ترجمات عبرية

هآرتس: قلب غزة: الضغط الآن على مركز سيطرة حماس

هآرتس 2023-11-08، بقلم: عاموس هرئيل: قلب غزة: الضغط الآن على مركز سيطرة حماس

نداءات الاستغاثة سمعت صباح أمس من مخيم الشاطئ للاجئين، المخيم الأكبر الذي يقع في شمال غرب مدينة غزة قرب الشاطئ. الفلسطينيون الذين بقوا في المخيم هم عالقون الآن في الكماشة الإسرائيلية من الشمال والجنوب، ويريدون الخروج من هناك.

لكن ليس فقط يصعب ضمان خروج المدنيين بشكل منظم في ظل الهجمات الإسرائيلية، بل ايضا حماس تضع العقبات أمام خروجهم لأنها معنية باستمرار استخدامهم كدروع بشرية. أطلق أعضاء حماس النار في السابق بشكل متعمد على قوافل المدنيين التي تحركت نحو الجنوب في الممر الإنساني الذي فتحه الجيش الإسرائيلي.

مخيم الشاطئ هو جزء من منطقة حاسمة بالنسبة لحماس في غزة. غير بعيد عنه يوجد ميناء غزة ومستشفى الشفاء، الذي توجد تحته غرف عمليات الذراع العسكري لحماس والمربع الامني – عدد كبير من المعسكرات الحربية. هذه هي مراكز القوة لسلطة حماس في المدينة. عمل الجيش الاسرائيلي  هناك بشكل محدود في نهاية عملية «الرصاص المصبوب» في 2009، وبذلك سرع موافقة حماس على وقف اطلاق النار بعد بضعة اسابيع من القتال.

الصورة في هذه المرة معقدة اكثر. ففي الـ 14 سنة التي مرت منذ عملية الرصاص المصبوب قامت حماس بحفر وتحصين منظومتها تحت الأرض، بحجم لم يواجهه أي جيش غربي في أي وقت. وأساس قوتها يختفي في الأنفاق. هذه المرة حتى الآن قادة حماس لا يظهرون أي اشارة على الاستعداد للاستسلام. في عدة ألوية لحماس في غزة توجد إصابات شديدة لقادة الالوية وقادة الفصائل والمقاتلين العاديين. القيادة العليا في معظمها ما زالت على قيد الحياة. حماس لا تقول بأنها توجد أصلا في المنطقة التي يجري فيها معظم القتال في شمال وادي غزة.

بعد استكمال حصار مدينة غزة فان الجيش الإسرائيلي يقوم بزيادة الهجمات على المنظومة الدفاعية الأخيرة لحماس في المدينة. في هذه الأثناء يبدو أنه لا توجد لحماس أي قدرة حقيقية لوقف حركة القوة الاسرائيلية المدرعة. هذه قوة كبيرة تتكون من السيارات المصفحة والنيران، وهي تتحرك الى الامام حيث أمامها ما يشبه شاشة نار متدحرجة، التي تستهدف تثبيت العدو في اماكن اختبائه. الفكرة العملياتية لحماس مختلفة: قضم ذيل القوات الاسرائيلية من خلال الانفاق بعد توقفها في اماكن ثابتة نسبيا. هذا سبب رئيس في أن الجيش الاسرائيلي يجب عليه البقاء في حركة دائمة.

هناك ايضا عامل الوقت الذي ذكر هنا في الايام الأخيرة. المتحدثون الرسميون في اسرائيل يعدون الجمهور لعملية ستستمر لأشهر كثيرة (الجنرال احتياط يعقوب عميدرور، المقرب من رئيس الحكومة، قال أمس: نحن بحاجة الى وقت كهذا لأنه ستكون حاجة الى تنظيف ايضا جنوب القطاع من البنى التحتية لحماس). ولكنهم في الجيش يدركون ايضا امكانية أن تكون هناك حاجة الى عرض انجاز سريع في فترة قصيرة في حالة وجود ضغط اميركي على اسرائيل من اجل تغيير اسلوب عملها وتقليص حجم القوات التي توجد داخل القطاع، والانتقال الى اسلوب الاقتحامات المركزة.

لا توفر حماس أي بيانات عن خسائرها، بل فقط عن القتلى المدنيين في القطاع. أيضا الجيش الإسرائيلي يجد صعوبة في نشر معلومات كاملة عن ذلك، لأن جزءا من مصابي حماس دفنوا في الأنفاق تحت الأنقاض. وفي ظل غياب مواجهات واضحة فانه يصعب تقدير إنجازات الهجوم. يبدو أنه ستمر بضعة ايام الى أن تتضح صورة القتال بشكل جزئي. عندها سيكون بالامكان فهم كم هو عدد منظومات حماس التي بقيت تعمل رغم الضغط الشديد الذي يستخدمه عليها الجيش الاسرائيلي.

استعراض قوة

مساء أول أمس، للمرة الاولى منذ حرب لبنان الثانية في 2006، تحمل حزب الله المسؤولية عن اطلاق الصواريخ على مدنيين اسرائيليين في كريات شمونه. لم يختر حزب الله  في هذه الحالة الاختباء وراء حماس كما فعل قبل اسبوع. هذا حدث رداً على الاطلاق الخاطئ لمسيرة اسرائيلية، قتلت اربعة مواطنين لبنانيين (بعد أن قتل حزب الله مواطناً اسرائيلياً، سائق صهريج مياه، بإطلاق صاروخ مضاد للدروع).

