا يشبه الاسر من قبل منظمة إرهابية قاتلة، وأن التهديد على الحياة فيه هو تهديد يومي وملموس بشكل لا يقدر.

الآن عند مشاهدة المخطوفين الذين عادوا والمعلومات عن ظروف الاسر، أنا اريد تصحيح نفسي: الاسر لدى حماس أسوأ باضعاف. في الحقيقة أنا تم تعذيبي وفقدت الكثير من وزني، لكن هذا كان في شهر ونصف وليس في 500 يوم، وبدون تكبيل بالسلاسل وتحرش جنسي وضرر روحي كبير. المخطوفون مروا ويمرون في اسر حماس بسبع طبقات من جهنم.

رغم ذلك، تصريحات وافعال نتنياهو تدل على أنه لا يتردد في تخريب مواصلة الصفقة حتى بثمن الحكم بالاعدام على المخطوفين المعذبين. وحتى إزاء المشاهد القاسية للعائدين والرأي العام الحاسم في صالح وقف الحرب وإعادة المخطوفين، فان نتنياهو يفضل مصالحه الشخصية وبقاءه السياسي على اعادتهم، رغم أن هذا هو الهدف الاسمى للحرب. محظور السماح بذلك، يجب المطالبة باعادتهم جميعهم وعلى الفور.

الحديث يدور عن خرق امانة لا يوجد اكبر منه. نتنياهو يقتل روح إسرائيل. الشخص الذي وضع الشعب في يديه القوة وقام باساءة استخدامها وتخلى عن المخطوفين وتركهم ليموتوا في عذابهم ليضمن بقاء حكمه، هو مجرم تجاه شعبه وتجاه كل الإنسانية.

كثيرون يحذرون من أن نتنياهو والحكومة سيدمرون إسرائيل اذا لم نقم بوقفهم، ولكنهم مخطئون. فاسرائيل أصبحت مدمرة. إسرائيل هي قبل أي شيء هي فكرة تقوم على القيم السامية، وبعد ذلك فقط هي كيان مادي. اذا انهارت الفكرة فان ما يبقى غير جدير بأن يسمى إسرائيل. يصعب سماع ذلك ولكن هذه هي الحقيقة.

لقد عبر عن ذلك جيدا البروفيسور اهارون تشخنوبر، الحائز على جائزة نوبل، عندما قال مؤخرا: “حياة الانسان هي القيمة الأعلى التي تتسبب بتماسك أي مجتمع في العالم، ليس فقط عندنا. عندما قمنا بانتزاع هذه القيمة التي توجد اسفل المبنى فقد قمنا بتدمير كل المبنى. بعد ذلك كل القيم ستنهار في اعقاب ذلك”، قال وأضاف. “نتنياهو متهم باهانة الـ 25 ألف رجل وامرأة الموجودين في المقابر العسكرية، الذين ضحوا بحياتهم من اجل وجود دولة تختلف كليا عن الدولة التي يقيمها هنا”.

إسرائيل اهملت سكانها في 7 أكتوبر، في المذبحة الفظيعة. كان هذا خطأ كبير لا يغتفر، لكنه غير متعمد. بعد ذلك تخلت الحكومة عن الذين أهملتهم، وحكمت عليهم بالموت وبذلك هي تطبع الغاء قيمة الحياة كقيمة عليا. النظام ووكلاؤه يزيدون هجماتهم على قدس الاقداس، عائلات المخطوفين والعائلات الثكلى، لم يعد يوجد تضامن وتكافل متبادل، لم تعد توجد قيم، كل شيء اصبح سياسي، الأساس انهار.

من يعتقد أنه يمكن تحرير المارد الكهاني من القمقم واعادته بعد ذلك، يكتشف الآن بأن هذا غير ممكن. اذا لم نثر الآن ونحتج بكل القوة فلن تكون لنا نهضة، سنجد انفسنا بدون المخطوفين، في دولة ابرتهايد مسيحانية، ديكتاتورية، ظلامية، محتلة، منبوذة ومعزولة عن العالم المتنور. دولة فيها، كما قال نتنياهو في هذا الأسبوع، مصير المخطوفين ليس مصلحة وطنية عليا، بل موضوع للحزن الشخصي.

محظور التنازل. ما زالت هناك نواة قاسية، قوية وكبيرة، التي لن تخضع، وفي نهاية المطاف هي ستتغلب على الحكم الفاسد والمفسد. عندها سيبدأ الإصلاح، الذي سيكون قاسم وسيستغرق الكثير من الوقت وسيحتاج الى موارد كثيرة. أي شيء لن يأتي بسهولة. ولكن الفكرة الإسرائيلية ستبعث. حتى لو اضطررنا الى البناء من جديد نحن سنفعل ذلك.

مهاتما غاندي قال: “العصيان المدني هو واجب مقدس عندما تصبح الدولة غير أخلاقية أو فاسدة”. هو كان محق ونجح. في يوم الواجب، القريب، سنخرج الى الشوارع وسنشل الدولة الى أن تسقط الحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى