ترجمات عبرية

هآرتس –  كيف يقولون مناقصة بلغة الابرتهايد

هآرتس – بقلم  ميخائيل سفارد – 28/4/2021

” من يقرأ بعض البنود من الاوامر الصادرة عن الادارة المدنية والتي وافق عليها قائد المنطقة الوسطى، يعتقد أنها قد صدرت عن مقر لجنة حقوق الانسان في جنيف. ولكن بنود اخرى في نفس المادة، تمكن رئيس الادارة المدنية من اعادة الامور الى نصابها “.

       قبل ثلاثة اشهر نشرت الادارة المدنية في موقعها في الانترنت أمر وقع عليه قائد المنطقة الوسطى قبل خمسة اشهر من ذلك، بعنوان “أمر بشأن واجب المناقصات”. نوع الحكم في حكومة الضفة الغربية هو شمولي عسكري، لذلك فان أمر قائد القوات العسكرية هناك يعتبر قانون رئيسي. والفلسطيني الذي يريد معرفة ما هو القانون الذي يسري عليه، يجب عليه اعادة تفعيل الصفحة الرئيسية للادارة بشكل دائم، وأن يأمل أن تتذكر السلطة في كل مرة ابلاغ رعاياها بالمستجدات حول القوانين الجديدة التي تم سنها في مملكة الاحتلال.

       أنا أعترف أنني لم أقم بالتفعيل بصورة كافية وباستمرار. لذلك، استغرقني بضعة اسابيع اخرى كي اكتشف أنه في نهاية السنة الـ 53 حدث شيء ما في بيت ايل (مقر الادارة): المبدأ السائد في الحكومات التي تعمل من قبله ولصالح الجمهور، حيث يوجد لكل واحد من الرعايا الحق في التنافس على الموارد الارضية وعلى ميزانياتها، تجاوز كما يبدو جدار الفصل. في الامر الذي فرض واجب الاعلان قرر القائد العسكري في المادة 2 (أ) بأن “الادارة المدنية لا تتعاقد بعقد لتنفيذ صفقة سلع أو اراضي أو تنفيذ اعمال أو شراء خدمات سوى عن طريق عطاء علني يعطي لكل شخص فرصة متساوية للمشاركة فيه”.

       للوهلة الاولى بعد قراءة المادة اصبت بدوار خفيف واضطررت الى أن أعدل جلوسي. “فرصة متساوية”؟ “لكل شخص”؟ هل هذه هي الادارة المدنية التي نتحدث عنها. الجسم الذي منذ عشرات السنين يقوم بتخصيص اراضي عامة فقط لليهود. الجسم الذي قائده يتفاخر في صفحته في الانترنت بأنه يقود اعمال واسعة من اجل الاستيطان في يهودا والسامرة، مع تقديم الرد المناسب وتحسين مستمر للخدمات لتلبية احتياجات السكان الاسرائيليين. ولا يقول أي كلمة عن الخدمة التي يقدمها للفلسطينيين. لأنه لا يوجد.

       هل هذا حقيقة؟ من الآن ستكون هناك “فرصة متساوية”؟ ايضا “لكل شخص”؟. واذا كانت المادة 2 (أ) قد أدخلتني في دوار فان المادة 2 (ب) التي اقنعتني أخيرا بأنه يوجد هناك شخص معين وضع لي مواد للهوس في القهوة. وقد جاء في هذه المادة بأن “الادارة المدنية لم تميز بين المشاركين في العطاءات بسبب الاعاقة، الجنس، الميول الجنسية، المكانة الشخصية، السن، القومية أو بلد المنشأة أو الموقف”. ما الذي يحدث هنا؟ هل هذه قيادة فرقة يهودا والسامرة في بيت ايل أو مقر ممثلية حقوق الانسان في جنيف؟ قمت باغلاق الحاسوب وفتحته مجددا. الامر والمواد بقيت على حالها. هل حقا أنهم في الادارة المدنية اكتشفوا كيف يلفظون كلمة مساواة بالتصريفات المختلفة؟.

       في الضفة يوجد نظام ابرتهايد. تشريع، سياسة وممارسة، جميعها تخدم خلق والحفاظ على تفوق اليهود ودونية الفلسطينيين في جميع المجالات، في الحقوق وفي الموارد وفي البنى التحتية. منذ العام 1967 أقامت اسرائيل اكثر من 200 مستوطنة للاسرائيليين وصفر بلدة للفلسطينيين. كل شيء بني بحيث أن موارد المناطق المحتلة توجه بصورة منهجية وممأسسة لصالح المستوطنين الاسرائيليين وعلى حساب الفلسطينيين: الاراضي والمياه والموارد الطبيعية، وعندما تسمح التكنولوجيا بذلك بالتأكيد ايضا الهواء سيتم تخصيصه للمستوطنين.

       حكومات اسرائيل هي الجهات المبادرة التي دفعت الى اقامة الابرتهايد الاسرائيلي، والادارة المدنية هي التي تخرجه الى حيز التنفيذ. الابرتهايد ليس نتاج ثانوي للحكم، بل خاصية رئيسية ومحددة للكيان الحكومي في الضفة. الادارة المدنية بدون تمييز متعمد وممأسس للفلسطينيين مثلها مثل الهامبورغر النباتي في ماكدونالدز، ليس له علاقة ومخالف للروح. لذلك، اعطاء فرصة متساوية للمستوطنين والفلسطينيين من للتنافس على تخصيص الاراضي أو تقديم الخدمات هو بمفاهيم نظام الاحتلال يشكل انقلاب عظيم، ليس أقل من ذلك.

       ولكن لا داعي للقلق. بعد انتهاء المادة 2 (ب) تأتي المادة 2 (ج). المادة 2 (ج) من أمر واجب الاعلان عن العطاء، تحدد استثناءات لمنع التمييز. التي تعيد الامور الى حالها. “من خلال توفر أحد الامور التالية، جاء في المادة، “لا يرى في فتح عطاء بمشاركة اسرائيليين فقط أو مشاركين مسجلين في السجل فقط كتمييز”، وما هي الحالات التي فيها التمييز ليس تمييز؟ عندما تكون مجموعة من المجموعات لا تستطيع توفير موضوع العطاء بسبب “ظروف امنية”، أو اذا كان موضوع العطاء يحتاج الى “وصول ثابت ومباشر وفوري أو خلال فترة انذار قصيرة الى داخل مناطق أ وب أو الى داخل مناطق دولة اسرائيل”.

       بكلمات اخرى، مسموح وضع عطاء للاسرائيليين فقط أو للفلسطينيين فقط اذا كانت احدى هذه المجموعات غير مناسبة “امنيا” (هذا لا يحدث للاسرائيليين)، أو اذا كانت ممنوعة قانونيا من الوصول الى اسرائيل أو الى مناطق السلطة الفلسطينية. في هذه الحالات، الاسرائيليون أو الفلسطينيون لا يمكنهم التنافس في العطاء.

       يمكننا الهدوء اذا. نحن في نهاية الامر أمة حولت الاعتبار الامني الى اعتبار اوسع من درب التبانة، وصغير علينا أن نقرر أنه يوجد خطر امني في توفير اقلام الرصاص من منتج في جنين أو أن نجد ألف سبب امني لعدم تأجير قسيمة ارض للفلسطينيين من اجل فلاحتها (أصلا هناك بند آخر يجمد في هذه المرحلة واجب العطاءات في صفقات الاراضي). ولا نريد الحديث عن السهولة التي نصادر فيها تصاريح الدخول الى اسرائيل، الامر الذي يحول جميع الفلسطينيين، حتى من توجد لديهم تصاريح، الى ممنوعين من العطاءات التي تحتاج الى وصول، مثلا الى القدس.

       السماح بالاعلان عن عطاء احادي القومية هو أمر مدهش، حيث أنه ينسب لكل ابناء القومية المقصاة صفة مانعة، ولا يفحص وجودها بصورة تفصيلية لدى المرشح أو المرشحة. هذا مثل أن تمنع عن اليهود المشاركة في عطاء للعمل في نهاية الاسبوع على فرض أن الجميع يحافظون على السبت. هكذا بالضبط يبنون التمييز الجماعي من النوع المشين جدا. وكل ذلك حتى قبل أن نصل الى المادة التي تسمح لرئيس الادارة بتحديد قواعد لاعفاء صفقات من الاعلان عنها في عطاء، وهي صلاحيات تحوي في طياتها عالم كامل من التمييزات السلبية والاقصاء، التي فقط تنتظر ماكينة الطباعة لرئيس الادارة المدنية، الذي كما قلنا يهتم بـ “تحسين متواصل للخدمات لصالح السكان الاسرائيليين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى