هآرتس: لا يمكن تحقيق الهدفين: تحرير المخطوفين أو تدمير “حماس”
هآرتس 2023-10-26، بقلم: تسفي برئيل: لا يمكن تحقيق الهدفين: تحرير المخطوفين أو تدمير “حماس”
“إطلاق سراح جميع المخطوفين الآن وبكل ثمن”، هذا الطلب الجماهيري لا يوجد ما هو أكثر أحقية منه. ولكن عندما ينضم إلى الدعوة إلى “تدمير (حماس) مرة والى الأبد”، وهو طموح لا يقل عن ذلك أحقية، يحدث هنا تصادم مخيب لآمال الإرادة. فما الذي نعرفه عن ثمن تحرير جميع المخطوفين؟ “حماس” حتى الآن لم تعرض كل طلباتها، ويمكن فقط الافتراض بأنها تريد في المقابل “فقط” إطلاق سراح جميع السجناء الأمنيين لها ومن كل الفصائل، بمن فيهم الذين اعتقلوا في المعركة الأخيرة.
هل هذا كل شيء؟ ربما ستطالب أيضا بوقف الهجوم البري والموافقة على وقف طويل لإطلاق النار، وضخ الأموال إلى غزة من اجل إعادة إعمارها من الدمار القديم والجديد والحصول على ضمانات دولية لتطبيق الاتفاقات. “لأن (بأي ثمن) تعني بأي ثمن، بما في ذلك التنازل عن المطالبة بتدمير “حماس” ومحوها من فوق وجه الأرض. هل الجمهور في إسرائيل مستعد لصفقة كهذه، في الوقت الذي هو فيه مضروب ومصدوم، وفي الوقت الذي فيه الروح الجماعية الغاضبة تتطلع إلى الثأر لدماء الأطفال الصغار؟ هل ستوافق حكومة إسرائيل، التي هي مستعدة لشن الحرب، على أن تتوقف في اللحظة الأخيرة وتنتحر جماهيريا وسياسيا من اجل إنقاذ 220 إسرائيليا تم اختطافهم بذنب منها؟
أصبح الخيال في الواقع يرى الشيوخ والشباب، النساء والأطفال، اكثر من 220 شخصا، أشخاصا متفحمين وجرحى، بعضهم ربما ماتوا بالفعل وهم يشقون الطريق في طابور طويل إلى معبر رفح ومن هناك إلى منازلهم التي لم تعد موجودة. ولكن هذا الخيال سيضطر إلى أن يصف لنفسه أيضا الحافلات التي تم وضع القضبان على نوافذها والتي ستصل إلى السجون الإسرائيلية وسيتم إدخال آلاف السجناء الفلسطينيين إليها وهم يرسمون إشارة النصر بأصابعهم ويضحكون ضحك الانتصار؛ لأنهم بعد لحظة سيشقون الطريق نحو معبر “إيريز” وينضمون إلى أنقاض بيوتهم.
هاكم صورة أخرى في ألبوم أحلام إسرائيل. تدمير “حماس” يعني عشرات آلاف الجنود الذين سيدخلون إلى القطاع، ودبابات تشق الطريق بسرعة في الأزقة الضيقة، والى جانبها مقاتلون يقومون بتطهير البيوت واحدا تلو الآخر، والأقبية واحدا تلو الآخر، في كل دقيقة، يتم تغيير مخازن السلاح التي تم تفريغها على البشر، بعضهم “مخربون” وآخرون مشبوهون والكثيرون منهم “ليست لهم صلة”، بما في ذلك الأطفال. سيمر أسبوع وربما شهر وربما اكثر ولن يكون هناك أي ضغط، لأن الإذن أُعطي لنا. كم من الجنود سيقتلون؟ كم منهم سيصابون؟ كم منهم سيبقون معاقين؟ كم من العائلات الثكلى ستنضم إلى القائمة البائسة التي حفرت بالدم في 7 تشرين الأول؟ وماذا بشأن المخطوفين، كم منهم سيبقون على قيد الحياة أثناء الهجوم؟
يجب على الحكومة الإسرائيلية النظر في عيون مواطنيها مباشرة، بالأساس نحو المخطوفين وعائلاتهم، وأن تقول لهم الحقيقة التي لا يمكن تحملها: لا يوجد ازدواجية عمليات، إما تحريرهم أو تدمير “حماس”. هذا هو الثمن ولا يجب أن تكون هناك أي معضلة. إذا كان يمكن ضمان إطلاق سراح المخطوفين فيجب فعل ذلك على الفور. لأن سيناريو التدمير ربما يكون مثيرا، لكنه لا يمكن أن يوفر العزاء. الجنود الذين سيدخلون إلى غزة لا يمكنهم العودة إلى البيت عند استكمال المهمة. هناك أحد سيتعين عليه إدارة غزة وتوفير المياه والكهرباء لها وتشغيل العيادات والمراقبة كي لا تقوم أي منظمة “إرهابية” جديدة بحفر أنفاق جديدة.
غزة ستبقى مع إسرائيل، هذا هو الواقع وهو ليس مجرد سيناريو. لا يوجد لإسرائيل أي خطة واقعية، ليس فقط لليوم التالي بل أيضا للسنوات القادمة، إلا إذا كانت تستعد لسيناريو حرب لبنان الأولى، التي استمرت 18 سنة بعد الانتصار على “م.ت.ف” وتدمير بنيتها التحتية؛ لأنه حتى لو تم احتلال غزة من جديد وتم الوفاء بالوعد واستكمال الانتقام، و”حماس” ربما ستختفي من غزة – إلا أنها ستبقى مع قيادات وزعماء وبنى تحتية وسلاح كثير وقدرات بجانب إسرائيل، مثلما في لبنان وسورية. ستستمر الحرب ضد “حماس”، ولكن المخطوفين لن يكونوا قادرين على مشاهدتها. يمكن أن يكونوا الضحية الرهيبة للرغبة في الثأر.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook