هآرتس: كيف يمكن ان نحب الجيش الإسرائيلي؟

هآرتس 5/6/2025، جدعون ليفي: كيف يمكن ان نحب الجيش الإسرائيلي؟
هناك صورتان واستنتاج واحد. محرر موقع “بيرس بكتيفا” حنان عميئور، عرض في هذا الأسبوع في صفحته في “اكس”، الصفحات الأولى لملحق “هآرتس” وملحق “مصدر أول” الى جانب بعضهما. على اليسار صورة قاسية تبعث على اليأس، كئيبة، لا يمكنها أن لا تفطر قلب كل شخص وهزه، باستثناء الساديين المريضين نفسيا، الذين عددهم آخذ في الازدياد هنا للأسف الشديد. أم ترتدي الأسود، تحمل على يديها طفلها الذي يحتضر، هيكل عظمي لانسان، يمسك بها بما بقي له من قوة، في جسده وروحه، ويرسل نظرة استغاثة تطلب المساعدة. صورة نموذجية ونص مثالي لا يقل عن ذلك لنير حسون: “دخلنا مرحلة التغول” (ملحق “هآرتس” الأخير).
على اليمين صورة مضاءة وملونة اكثر. أربعة نساء في وضعية جماعية، ثلاثة منهن يرتدين شالات فاخرة بروح العصر والصحيفة، ويضعن ايديهن على اكتاف بعضهن. “بطلات من اجلهم “، هن زوجات مصابين في الحرب، يخرجن الى القتال (غلاف ملحق “بورتريه” في صحيفة “المصدر الأول”).
استنتاج عميئور هو “على اليمين حب الجيش الإسرائيلي. على اليسار كراهية الجيش الإسرائيلي”. كان يجب على ناقد اعلامي حقيقي ان يكتب: على اليمين عسكرة، دعاية، هوس فني، قومية متطرفة؛ على اليسار: صحافة. عميئور يؤمن هو وملايين الإسرائيليين الاخرين بأنه يجب حب الجيش الإسرائيلي، ويحرم اظهار معاناة قطاع غزة خشية أن يخل ذلك بواجب حب جيشنا المقدس.
العلاقة بين هذا وبين الصحافة انقطعت منذ فترة. بقيت فقط الفاشية، غسل الادمغة، نفي الواقع واخفاءه، ليس فقط في صحيفة “مصدر اول”، بل في معظم وسائل الاعلام الإسرائيلية. قراء مصدر اول مثل معظم مستهلكي وسائل الاعلام في إسرائيل لا يريدون رؤية الصورة الحقيقية التي تحاول “هآرتس” عرضها. معاناة النساء بالزي العسكري هي المعاناة الوحيدة التي يرغبون في معرفتها، لكن، لشدة الخوف، فان بين مستوطنة اليعيزر (التي يعيش فيها عميئور) وبين رفح، هذه هي المعاناة الإنسانية الأقل في الوقت الحالي.
ان موقف عميئور لم يكن يجب أن يهم أي احد، لولا ان اليمين الاستيطاني تحول الى وسط في إسرائيل. كم إسرائيلي ما زالوا يحتجون على اقوال مثل يجب ان نحب الجيش الاسرائيلي، ومحظور علينا رؤية قطاع غزة؟.
حسب هذا المنطق الصحافي المريض فانه محظور رؤية غزة لأنه محظور علينا ألا نحب الجيش. هكذا، من الواجب اظهار غزة، كما يفعل ملحق “هآرتس” بتصميم وشجاعة، ومسموح انتقاد الجيش وحتى كراهيته. كل شخص صاحب ضمير ولديه إنسانية لم يبق امامه أي خيار آخر.
كيف يمكن الان “حب الجيش الإسرائيلي”؟، ماذا يوجد فيه كي نحبه؟ باستثناء اخفاقاته التي لا تصدق قبل واثناء 7 أكتوبر. بقي فقط ان ننظر الى ما فعلت يديه منذ ذلك الحين. الجيش الإسرائيلي في العشرين شهر الأخيرة هو جيش ينفذ المذابح، مثلما لم يكن من قبل. جيش اعداد للابادة الجماعية والترانسفير. لا يوجد ما يوقفه، هو لا يميز ومنفلت العقال. لم يقتل في أي يوم هذا العدد الكبير من الأطفال، ولم يدمر في أي يوم مثل هذا العدد من المباني والبيوت وعوالم الأشخاص. يدمر ويتفاخر، يقتل ويتبجح.
الروح الجديدة للجيش الإسرائيلي انتقلت بسرعة الى الضفة الغربية أيضا. الجيش، منظمة المساعدة للمستوطنين العنيفين، يتعامل مع الفلسطينيين بوحشية غير مسبوقة، ولا حتى في سنوات الاحتلال الأكثر قسوة. روحه التي تغيرت تحتاج الى احداث التغيير أيضا في النظرة اليه، أن نحبه؟ أن نحب جيش قتل جنوده الف طفل في يومهم الأول؟ كيف يمكن ان نحب جيش يذبح طوابير من الأشخاص الجائعين الذين يناضلون على وجبة غذاء واحدة كي يبقوا على قيد الحياة؟.
الجيش لا يجب أن يكون محل للحب. في أيامه الجيدة هو ولد عاجز. أن نحبه الآن يعني أن نحب افعاله، وهي أفعال إجرامية. أن نحب، أو لا نحب، يجب أن ننظر الى غلاف ملحق “هآرتس” ونتذكر أن احدهم تسبب بسوء نية في موت هذا الطفل العاجز في حضن أمه.