هآرتس: لانفاذ القانون في الضفة تحت الحكومة الحالية يوجد ثمن

هآرتس 1/7/2025، هاجر شيزاف: لانفاذ القانون في الضفة تحت الحكومة الحالية يوجد ثمن
من يتابع ما يحدث في الضفة الغربية لا يمكنه عدم الشعور بشعور من شاهد هذا الفيلم في السابق. ازاء المشاغبة العنيفة لعشرات المستوطنين ضد قوات الامن قرب قاعدة لواء بنيامين والادانة من قبل السياسيين الذين استيقظوا كالعادة بشكل متأخر. بعد وقت قصير من عملي كمراسلة في المناطق في 2019 واجهت الحادثة الاولى لعنف المستوطنين ضد قوات الامن. كان ذلك في البؤرة الاستيطانية “قومي اوري” قرب يتسهار، التي كانت في حينه احدى منتجات العنف الرئيسية في المنطقة. هذا بدأ بتهديد عدد من المستوطنين لقائد الكتيبة في المنطقة. بعد بضعة ايام قام 30 مستوطن برشق الحجارة وتخريب اطارات سيارات للجنود. احد الجنود اصيب اصابة طفيفة. في نفس الاسبوع تم احراق خيمة لشرطة حرس الحدود التي تم وضعها في المكان لتطبيق أمر منطقة عسكرية مغلقة.
نتنياهو ادان تسلسل الاحداث وقال انه لن يكون أي تسامح مع خارقي القانون، ورئيس الاركان في حينه افيف كوخافي اصدر تعليماته بتطبيق القانون على المشاركين، وسموتريتش الذي كان في حينه وزير المواصلات ادان “الثلة العنيفة”. وحتى انه لم يتم تقديم لائحة اتهام في اعقاب الاحداث، وبؤرة “قومي اوري” ما زالت قائمة حتى الآن.
اصحاب الذاكرة الاطول سيذهبون الى العام 2011. في حينه اقتحم نشطاء من اليمين قاعدة للواء القطري في الشرق، افرايم. دخلوا الى القاعدة وقاموا بتخريب سيارات عسكرية واحرقوا اطارات ورشقوا الحجارة، التي اصابت نائب قائد اللواء. نتنياهو ادان الحادثة اثناء زيارته في المكان وقال: “نحن لا يمكننا الموافقة على المس، سواء بجنود الجيش الاسرائيلي أو شرطة حرس الحدود أو رجال الشرطة الاسرائيليين أو العرب أو اليهود أو المساجد”.
اهود براك، وزير الدفاع في حينه، وصف الاحداث بـ “ارهاب من انتاج ذاتي”. لائحة الاتهام التي قدمت ضد خمسة مستوطنين كانوا متورطين في الحادثة، التي في اطارها تم اتهامهم ايضا بجمع معلومات لها اهمية عسكرية بهدف احباط اخلاء البؤرة الاستيطانية، انتهت بصفقة مخففة، شطبت الاتهامات المتعلقة باقتحام القاعدة.
على الرغم من ان العنف والامتناع عن تطبيق القانون غير جديد في الضفة الغربية، إلا أن الدعم الذي يحصل عليه المشاغبون في السنوات الاخيرة في المناطق من الحكومة اليمينية المتطرفة، أتى أكله. في جهاز الامن يقولون انه في السنتين الاخيرتين يوجد تغيير في طبيعة اعمال العنف، التي انتقلت من التنظيم السري في الليل الى تجمع حاشد ومكشوف لعمليات احراق بيوت الفلسطينيين. شهادات من الميدان تدل على نماذج عمل منظمة وبدون خوف. هكذا مثلا وصف احد سكان كفر مالك لـ “هآرتس”، انه قبل اقتحام القرية لاحظ السكان بان المستوطنين يستعدون لساعات، وقال ان حركتهم كانت منظمة وموزعة الى مجموعات. المشاغبون يأتون ايضا الى هذه الاحداث وهم مسلحون، البعض منهم ببنادق وبعضهم بمسدسات. هذه الاحداث اصبحت تتكرر في السنتين الاخيرتين.
بشكل عام اعضاء الحكومة يصمتون عندما يدور الحديث عن عنف ضد الفلسطينيين. ايضا الحالات الاستثنائية التي تسمع فيها ادانة تكون هذه الادانة بدون قيمة ولا تؤدي الى تغيير فعلي في السياسة. مثال واضح على ذلك هو المذبحة في قرية جت في شهر آب الماضي، التي قتل فيها احد سكان القرية. بشكل استثنائي وعد نتنياهو بتطبيق القانون على المشاغبين. تقريبا مرت سنة والوضع بقي على حاله، لم يتم تقديم لائحة اتهام، واضافة الى ذلك توقف استخدام الاعتقال الاداري ضد المستوطنين، الذي كان اداة مركزية في احباط اعمال العنف، عندما قرر وزير الدفاع يسرائيل كاتس في تشرين الثاني وقف بشكل كامل اصدار اوامر اعتقال اداري ضد المستوطنين. في اعقاب هذا القرار تم اطلاق سراح المستوطنين الثلاثة الذين كان سبب اعتقالهم المشاركة في اعمال الشغب في قرية جت.
حقيقة ان اعمال العنف الاخيرة تتركز في منطقة كفر مالك غير مفاجئة ايضا. المنطقة التي حدودها بين رام الله وغور الاردن معروفة بالبؤر الاستيطانية العنيفة التي توجد منذ سنوات في مركز نشاطات الارهاب اليهودي. وحسب معطيات جمعية “كيرم نبوت” فانه في السنوات الثلاثة الاخيرة فقط اقيمت 12 بؤرة استيطانية. في نفس الوقت من منطقة نفوذ هذه البؤر، التي تمتد ايضا الى داخل غور الاردن، تم طرد حوالي 16 تجمع فلسطيني.
البؤرة الاستيطانية قرب كفر مالك، والقريبة من جبل باعل حتسور، اقيمت قبل بضعة ايام من اعمال الشغب العنيفة. ولكن حولها توجد بؤر استيطانية قديمة وعنيفة مثل جفعات هبلاديم وجفعات اعيرا شاحل، وهي تؤثر بشكل مباشر على الفلسطينيين ومنها تخرج الهجمات العنيفة ضدهم. قوات الامن في المقابل تقلل وصولها الى هناك. في يوم الاربعاء، في موازاة المذبحة في كفر مالك، تمت مهاجمة التجمع الفلسطيني الاخير الذي بقي شرق شارع ايالون، من دوما وحتى شارع رقم 1، والذي يسمى دار فآس.
البؤرة الاستيطانية الجديدة في منطقة جبل باعل حتسور هي بمثابة تجديد. ففي حين انه حتى الآن تركزت نشاطات البؤر الاستيطانية في منطقة شرق شارع ايالون، فان الاذرع الآن تمتد الى غرب الشارع باتجاه منطقة جديدة. البؤرة الاستيطانية بالمناسبة توجد على امتداد الشارع الذي توجد عليه بؤرة استيطانية باسم معاليه اهوفيا، التي سميت على اسم اهوفيا سانداك، الفتى الذي قتل في 2020 عندما انقلبت سيارته اثناء ملاحقة الشرطة له ولصديقه، بسبب قيامها برشق الحجارة على سيارات الفلسطينيين.
لكن التوسع نحو الغرب ليس التوجه الوحيد الذي تطمح اليه البؤر الاستيطانية في المنطقة. خلال الاشهر الاخيرة تم شق شارع غير قانوني من البؤرة الاستيطانية كوخاف هشاحر باتجاه وادي العوجا في غور الاردن. الفلسطينيون ونشطاء من اليسار يخشون من ان استكمال هذا الشارع سيمهد الطريق للازعاج المتكرر لسكان قرية رأس عين العوجا على سفح الجبل. رغم أن المعدات عملت في الشارع لاشهر، والسلطات تعرف عنه من التقارير الكثيرة لنشطاء اليسار الا ان شقه استمر بدون ازعاج.
بشكل عام وحدة انفاذ القانون في الادارة المدنية في الواقع تصدر اوامر ضد البناء غير القانوني، لكن موظفي الادارة اصبحوا يعرفون انه على الاغلب الحديث يدور عن عمل رمزي فقط، الذين لن يسمح سموتريتش بتنفيذه. الضغط السياسي الكبير الذي يستخدمه سموتريتش وبن غفير على المنظومات يظهر ايضا في ما حدث في الفترة الاخيرة. خلافا لثرثرته التي لا تتوقف في العادة، فانه بعد مهاجمة الجنود في يوم الجمعة فان بن غفير صمت. سموتريتش من ناحيته ركز انتقاده في البداية على الجنود، بعد اصابة فتى ابن 14 سنة بالنار قرب المنطقة التي تمت فيها مهاجمة القوة. اقواله كانت تكرار للدعاية المضللة التي نشرتها جمعية “حنونو”، التي علاقاتها العامة عالية، حتى اكثر من الماكنة القوية للمتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، والتي بحسبها قائد الكتيبة والجنود هم الذين هاجموا شبيبة التلال. هذا التضليل انتشر ايضا على الملصقات واللافتات التي ظهرت في المظاهرة امام قاعدة لواء بنيامين، والتي كتب عليها بان “قائد الكتيبة خائن”.
المعادلة التي وجدت تحت حكومة نتنياهو هي أن المسؤولين عن انفاذ القانون في المناطق ومعالجة اعمال عنف المستوطنين هم الذين سيدفعون الثمن. منظمات حقوق الانسان التي تقوم بتوثيق ما يحدث تمر بعملية شيطنة وتهديد (حتى لو كان يصعب القول بان هذا شيء جديد)، وأن الذي يصمم حتى الان على اصدار اوامر الهدم فهو يحارب طواحين الهواء وسيصاب باليأس، حتى قائد كتيبة احتياط يخدم في المنطقة تعرض لحملة تشهير. عندما ستمر الانباء عن مهاجمة الجنود فانه يصعب التصديق بان أي شيء من كل هذه الصدمة للعنف لن يترك اثر.
البؤرة الاستيطانية في جبل باعل حتسور ربما سيتم اخلاءها، ولكن عشرات غيرها ستواصل الوجود وستعمل على تطهير المنطقة بدون أن يرف جفن أي أحد. شبكة المصالح بين المستوطنين والسياسة والجيش اصبحت شبكة معقدة جدا مع مرور السنين ووصلت الى ذروتها في الحكومة الحالية، الى درجة انه من اجل تفكيكها فان الامر سيحتاج الى تغيير سياسي راديكالي.