ترجمات عبرية

هآرتس – قصة الهرب من سجن جلبوع

هآرتس – بقلم  يهوشع براينر – 29/9/2021

” تسعة اشهر من الاعداد تحولت الى مطاردة استمرت مدة 13 يوم. هكذا ظهرت الايام التي أدت الى الفشل في مصلحة السجون. وفترة التفتيش انتهت بالقاء القبض على السجناء في ثلاثة اماكن مختلفة “.  

على مدى اسبوعين تقريبا قامت قوات الامن بالبحث عن السجناء الفلسطينيين الذين هربوا من سجن جلبوع. زكريا الزبيدي وابناء العم محمود ومحمد العارضة ويعقوب قادري وايهم كممجي ومناضل نفيعات هربوا من السجن عشية انتهاء السنة العبرية عبر نفق قاموا بحفره، وقبل اسبوع استكملت بنجاح عملية البحث عنهم. 

منذ اعتقال الزبيدي ومحمود العارضة ومحمد العارضة وقادري بعد بضعة ايام من هربهم كان المحققون يجمعون معلومات عن افعالهم في الاشهر والاسابيع والايام التي سبقت عملية الهرب وبعدها. الآن بعد أن تم القاء القبض على كممجي ونفيعات يبدو أن الجيش الاسرائيلي والشرطة والشباك ومصلحة السجون قد رسموا صورة مكتملة عن الهرب من غرفة 5، قسم 2 في سجن جلبوع.

من التخطيط وحتى الهرب

حسب نتائج التحقيق الحفر بدأ في كانون الاول الماضي. كما يبدو في 14 نفس الشهر، بعد أن نجح محمود العارضة في رفع الغطاء الذي وضع تحت حوض المغسلة في مرحاض الغرفة. واكتشف أنه كان يغطي فراغ يقع بين اساسات السجن.

في الشرطة قدروا أن الخطة التي تمت بلورتها في ذاك اليوم اطلع عليها بين 10 – 15 سجين. باستثناء الستة الذين هربوا فانه الآن اربعة معتقلين آخرين ينتمون للجهاد الاسلامي، ثلاثة منهم كان يمكن أن يتم اطلاق سراحهم من السجن في الفترة الحالية. حسب الشكوك هم ساعدوا في حراسة الغرفة واخفاء الفتحة ومراقبة مجيء السجانين. اثنان منهما كانا مسجونين في الغرفة التي حدث فيها الهرب وتم استبدالهما بكممجي والزبيدي قبل بضعة ايام من التنفيذ. ثلاثة من السجناء في الغرفة كانوا معرضين لخطر الفرار.

عملية الحفر قادها نفيعات ومحمود العارضة بمشاركة سجناء آخرين. وقد استخدموا، ضمن امور اخرى، قطع من الحديد كانت توجد تحت ارضية الغرفة وصحون وأدوات قاموا بشحذها وصواني من الالمنيوم. التراب الذي تم اخراجه وزع في فتحات المجاري والصرف الصحي التي توجد في ارجاء السجن وفي حاويات القمامة واماكن اخرى. خلال اشهر الحفر كانت في السجن مشاكل في المواسير لكنها لم تثر شكوك السجانين أو المهنيين الذين تم  استدعائهم لمعالجتها.

السجناء قالوا في التحقيق معهم بأن عملية الهرب تم التخطيط لها في البداية كي يتم يوم الغفران، لكن بعد ذلك تحدد يوم تنفيذها في 7 ايلول، وهو اليوم الاول لعيد رأس السنة العبرية الذي فيه مصلحة السجون والشرطة يعملون في اطار مقلص. قبل بضعة ايام على الموعد المخطط له خافوا من أ، تراكم التراب والمشاكل المتكررة ستمكن السجانين من كشف الخطة، وربما يخربون النفق. لذلك قرروا تبكير عملية الهرب بيوم. 

حسب الشكوك قاموا بالاتصال مع فلسطينيين يقيمون في اسرائيل بدون تصاريح واتفقوا معهم على مساعدتهم في الوصول الى جنين بعد الهرب. ولكن تبكير الهرب بيوم جعلهم يبقون بدون مساعدة. ضم الزبيدي لعملية الهرب كان بسبب علاقته مع السلطة الفلسطينية واستهدف المساعدة في الوصول الى جنين.

عملية الهرب

قبل الساعة الواحدة والنصف ليلا بقليل، في 6 ايلول، بين يوم الاحد ويوم الاثنين، خرج الستة من الغرفة وساروا في النفق الذي استكمل حفره، حسب اقوال الزبيدي، قبل بضع ساعات من ذلك. السجناء قالوا إن من قاد عملية الخروج هما محمود ومحمد العارضة؛ عملية الزحف التي استندت الى شهادات السجناء ومعلومات جمعتها الشرطة تقدر بـ 20 – 30 دقيقة. في الساعة 1:49 دقيقة ليلا تم تلقي المعلومات الاولية عن السجناء عندما قام سائق سيارة عمومية سافر في المنطقة بابلاغ الشرطة عن مشبوهين قرب السجن.

السجناء الستة خرجوا من النفق الذي يوجد تحت برج المراقبة الذي لم يكن فيه أي أحد؛ الحارسة التي كانت في برج المراقبة القريب، وهي سجانة في الخدمة النظامية، اعترفت بأنها غفت اثناء الحدث. مصادر في مصلحة السجون قالت إن خروج السجناء تم توثيقه بكاميرات الحماية، لكن لا أحد رأى ذلك في الوقت الصحيح. وقالت هذه المصادر بأنهم شاهدوا الفيلم الذي ظهر فيه السجناء وهم يحملون حقائب، حقائب مليئة بالملابس والسجائر والطعام الذي جمعوه في الايام التي سبقت الهرب. الفيلم لم يصل الى “هآرتس”، ولم يكن بالامكان التحقق من المعلومات بخصوصه.

من السجن توجه السجناء الى قرية الناعورة. وفي الساعة 4:50 دقيقة فجرا تم توثيقهم بكاميرا حماية. في الشرطة قدروا أنهم اختاروا القرية التي تبعد 7.5 كم عن السجن بسبب ضوء المسجد الذي شاهدوه. عندما وصلوا الى القرية دخلوا الى المسجد دون الكشف عن هويتهم ومكثوا فيه 20 دقيقة، قاموا فيها باستبدال ملابسهم. وعندما خرجوا ارادوا الحصول على سيارة، أو على الاقل الى سيارة تنقلهم، لكنهم لم ينجحوا في ذلك. وحصلوا على الطعام من مخبز محلي. 

بين الساعة الخامسة والسادسة تم اتخاذ قرار بانفصالهم في ازواج. في الشرطة قدروا أنه في ظل غياب المساعدة التي ضمنوها مسبقا، تحركوا بدون أي خطة منظمة وكانوا مشوشين. المحققون وصلوا الى الناعورة فقط في اليوم التالي.

محمود العارضة ويعقوب قادري

مهندس عملية الهرب من السجن وصديقه المقرب، اللذان قضيا معا فترة 20 سنة في السجن، توجها من الناعورة غربا ومرا عبر محمية جفعات هموريه قرب قرية سولم، وواصلا نحو الشمال نحو الناصرة. في الشرطة اعتبروا نقطة خروجهما من القرية “الطريق الاسهل” لأنها منبسطة وممهدة. وقد تحركا في الليل وفي النهار كانا يختبئان. 

الاثنان قالا في التحقيق معهما بأنهما تناولا قطع من الحلوى اثناء الهرب قاموا بشرائها في السجن، اضافة الى الفواكه والخضار من الحقول التي توجد حولهما، مثل القثائيات والرمان والحمضيات. وشربوا مياه من انابيب الري. في الشرطة قدروا أنهما دخلا الى الناصرة، التي تم اعتقالهم فيها بسبب الجوع. في صباح اليوم الذي تم اعتقالهما فيه، 10 ايلول، اجتازا شارع العفولة – الناصرة 60، وبعد غروب الشمس توجهوا نحو هار هكفيتسا. في الليل ابلغ أحد سكان المدينة عن شخصين طلبا المساعدة منه والحصول على الطعام. وبعد 45 دقيقة على المحادثة تم اعتقالهما في المدينة بدون أي مقاومة.

زكريا الزبيدي ومحمد العارضة

مصدر رفيع في الشرطة قال إنه بعد الانفصال خرج سجين فتح الوحيد من بين الفارين ومحمد العارضة عبر البوابة الجنوبية للناعورة وسارا شمالا نحو طمرة. من هناك توجها شرقا الى منطقة كيبوتس غزيت وبعدها غربا الى هار تبور.

في يوم الجمعة، قبل الساعة الثامنة مساء، وفي موازاة وقت القاء القبض على العارضة وقادري، ابلغ احد سكان القرى في المنطقة أن هناك اشخاص طلبوا منه اثناء سفره في تراكتور قرب أم الغنم المساعدة في الوصول الى قرية اكسال. قوة مشتركة للشرطة والجيش وصلت الى المكان وشخصت آثار حذاء كانت تشبه آثار حذاء وجدت قرب فتحة الخروج من السجن. وفي الساعة الخامسة تم تتويج عملية البحث بنجاح. قوات خاصة من الشرطة وصلت الى كراج شاحنات في المنطقة ووجدتها متعبين. 

المحققون قدروا بأنهما وصلا للمرة الاولى الى المكان الذي تم اعتقالهما فيه قبل بضع ساعات من العثور عليهما. ومن غير المعروف ماذا تناولا اثناء الهرب، وهناك اعتقاد بأنهما عاشا على ما وصلت اليه ايديهما، وأكلا من الثمار المزروعة في المنطقة. كان هناك شك أنهما قد حصلا على مساعدة اقارب للزبيدي يسكنون في الشمال، لكن بعد الفحص تم استبعاد هذا الشك بسرعة.

مناضل نفيعات وايهم كممجي

بعد أن خرجا من الناعورة ذهبا الى قرية سولم واجتازا شارع 65 نحو بلفوريا. في ليلة الثلاثاء – الاربعاء، في الساعة الثانية، 8 ايلول، ابلغ شرطي مرور عن اثنين اجتازا الشارع نحو منطقة زراعية في الموشاف. وقد قام بالبحث عنهما واستدعى سيارات اخرى للشرطة ولكن لم يتم العثور عليهما. 

عند طلوع الشمس المحققون لم يعطوا أي  اهتمام لما حدث في الليل. ولكن اثناء النهار تم استئناف عملية التفتيش في المنطقة وأدت الى العثور على اغراض كانت مطابقة للاغراض التي تمت مشاهدتها معهما بعد خروجهما من السجن، مثل حقيبة بلون بني مع ورود عليها كان يحملها كممجي عند خروجه من المسجد في الناعورة، وكان فيها سجائر ومصحف وقطع حلوى وملابس واجهزة راديو. حسب اقوال مصدر في الشرطة “لم يبق أي أدنى شك بأن الامر يتعلق بهما”. اجهزة الراديو التي تم العثور عليها كانت موجهة لقنوات فلسطينية. وحسب تقدير المحققين، كانا على علم بالتفتيش الذي يجري عنهما.

الآثار التي تم العثور عليها في مسار الهرب اشارت الى أنهما انفصلا، لكن المحققين لم يحددوا الامر بشكل مؤكد. مصدر في الشرطة قال إن نفيعات تم توثيقه وهو يجتاز الجدار نحو شمال الضفة في 8 ايلول من خلال فتحة بين سالم والجلمة، بمساعده شخص آخر. المسافة التي اجتازها من منطقة بلفوريا الى الجدار عبر منطقة تعنخيم هي تقريبا 13 كم. من هناك واصل الى جنين، في البداية الى مخيم جنين وبعد ذلك الى المدينة. وقد تم اعتقاله هناك مع كممجي في نهاية الاسبوع الماضي، في ليلة السبت – الاحد.  من التحقيق الاولي معهما تبين أنهما وجدا صعوبة في العثور على شقة سرية في جنين، لذلك قاما بالاختباء في بيت أحد أبناء العائلة. مكان البيت، المكشوف نسبيا، سهل على قوات الامن عملية اعتقالهما. 

فيما يتعلق بكممجي، اعترف مصدر كبير، بأن “رحلته بقيت لغز”. خلال ايام المطاردة قال مصدر في الشرطة إن الشباك كان يعرف عن فيلم قام بتصويره قبل خروجه من السجن. في الفيلم ظهر كممجي وهو يقول بأنه سيبذل كل ما في استطاعته كي لا يعود الى السجن، حتى لو كانت حياته هي الثمن. لذلك، قوات الامن خشيت من أنه سيحاول تنفيذ عملية اثناء هربه، خاصة في الايام التي اعقبت اعتقال زملاءه. التفتيش بحثا عنه تركز في اكسال التي كان يعمل فيها قبل سجنه.

في الشرطة لا يعرفون متى اجتاز كممجي الجدار، وهل فعل ذلك مع زميله. الادعاء بأنه فعل ذلك بعد يومين على هربه من السجن يناقض ادعاء الشرطي والآثار التي تم العثور عليها في بلفوريا. والمحققون لم يتمكنوا من الملاءمة بين اتجاهي التحقيق، لكنهم يعتقدون أنه وصل الى اراضي السلطة بعد يومين من وصوله الى بلفوريا. 

الاسئلة التي بقيت مفتوحة

باستثناء مخالفة الهرب، يتهم الآن السجناء الستة ايضا بالتخطيط لتنفيذ عملية ارهابية. العقوبة على الافعال المنسوبة لهم هي عشرين سنة سجن، لكن اربعة منهم هم في الاصل يقضون عقوبة بالمؤبد. الزبيدي ونفيعات كانا معتقلين وتجري محاكمتهما. والسجناء الذين بقوا في السجن وعرفوا عن عملية الهرب اتهموا بالمساعدة في ذلك. 

الاربعة الاوائل يتم اعتقالهم الآن لمدة اسبوعين، والآخران يوجدان في ايام التحقيق الاولى. المحققون يحاولون الآن استكمال تفاصيل عملية الهرب قبل تقديم لوائح الاتهام: لماذا السجناء الستة لم يكونوا منظمين ولم يهربوا على الفور من جنين وابتعدوا نحو شمال الضفة؛ لماذا انفصلوا الى خلايا صغيرة وكيف تم تحديد الزوجين؛ ماذا كانت خططهم للايام التالية للهرب، على فرض أنهم خططوا الى أن لا يتم القاء القبض عليهم. الى جانب ذلك يتم ايضا فحص الاحداث داخل السجن، الاخطاء في مصلحة السجون وفي ليلة الهرب نفسها. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى