ترجمات عبرية

هآرتس: لا يوجد مخرج؛ مصر تعمل بلا كلل على إبقاء المفاوضات على قيد الحياة

هآرتس 22/8/2024، تسفي برئيل: لا يوجد مخرج؛ مصر تعمل بلا كلل على إبقاء المفاوضات على قيد الحياة

جولة اللقاءات لوزير الخارجية الامريكي، انطوني بلينكن، يتوقع أن تنتهي في هذا الاسبوع بحدث تحت عنوان “قمة القاهرة” المخطط لعقدها اليوم أو غدا. في هذه الاثناء القمة تبدو مثل رزمة مفاجآت. حتى الآن لا يوجد أي يقين بأنه سيتم عقدها، واذا تم عقدها فهل سيصل اليها وفد حماس، وماذا ستكون تشكيلة وفد اسرائيل. على خلفية التناقضات في اقوال رئيس الحكومة حول محور فيلادلفيا وممر نتساريم فانه مشكوك فيه أن يكون قد بقي للطرفين ما يتحدثون حوله، إلا اذا تم في اليومين القادمين تحقيق انعطافة.

مصر تواصل جهودها بلا كلل لضمان عقد هذه القمة. وحسب تقارير في وسائل الاعلام العربية هي يمكن أن تضع خطة ربما يمكنها ارضاء اسرائيل. الاشارة على ذلك يمكن ايجادها في تقرير صحيفة “الاخبار” اللبنانية المقربة من حزب الله. هذه الصحيفة اقتبست مصادر في مصر، التي قالت بأن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي همس لبلينكن بانتقاد حول تصريحات نتنياهو، الذي قال إنه “حتى لو كان نتنياهو ينوي التوصل الى تفاهمات مؤقتة مع مصر، لما كان عليه فعل ذلك بشكل علني وبهذه الصورة”. عبد العاطي قصد كما يبدو التقارير التي لم يتم نفيها في القاهرة حول أن مصر لا تصمم على جدول زمني متشدد لانسحاب الجيش الاسرائيلي من محور فيلادلفيا، وربما ايضا الموافقة على تواجد “مؤقت” ومقلص لقوات الجيش الاسرائيلي.

بخصوص معبر رفح مصر اقل مرونة. فهي تصمم على أن تكون السلطة الفلسطينية هي الجسم الذي سيدير المعبر في الطرف الغزي تحت رقابة ممثلي الاتحاد الاوروبي، كما نص على ذلك اتفاق المعابر من العام 2005. ولكن اسرائيل ترفض حتى الآن هذا العرض، بما في ذلك فكرة مصر التي تقول بأن قوات دولية، بالاساس امريكية، هي التي ستتحمل الرقابة في محور فيلادلفيا. في حين أنه في الجانب المصري على الحدود تقوم مصر بتعزيز قوات الدورية وتطور آليات الكشف والانذار على طول الجدار بين غزة وشبه جزيرة سيناء لمنع انتقال الاشخاص والسلاح بين جانبي الحدود. وهي ايضا تحاول العثور على حل لادارة فلسطينية في معبر رفح، وأمس نشر في موقع “القدس العربي” الذي هو بملكية قطر، بأن وزير الخارجية المصري التقى في يوم الاربعاء مع الامين العام للجنة المركزية في فتح، جبريل الرجوب، على هامش مؤتمر حركة الكشافة الذي تم عقده في القاهرة. حسب التقرير تم الفحص في هذا اللقاء احتمالية أن يتم في الفترة القريبة تنظيم لقاء بين ممثلي فتح وممثلي حماس من اجل التوصل الى تفاهمات حول مسألة ادارة المعبر. 

في موازاة ذلك ابلغ رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد مصطفى، في يوم الثلاثاء عن الاعدادات قبل زيارة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في غزة، التي اعلن عنها اثناء زيارته في تركيا في يوم الخميس الماضي. ضمن امور اخرى، تحدث مصطفى عن “خطة المراحل” التي فيها سيتم دمج الاجهزة الحكومية في الضفة وفي القطاع كي تستطيع القيام بدورها في ادارة المنظومة المدنية، ترميم شبكات المياه والكهرباء، التعليم والصحة، ترتيبات لتوفير المساعدات الانسانية وازالة الانقاض بسبب الحرب، واقامة مباني مؤقتة للسكن والاعداد لاعادة اعمار القطاع. ولكن في هذه الاثناء هذه خطة عمل نظرية لأن اسرائيل اوضحت بأنها لن تسمح لعباس بالوصول الى غزة. في المقابل، حتى الآن لم يتم علنا سماع موقف امريكي واضح بالنسبة لزيارة عباس وترتيبات ادارة معبر رفح والتواجد العسكري في محور فيلادلفيا. هذا هدوء يثير الريبة، بالذات من ناحية واشنطن التي طرحت للمرة الاولى في شهر تشرين الثاني امكانية أن تتولى السلطة الفلسطينية بعد تنفيذ الاصلاحات المسؤولية عن ادارة القطاع. في كل الاحوال الولايات المتحدة لم يعد بامكانها الادعاء بأنه لا يوجد “طرف فلسطيني”، مشروع، باستثناء حماس، يمكنه ويريد ادارة القطاع. 

مصر، التي تطرح سيطرة اسرائيل في محور فيلادلفيا وفي معبر رفح كـ “موضوع يتعلق بالامن القومي المصري” وخرق لاتفاقات كامب ديفيد واتفاق المعابر من العام 2005 واتفاق انتشار القوات المصرية على طول الحدود من العام 2014، تعتبر الآن كـ “مسؤولة” عن اجراء المفاوضات حول الترتيبات في محور فلادلفيا وكأن الامر يتعلق بنزاع سياسي وعسكري بين اسرائيل ومصر، مفصول عن صفقة التبادل والمطالبة بوقف شامل لاطلاق النار، وبعد ذلك انسحاب اسرائيل بشكل كامل من القطاع. النزاع قائم وبحق، وقد تسبب باهانة غير مسبوقة للعلاقات بين الدولتين الى درجة مواجهة سياسية مكشوفة. ولكن اذا تم التوصل الى اتفاق مع مصر فانه لن يزيح الحاجة الى ايجاد حل لادارة قطاع غزة.

السؤال الذي سيكون مطروحا في حالة أي اتفاق مع مصر هو هل حماس ستوافق على الاتفاق وتسير قدما في تنفيذ الصفقة. يبدو أن الرافعة القوية والوحيدة التي توجد في يد يحيى السنوار هي تحكمه بمصير المخطوفين فقط. ولكن هذا الامر ينطوي على خلل بنيوي اساسي. فهو يعتمد على استعداد نتنياهو لاطلاق سراح المخطوفين. المحللون العرب، ومن بينهم الذين انفعلوا في الاشهر الاولى للحرب من جرأة السنوار وحماس بشكل عام، وقاموا بوصف “الانجاز التاريخي” بلون وردي، بدأوا في اعادة النظر في الاهمية الحقيقية لهذا “الذخر”، المرهون في يد السنوار. أحد المحللين وهو كاتب المقالات الفلسطيني – السوري محمد كيال، الذي يكتب في عدة وسائل اعلام عربية، نشر في هذا الاسبوع مقال لاذع شرح فيه اخفاقات الحرب واعتبارات يحيى السنوار. وقد ذكر بأن “الانتفاضة الثانية كانت المواجهة الاكبر والاكثر قسوة بين اسرائيل والفلسطينيين قبل الهجوم في 7 تشرين الاول. ففي هذه الانتفاضة قتل حوالي 5 آلاف فلسطيني مقابل حوالي 1060 اسرائيلي بدون تحقيق أي شيء. في المقابل، منذ 7 تشرين الاول قتل حوالي 50 ألف فلسطيني (من بينهم 10 آلاف مفقود)، عشرة اضعاف عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في سنوات الانتفاضة الاربعة. وعدد الاسرائيليين الذين قتلوا هو 1800 جندي ومدني اسرائيلي، النسبة هي اسرائيلي واحد لكل 30 فلسطيني”. 

محمد كيال شرح ايضا بأن استراتيجية السنوار واستراتيجية حماس بشكل عام، فشلت. وذلك ليس فقط بسبب العدد الكبير للقتلى. فالسنوار لم ينجح في تجنيد تضامن الدول العربية، بالاساس لأنه يعتبر كمن عقد تحالف مع ايران. وايضا لم يتمكن من احداث عصيان مدني في اسرائيل ضد الحكومة. و”المظاهرات لاطلاق سراح المخطوفين آخذة في الخفوت… من الغريب كيف أن دوائر “المقاومة” التي تبالغ في رهانها على الازمة الداخلية في اسرائيل لا ترى، أو لا تريد رؤية، الواقع الفلسطيني المتدهور بدون حدود، وليس لديها أي فهم للحقائق الدولية والاقليمية التي تميل لصالح اسرائيل”. كيال لم يكتف بذلك وطرح سؤال على السنوار: “حتى لو اردت ابعاد الجيش الاسرائيلي من كل شبر في قطاع غزة، في أي واقع ستجد حماس نفسها؟ هي ستجد نفسها في داخل حصار اصعب من السابق، مع 70 في المئة من القطاع مدمر، ومليوني فلسطيني بدون موارد واماكن عمل ومأوى وغذاء”. كيال ليس المحلل العربي الوحيد الذي اشار الى أنه لم تكن ليحيى السنوار “استراتيجية خروج” من الحرب، ولا توجد لديه استراتيجية كهذه حتى الآن.

السؤال الذي لا توجد اجابة عليه هو ما هي رؤية يحيى السنوار للواقع، وكيف ينوي ادارة المنظمة والحركة التي قامت بتعيينه لرئاستها، هذا اذا خرج على قيد الحياة من الحرب واذا انتهت صفقة المخطوفين بنجاح مع الانسحاب الكامل للجيش الاسرائيلي.

لكن ليس فقط يجب على السنوار الاجابة على هذا السؤال. ايضا لنتنياهو لا توجد استراتيجية خروج، وهو لا يمكنه معرفة كيف سيكون وضعه ووضع الدولة عند انتهاء الحرب. يبدو أنه في هذه الاثناء السنوار ونتنياهو يتصرفان وكأنهما يثقان بقدرتهما على السيطرة على الواقع، وكأنه يوجد لكل واحد منهما سلة خيارات لانهائية.  مع هذا التبجح مشكوك فيه أن تكون أي فائدة لقمة القاهرة. وهناك شك اكبر من ذلك وهو يتمثل في هل سيكون بالامكان اعطاء الأمل للمخطوفين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى