هآرتس: كيف يمكن الغناء والدماء على اليدين

هآرتس – جدعون ليفي – 18/9/2025 كيف يمكن الغناء والدماء على اليدين
شعب يرتكب إبادة جماعية لا يمكنه مواصلة الغناء. العالم الذي يرى شعب ينفذ إبادة جماعية لا يمكن الغناء معه. ولا يستطيع أيضا قبول حقيقة ان هذا الشعب يريد مواصلة الغناء وكأنه لا يحدث شيء. مجرد حقيقة ان إسرائيل يخطر ببالها انه في ذروة الإبادة الجماعية في غزة ستشارك في منافسة الاورفزيون. مع كل هذا البهاء والاحتفال، بينما جنودها يقتلون ويدمرون بلا شفقة، هو الدليل على فقدان البصيرة. كان يجب عليها الادراك بانه لا مكان لها في أي احتفال دولي الآن. لو أنها انحنت بتواضع وابتعدت عن مسابقة الاورفزيون لكانت حافظة على كرامتها بشكل افضل بكثير من نشر وابل من اتهامات معاداة السامية ضد كل العالم، كما لو أن العالم هو الذي يقوم بالذبح في غزة وليس الجيش الإسرائيلي.
مسابقة الاورفزيون هي مسابقة غنائية لهيئات البث في أوروبا، التي دخلت اليها إسرائيل مثلما دخلت الى احداث أوروبية أخرى في مجال العلوم، الرياضة والفن، بفضل النظرة الأوروبية الخاصة لها. أسبوع من المتعة والغناء والفن الذي لا يضاهى لعشاق نوع الموسيقى هذا. هذه المسابقة تعتبر غير سياسية، لكن في 2022 قررت ادارتها طرد روسيا منها بعد غزوها لاوكرانيا.
ابعاد روسيا اعتبر في حينه أمر مفهوم ضمنا. لم يذرف احد الدموع في حينه على “كراهية الروس”. من يريد الرقص مع الشباب الذين يقصفون هم واصدقاءهم المباني السكنية في كييف؟ روسيا لا توجد في مسابقة الاورفزيون. هذا هو ما تستحقه. طردها لم يكن خطوة سياسية، بل أخلاقية. إسرائيل لم تحدث ضجة عالمية بسببها.
غزو إسرائيل لغزة هو وحشي ويعتبر إبادة جماعية، اكثر بكثير من غزو روسيا لاوكرانيا، الذي هو غزو وحشي واجرامي. اذا نظرنا مثلا الى مؤشر الأطفال القتلى، وهو المؤشر الذي يعكس البربرية، فانه في أوكرانيا قتل 659 طفل في غضون ثلاث سنوات ونصف للحرب. وفي غزة قتل اكثر من 18 ألف طفل في غضون سنتين.
هل يوجد أصلا سؤال هل دولة جنودها يقتلون أطفال بهذا القدر الكبير تستحق المشاركة في أي احتفال دولي؟ ما الذي تتحدثون عنه عندما تتحدثون عن اللاسامية في هذا السياق؟ فقط محبة السامية ومحبة اسرائيل هي التي أبقت إسرائيل في المنافسة في هذه السنة. مكانها لم يكن يجب ان يكون هناك.
الإسرائيليون يتظاهرون بالغضب. وسائل الاعلام الغبية تقول لهم بان الجميع يكرهوننا بسبب المسلمين في أوروبا. هذا سهل على الفهم، لكنه محض كذب. أوروبا تكرهنا بسبب الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل في قطاع غزة، وليس بسبب المهاجرين المسلمين. لا يوجد أي عاقل في العالم يشاهد صور الفظائع من غزة لا يحتقر من يرتكبون هذه الفظائع.
خلافا للاسرائيليين الذين وسائل الاعلام العمياء لديهم تحميهم، فانهم في العالم يشاهدون ولم يعد باستطاعتهم الصمت. هذا ليس من حق العالم، بل واجبه. هو ربما يستطيع اقناع الشعب الروسي بقبول نظام ديكتاتوري، لكن بالنسبة لمن يدعون الديمقراطية لا مجال للتنازل. الحكومة في إسرائيل تمثل الشعب. والحرب في غزة مقبولة على اغلبية الشعب. في الحقيقة الأغلبية الساحقة ستخوضها بفرح وخضوع اعمى، ومعظم الإسرائيليين لا تهمهم الإبادة الجماعية بل هم يطالبون فقط بإعادة المخطوفين. لولاهم لما كانت هناك مثل هذه المظاهرات هنا.
نحن نستحق عقاب ثقيل لا يمكن تحمله، لا سيما منذ بدأت مرحلة الهستيريا المطلقة في مدينة غزة. هذا ليس كراهية إسرائيل أو مازوشية، هكذا هو الشعور بالعدالة، مع هذه الدماء على اليدين إسرائيل لا يجب عليها حتى محاولة قبولها في منتدى يقبل أعضاء مجرمين مثلها. الركض في قاعة “ستاد هولا” في فيينا على دماء غزة، المطهرة والمدمرة؟. عار على أوروبا، ان فقط خمس دول عارضت حتى الآن مشاركة إسرائيل، هي لا تستحق ان تكون هناك.