هآرتس: لا يهم على الإطلاق إذا كان مروان عيسى حياً أو ميتاً
هآرتس ٢٠-٣-٢٠٢٤، يوسي ميلمان: لا يهم على الإطلاق إذا كان مروان عيسى حياً أو ميتاً
منذ أسبوع والجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي ينشغلون في مسألة إذا كان مروان عيسى حياً أم ميتاً. أحياناً يعتبر عيسى “رئيس أركان حماس”، وأحياناً يصفونه بأنه نائب محمد ضيف، وأحياناً يعتبر رقم 3 في سلم القيادة. الإثنين ليلاً، أعلنت الولايات المتحدة موت عيسى. بماذا يهم ذلك أصلاً.
الجيش الإسرائيلي سخي جداً منذ سنوات في توزيع الدرجات على قادته، وعلى قادة حماس و”الجهاد الإسلامي”. وسائل الإعلام تقبل هذه التعريفات بدون تحفظ. وترددها وكأنها أقوال من الله، وليست أقوال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي. في لواء المشاة الإسرائيلي يوجد بالمتوسط 5 آلاف جندي، مسلحين ومزودين بأفضل الأسلحة. الكلمة الأخيرة للصناعات الأمنية، ونتائج الأبحاث والتطوير للعم سام. لذلك، من يرفع الإرهابيين إلى رتبة قادة كتائب وألوية إنما يهين الذكاء.
سخاء الجيش الإسرائيلي في توزيع الدرجات على من تتم تصفيتهم يستهدف تعظيم النفس. وهدفه إظهار الزهو بنجاح الجيش. ولكن الواقع معقد أكثر؛ فالحرب تجبي الكثير من الضحايا من حماس، ومن الجيش الإسرائيلي أيضاً. سقط منذ العملية البرية 250 مقاتلاً وبضعة آلاف الجرحى، ولم نتحدث بعد عن المصابين المكشوفين الذين أصيبوا بالصدمة، التي قد تظهر أعراضها لاحقاً.
استخدم الجيش ذخائر بكمية كبيرة لقتل مروان عيسى. حسب التسريبات، أجّل الجيش الإسرائيلي عدة مرات الهجوم ليتأكد من عدم وجود مخطوفين قربه، وعندها أنزل سلاح الجو عشرات القنابل بوزن 20 طناً. ما الذي نستخلصه من هذه التقارير؟ مثلاً، ثبت أن الافتراض السائد الذي يفيد بأن كبار قادة حماس يختبئون في الأنفاق والمخطوفون يشكلون دروعاً بشرية لهم، افتراض غير صحيح، خصوصاً في حالة مروان عيسى.
أقدر بأن الجيش الإسرائيلي سيصل إلى قادة حماس الآخرين في القطاع، بما في ذلك ضيف والسنوار، وسيحاول الموساد ولاستخبارات والمهمات الخاصة، مثلما وعد رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع ورئيس الموساد دافيد برنياع، تصفية عدد من قادة حماس الذين يعيشون حياة مريحة وفاخرة في قطر وتركيا. هل هذا سيقضي على حماس؟ كلا. حماس حركة متجذرة في المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا، وأيضاً خارج منطقة الشرق الأوسط. وتصفية هذا القائد أو ذاك لن يقتلعها من الجذور.
هذا وهم إسرائيلي، كالوهم القائل بأن القضية الفلسطينية ستنتهي عن طريق “قطع الرؤوس”. في عشرات السنين من اغتيال إرهابيين فلسطينيين وعلماء من ألمانيا كانوا يعملون في مصر، وحسب ما ينسب أيضاً اغتيال علماء الذرة الإيرانيين، فقد أحب الكثيرون في حكومات إسرائيل وجهاز الأمن هذه الوسيلة. محاولات الحكومة ولجنة الخارجية والأمن ولا سيما منظمات التجسس، لم تنجح في صياغة نظرية اغتيالات. ولكن إذا كانت هناك حاجة لوضع قاعدة فسأصوغها كالآتي: نجاعة تصفية قادة الإرهاب تتعلق بحجم المنظمة؛ كلما صغرت المنظمة كان قائدها أكثر أهمية وتأثيراً، ولتصفيته تأثير ما. مثال ذلك اغتيال زعيم الصاعقة في 1969، فتحي الشقاقي في مالطا عام 1995، وهي التصفيات نسبت للموساد.
على إسرائيل ألا تتفاخر بعمليات التصفية. وعليها معرفة أنها لا تمثل كل شيء وليست البديل عن الاستراتيجية. رغم الضربات القاسية التي وجهت لحماس فإنها لم تستسلم، وتستمر في القتال، وخلال ذلك تغير التكتيك، من قتال مليشيات إلى قتال حرب عصابات صغيرة. تصميم حماس وجد تعبيره في نجاح عودة رجالها إلى مناطق أعلن الجيش الإسرائيلي احتلاله لها. هذا الأسبوع عاد جنود الجيش لمحاربة المخربين في مستشفى الشفاء. يبدو أن الحرب الدموية في غزة ستنتهي بدون صورة انتصار. حتى تصفية عيسى أو حتى تصفية أصدقائه في قيادة حماس، لن تغير شيئاً. الطريقة الوحيدة لإخراج إسرائيل من وحل غزة هي عملية استراتيجية – سياسية متعددة الساحات، محلياً: غزة والضفة، وإقليمياً في الشرق الأوسط، ودولياً.