اشتد خطاب حزب الله  قليلا، وهكذا ايضاً عملياته؛ سواء أكانت موجهة نحو الحدود الجنوبية أم ضد المدنيين. أمس بعد الظهر تم إطلاق مرة اخرى صواريخ، 30 صاروخا، بعضها تم اعتراضه في منطقة الكريوت – وهذا مدى لم يصل اليه حزب الله منذ حرب لبنان الثانية. هذه المرة حماس تحملت المسؤولية عن الإطلاق، لكن من الواضح أن هذه عملية تم تنسيقها مع حزب الله.

الصحافي المقرب جدا من حسن نصر الله، ابراهيم الأمين، وهو محرر صحيفة «الأخبار» اللبنانية، اختار تخصيص جزء من مقاله الذي نشره أمس لتهديد الولايات المتحدة. حزب الله، مثل إيران، يقلق جدا من الاستعداد العسكري الأميركي الكثيف في الشرق الأوسط (في ليلة الاحد – الاثنين نشر أنه يشمل ايضا غواصة عليها صواريخ من نوع «توماهوك». وحسب قوله فانه يجب على حزب الله الاستعداد ايضا لإمكانية اندلاع حرب مكشوفة مع الولايات المتحدة.

استعراض القوة الأميركية في المنطقة يقلق بشكل واضح النظام في ايران وقيادة حزب الله ويردعهما. «نيويورك تايمز» نشرت أمس بأن الإدارة الإميركية قامت بإرسال تحذير صريح لايران وحزب الله بأن الولايات المتحدة ستشارك بشكل نشط في الحرب اذا تمت مهاجمة اسرائيل. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، غير معني بمثل هذه المواجهة. في اللقاءات مع الاميركيين أكد نتنياهو على حاجة اسرائيل الى التركيز الآن على الهجوم ضد حماس في غزة. الوضع المتوتر في لبنان يحاول نتنياهو استيعابه والاكتفاء بهجمات محدودة ردا على هجمات حزب الله من اجل عدم إجبار الجيش الإسرائيلي على أن يمتد اكثر من اللازم بين الجبهتين.

على المدى البعيد إسرائيل تواجه مشكلة استراتيجية في الشمال، حتى لو نجحت في العملية في غزة. في الواقع هجمات الجيش الإسرائيلي أبعدت قليلا مواقع قوة الرضوان عن الحدود مع لبنان. ولكن القوة الخاصة في حزب الله ما زالت توجد جنوب الليطاني، خلافا لقرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي انهى الحرب الأخيرة في لبنان، وحزب الله ما زالت بحوزته ترسانة تشمل اكثر من 150 ألف صاروخ وقذيفة.

بمثل هذه المعطيات فانه سيكون من الصعب اقناع سكان خط الحدود بالعودة الى بيوتهم حتى لو انتهت الحرب في غزة بانتصار اسرائيل. بعد 7 تشرين الاول في غلاف غزة فان الردع لم يعد بضاعة لها اهمية كبيرة في المنطقة. في المقابل، عملية هجومية لإسرائيل ضد حزب الله ستؤدي كما يبدو الى حرب شديدة وستشمل الأضرار الكبير بالجبهة الداخلية. حتى الآن الحكومة والجيش أيضاً امتنعوا عن ذلك. إسرائيل لم ترد عندما قام حزب الله بخرق التوازن العسكري عندما وضع منظومات متقدمة مضادة للطائرات في لبنان واقام مواقع لانتاج الصواريخ الدقيقة.

ترتيب التخوفات

هجوم حماس على الغلاف غيّر ترتيب التخوفات في أوساط الجمهور في إسرائيل. الخوف من الصواريخ، الذي كان منخفضا جدا في مركز البلاد، تم استبداله بخوف حقيقي من محاولات اختراق بلدات صغيرة في المناطق على حدود خط التماس. المذبحة في المستوطنات، التي شملت دخول المخربين الى البيوت واقتحام الغرف الأمنية وقتل واختطاف عائلات كاملة، كل ذلك هز بشكل كبير المدنيين وقوض بالكامل الشعور بالأمان. بعد شهر على القتال فان الصواريخ من الجنوب لم تعد تعتبر تهديدا كبيرا جدا. في الأيام الاولى كان هناك الكثير من المصابين بالصواريخ، بالاساس في الجنوب. ولكن الآن يبدو أن قدرة حماس محدودة جدا، رغم أنها ما زالت قادرة على التسبب باصابات. الاطلاق على المناطق القريبة من القطاع غير فعال بشكل خاص لأن معظم السكان تم اخلاؤهم من بيوتهم. الإطلاق على مركز البلاد، من الواضح للمواطنين أن دمج الاستجابة لتعليمات الحماية الى جانب نسبة الاعتراض المرتفعة للقبة الحديدية، يعطي الرد المعقول لتهديد الصواريخ.

في ظل غياب الجنود فان المستوطنات توسع فرق الطوارئ. وحتى الآن مطلوب بروتوكول عمل منظم أكثر – المواطنون الذين يدافعون عن بلداتهم بحاجة الى المعرفة بأن قوة مسلحة ومدربة للجيش الإسرائيلي أو حرس الحدود ستنضم اليهم خلال فترة قصيرة نسبيا، مقارنة مع قواعد الحماية البسيطة نسبيا من إطلاق الصواريخ – التي في هذه الظروف كل طفل إسرائيلي يعرفها – بشأن اقتحام البلدات الصورة ضبابية اكثر. هذه الصورة تثير الشعور بعدم الأمن.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى