ترجمات عبرية

هآرتس: لسنوات قمنا بتحويل أي انتقاد إلى معاداة للسامية، والآن ينفجر في وجوهنا

هآرتس 14-5-2024، ميكي غيتسن: لسنوات قمنا بتحويل أي انتقاد إلى معاداة للسامية، والآن ينفجر في وجوهنا

ميكي جيتزين
ميكي غيتسن

خيام التأييد للفلسطينيين والتظاهرات في الجامعات الأميركية هي انعطافة سيئة في هذه الحرب. ربما أن عدد المحتجين هو ضئيل بالنسبة لبعد السياسة الأميركية، لكن تظاهرات الطلاب هي موضوع رمزي يدل على إلى أين تهب الرياح السياسية، هي تهب إلى اتجاه شديد ومتطرف مناهض لإسرائيل.

يصعب عدم الغضب من هذه التظاهرات. بعض الرسائل فيها هي لاسامية بشكل واضح، وبعضها بعيد جدا عن الواقع وفهمه العميق. شعارات مثل «من البحر حتى النهر» أو الطلب من اليهود «العودة إلى أوروبا»، لا تدل فقط على اللامبالاة للتخوفات المبررة في أوساط الجمهور الإسرائيلي، بل تدل أيضا على السطحية والجهل والغطرسة. ليس بالصدفة أن التطرف في التظاهرات يثير عدم ارتياح عميق في أوساط الليبراليين في العالم، الذين لا يتوقفون عن انتقاد اسرائيل.

لكن النظرية التي تقول، إن أي مشهد للدعم أو التعاطف مع وضع الفلسطينيين يجب أن يتضمن النفي الكامل لهوية ووجود اسرائيل، هي صورة طبق الأصل لسياسة حكومة اسرائيل في العقد الأخير. خلال سنوات، استثمرت اسرائيل الملايين في الحملات التي اعتبرت أي انتقاد للاحتلال تعبيرا عن اللاسامية، وحتى محاولة منعه كليا.

طلاب تم طردهم من منظمات يهودية لأنهم تجرؤوا على الحديث ضد المس بسكان القرى الفلسطينية في الضفة الغربية. مثقفون يهود تمت مقاطعتهم، ومقاطعة أحداث شاركوا فيها، لأنهم انتقدوا سياسة الحكومة. ومن عارضوا النشاطات خلف الخط الأخضر أو تبرعات الجاليات اليهودية للمستوطنات، تم اعتبارهم مؤيدين لحركة «بي.دي.اس». الحملات الممولة بشكل جيد طاردتهم بحيث لا يتم قبولهم في أماكن عمل.

منظمات يهودية مثل «جي ستريت»، التي حاولت السير على خط معقد يؤيد اسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، لكنه يناضل أيضا من اجل إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية، تمت مقاطعتها من قبل ممثلي اسرائيل وتم التشهير بها من قبل أبواق الحكومة. في الخطاب في اسرائيل تجذرت مقاربة متفوقة ومتغطرسة تجاههم. الحكومة الإسرائيلية أعلنت الحرب على فكرة أن حرية الفلسطينيين يمكن أن تكون إلى جانب حرية الاسرائيليين، ونتنياهو وأمثاله قاموا بتطوير هذه الرسالة إلى فن. والمخيب للآمال بشكل خاص هو أن زعماء الوسط يتبنون هذه المصطلحات من خلال الشعبوية الطاهرة، التي فشلت في نهاية المطاف في صناديق الاقتراع. نحن استخدمنا النضال المبرر ضد اللاسامية من اجل ضم تحتها مواضيع غير مرتبطة بها، مثل انتقاد المستوطنات أو إدانة الجرائم التي ارتكبها جنود الجيش الإسرائيلي. موظفون عامون يهود أو صهاينة اعتبروا حتى «أعداء لإسرائيل». نحن تسببنا بالضرر لأنفسنا بالقدرة على تحديد وإدانة اللاسامية الحقيقية؛ طمس الحدود تسبب بالضرر أيضا لمكانة اسرائيل وبيهود العالم. الآن هذه الرؤية الشاملة التي لا يوجد فيها أي مكان للانتقاد أو التعاطف مع الطرف الآخر، تنفجر في وجهنا. وبالضبط مثل اليمين في اسرائيل فإن المتظاهرين في الجامعات يعتبرون النزاع لعبة مجموعها صفر، فيها تأييد طرف من الطرفين يقتضي نفي الآخر، وحتى أحيانا تصفيته.

يوجد سبب للقلق. فمن يتعلمون الآن في الجامعات هم الذين سيكونون أعضاء الكونغرس بعد عقد أو عقدين، ورؤساء وسيناتورات بعد جيل أو جيلين. نحن لا يمكننا السماح لأنفسنا بأن ترافقنا صورة العالم السطحية هذه. وإذا كان شيء أثبتته الأشهر الأخيرة فهو إلى أي درجة اسرائيل تحتاج إلى الدعم الدولي، لا سيما الأميركي. حتى الوزراء في اليمين الذين يحبون إدانة حكومات الغرب، يعملون من وراء الكواليس كي يقوم هؤلاء بالمساعدة على إزالة تهديد لوائح الاتهام في لاهاي، المساعدة في الضغط من اجل عقد صفقة المخطوفين، منع مقاطعة اسرائيل، مواصلة تقديم المساعدات العسكرية والتخفيف من القرارات في مجلس الأمن.

لذلك، الإجابة عن التظاهرات ليست عرضا آخر لشكل الضحية على صيغة «كل العالم ضدنا»، بل العودة إلى مكان معقد أكثر، يمكنه الفصل بين الانتقاد المشروع واللاسامية. لا يوجد فرق جوهري بين القول «من البحر حتى النهر» من قبل اليمين في اسرائيل وبين المتظاهرين في الجامعات. فالطرفان ليسا خصمين فكريين، بل حلفاء. أمامهم يجب وضع مستقبل افضل للإسرائيليين وللفلسطينيين أيضا: رؤية تشمل إنسانية الطرفين، وصورة «اليوم التالي» التي تعترف بمطالبة الفلسطينيين بالتحرر من الاحتلال ومطالبة الاسرائيليين بالاعتراف والأمن.

موقف لا ينكر الفظائع في 7 أكتوبر، لكنه أيضا لا يدفن الرأس في الرمل فيما يتعلق بالكارثة الإنسانية في غزة وقتل المدنيين ومشاغبة المستوطنين في الضفة الغربية. لا يوجد لدينا وقت لنبدده. في اللعبة التي مجموعها صفر فإننا نحن والفلسطينيون سنخسر. أيضا الطلاب في نيويورك أو في لوس أنجلوس لن يضطروا إلى مواجهة تداعيات مواقفهم، بالنسبة لنا الحديث يدور عن موضوع وجودي.

 

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى