ترجمات عبرية

هآرتس: كيف يمكن الانتصار على فساد الاخلاق الذي يسمح بالتخلي عن المخطوفين؟

هآرتس 8/9/2024، ديمتري شومسكي: كيف يمكن الانتصار على فساد الاخلاق الذي يسمح بالتخلي عن المخطوفين؟

“بنيامين نتنياهو والحكومة في اسرائيل… يجب أن تخجلوا لأنه مرة تلو الاخرى أي صفقة يتم وضعها على الطاولة، أنت والحكومة تقومون برفضها. ألا تريدون انهاء هذا الكابوس؟”، هذا ما قاله هيرش بولين في الفيلم الذي نشرته حماس في نهاية نيسان.

الآن يمكن القول بثقة أن غولدبرغ بولين الذي ترك لمصيره وقتل هو وخمسة مخطوفين آخرين، حصل من رئيس حكومته على رد حاسم على سؤاله “لا”. نتنياهو والحكومة لم يريدوا انهاء هذا الكابوس في أي يوم. بل بالعكس. ففي الاختيار بين انقاذ هيرش واصدقاءه وبين التمسك الاستحواذي بمحور فيلادلفيا، الذي استمرار التواجد العسكري فيه يعتبر الطريقة الاكثر أمنا لافشال أي صفقة لتبادل المخطوفين، ومن هنا اطالة الحرب اللانهائية وبقاء نتنياهو السياسي والقانوني – اختار الرئيس والحكومة بدون أي تردد الخيار الثاني. 

هناك من يقولون إن الدعوة الى ازاحة نتنياهو على خلفية تخليه عن غولدبرغ واصدقائه وتركهم لمصيرهم من اجل بقائه السياسي والقانوني تعارض مباديء الديمقراطية لأن نتنياهو في نهاية المطاف تم انتخابه بشكل قانوني وقام بتشكيل حكومة تستند الى اغلبية الممثلين في الكنيست لمواطني اسرائيل.

يجب الاعتراف بأنه وراء صورة النصر المطلق لنتنياهو على مواطني اسرائيل المخطوفين المتجسدة بنوع من تبادل الحديث بينه وبين غولدبرغ بولين (الاخير يصرخ وهو يطلب المساعدة، في حين أن الاول يرد عليه بـ “محور فيلادلفيا الى الأبد”)، ما زال يقف جزء كبير من الجمهور في اسرائيل، المصوتين لليكود والصهيونية الدينية وقوة يهودية وغيرها. ليس من الخطأ الافتراض أن البعض منهم، بيبيين ومتعصبين بشكل خاص لعبادة شخصية الزعيم، وحتى هم مسرورون من اعماقهم ازاء هذا “النصر”، حيث أنه في نهاية المطاف هيرش، كما سمعت ذات مرة في محادثة عابرة بين اثنين من البيبيين، “مس بكرامة” نتنياهو لأنه تحدث اليه بهذا الشكل في الفيلم الذي نشرته حماس.

حقيقة أن القرار الذي اتخذته الحكومة الكهانية – البيبية، التخلي عن المخطوفين وتركهم لمصريهم، الذي يحصل على دعم  كبير من الشعب، أي أنه يعتمد على أسس الديمقراطية، هو امر مخجل على المستوى الوطني ويثير القشعريرة. من المثير للاهتمام مقارنة هذه الحالة بحالة روسيا. ففي روسيا – القيصرية والسوفييتية والبوتينية – التخلي عن حياة الانسان من اجل “الشعب” هو جزء لا يتجزأ من الروح “المدنية – الوطنية”. مع ذلك، لم يتم تحديد هذه الروح في أي يوم كنتيجة انتخابات ديمقراطية، بل تم تشكيلها من خلال مؤسسة القيصر بكل نسخها التاريخية، من عصر الامبراطورية وحتى الآن.

خلافا لذلك، مما يثير الخجل القومي، في اسرائيل يتم الدفع قدما بهذه الروح بصورة ديمقراطية عن طريق جزء كبير من مواطني الدولة. من هنا جاءت ثقة وصلافة نتنياهو وهو يسير بسرعة نحو النصر المطلق على فكرة المواطنة والقومية الاسرائيلية حتى موت المخطوف الاخير. 

انتصار نتنياهو على دولة اسرائيل ومواطنيها وشعبها يبدو وبحق مثل النصر المطلق. واساسه هو شرخ عميق، حقيقي وغير مجازي، في داخل الشعب الاسرائيلي، الذي جزء كبير منه مستعد، وربما حتى يحرص، على التخلي عن جزء آخر من الشعب ليموت في عذاب كما يأمر القائد. فهل سينجو شعب اسرائيل من هذا “الانتصار” عليه؟ جواب هذا السؤال ايجابي جدا. يكفي التمرغ في الشفقة على الذات التي توجد في اسطورة “تدمير الهيكل الثالث”. مع ذلك، مهم الادراك بأن الشرط الحيوي لبقائنا الوطني في ظل هذا الصدع هو قول “لا” حازمة لعروض الوحدة مع ذلك الجزء من الشعب المصمم على التخلي عن المخطوفين واستمرار عبادة ملك البيبية.  

بدون أدنى قدر من الصواب السياسي المزيف ينبغي القول إن الامر يتعلق بعضو فاسد في جسد الأمة الاسرائيلية، اخلاقيا ووطنيا. وأنه يجب تدميره بكل الطرق غير العنيفة، عندها يمكن البدء بالتدريج في العملية الداخلية لرأب هذا الصدع وتوحيد الشعب وعلاجه. 

موضوع عدم العنف مهم هنا بشكل خاص، لأن اتباع عميت سيغل وامثالهم، كل المحرضين بشكل مهذب والذين انبتهم العضو الكهاني – البيبي الفاسد، يأملون من اعماقهم رؤية اعمال شغب عنيفة للمعسكر الوطني – الانساني لمواطني اسرائيل. في اعماقهم لا يوجد أي أمر يحلمون به اكثر من ظهور يونا ابروشمي أو يغئال عمير من المعسكر المقابل. هكذا فان نصرهم المطلق على دولة اسرائيل سيكون نهائي وكامل. محظور منحهم هذه المتعة.

يجب الخروج الى الشوارع واغلاق الشوارع وتشويش روتين الحياة في الدولة، والوقوف بصمود امام الشتائم التي تسمعها السيارات الفاخرة لـ “ضحايا النخبة البيضاء”. كل ذلك بشكل غير عنيف حتى النصر المطلق لدولة اليهود والشعب الاسرائيلي على الفساد الداخلي – الوطني، وهو النصر الذي سيأتي فقط عندما تسقط حكومة أكبر كارهي اسرائيل والاكثر خطرا عليها في العصر الحديث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى