ترجمات عبرية

هآرتس: قرار محكمة العدل الدولية في صالح اسرائيل، الحملة ضدها تخدم بالاساس نتنياهو وشركائه

هآرتس 25/7/2024، نوعا لنداو: قرار محكمة العدل الدولية في صالح اسرائيل، الحملة ضدها تخدم بالاساس نتنياهو وشركائه

محكمة العدل الدولية في لاهاي اثبتت مرة اخرى في يوم الجمعة، خلافا للحملة المكثفة ضدها بقيادة حكومة نتنياهو، أنها مؤسسة تحاول لعب دورها التاريخي في ظل قيود وضغوط غير مسبوقة وتهديدات سياسية صريحة. للمرة الثانية في ملف الحرب في غزة اثبتت محكمة العدل الدولية بأنها لا تستبعد مجرد حق مواطني اسرائيل في الدفاع عن انفسهم وحقهم في الأمن، بل هي تطالب بأن تكون الحرب في القطاع بأقصى الحذر في الحفاظ على مباديء القانون الدولي، أي أن حق مواطني اسرائيل الدفاع عن انفسهم، في هذه الحالة محاربة حماس، لا يمكن أن يكون ضوء اخضر لـ “التدمير التام” والقتل بدون تمييز لآلاف الابرياء والطرد الجماعي والتجويع أو الاحتلال والضم كما يهدد هنا باستمرار، ضمن آخرين، منتخبو جمهور اسرائيليين.

المحكمة لم توافق على الطلب، حسب تعبيرها، الذي قدمته جنوب افريقيا، ولم تأمر اسرائيل بالتوقف فورا عن كل انواع القتال، وايضا لم تقم بالحسم في اقوال مقدمة الالتماس بأنه تحدث في غزة ابادة جماعية. لقد أمرت اسرائيل بوقف عمليتها العسكرية في رفح طالما أنها “تخلق ظروف حياة يمكن أن تؤدي الى ابادة السكان المدنيين الفلسطينيين”. اضافة الى ذلك، عاد القضاة وكرروا طلب من اسرائيل السماح بادخال المساعدات الانسانية والخدمات الحيوية، والسماح لممثلي الامم المتحدة بالدخول الى القطاع من اجل فحص ذلك. هذا لأن هدف القانون الدولي ليس منع الحروب كليا، بل تنظيم كيفية القتال حتى في الحروب الاكثر عدالة. 

القاضي الاسرائيلي، اهارون براك، عارض كما هو متوقع، لكن على اساس الادعاء بأن اسرائيل تطبق هذه الواجبات، لذلك هي غير ملزمة بوقف القتال. ولكن قرار المحكمة ابقى بشكل متعمد مجال ضبابي لتفسير هذه المسألة، الذي يلقي بالمسؤولية على الاجابة الفعلية لاذرع التنفيذ والرقابة على التطبيق، مثل مجلس الامن التابع للامم المتحدة الذي فيه الاعتبارات هي بالذات سياسية بشكل واضح. 

هكذا فان رد اسرائيل الرسمي على القرار هو أنها لا تنفذ، ولن تنفذ، في رفح أي نشاطات يمكن أن تؤدي الى ابادة السكان المدنيين، وأنها “ستواصل الجهود” (كما جاء في المصدر) للسماح بادخال المساعدات الانسانية وتقليص بقدر الامكان الاضرار للمدنيين. هذا بالضبط سيكون ايضا خط الدفاع لاسرائيل امام القرار في لاهاي، وهو أنه لا يوجد في رفح نشاطات ينطبق عليها تعريف المحكمة، لذلك فانه ليس هناك ما يجب وقفه.

على فرض أن ذلك صحيح. فهل جرى في اسرائيل تحقيق داخلي جدي للادعاءات بشأن توسيع سياسة فتح الناس؟ وماذا بخصوص الجوع؟ أي هيئة تستطيع أصلا فحص ذاتي كهذا هنا وفي هذا الوقت؟ هل نحن على قناعة بأن الحكومة، التي يطالب الاعضاء فيها صبح مساء بالضم والقتل، لا يقصدون أي كلمة مما يقولون؟ هل في رئاسة الحكومة التي تحارب في غزة يوجد نتنياهو مختلف عن الذي يهدد باستمرار أسس الديمقراطية والليبرالية في اسرائيل؟. مثلا، اسألوا وزير الشرطة ايتمار بن غفير، الذي في الوقت الذي تتفاخر فيه اسرائيل بأنها تبارك المساعدات الانسانية، هو عبر عن الاستياء من تأمين قوافل المساعدات الانسانية من العصابات الاسرائيلية التي تهاجمها.

لا يوجد اسرائيلي، وبالتأكيد ليس من يعتبر نفسه جزء من العالم الديمقراطي والليبرالي، يمكنه معارضة قرار المحكمة والمباديء الاساسية التي تعكسها، ولا أي اسرائيلي، باستثناء بنيامين نتنياهو واعضاء حكومته الاكثر تطرفا في تاريخ الدولة، توجد له مصلحة واضحة في نزع الشرعية عن المؤسسات الدولية، على رأسها مؤسسات انفاذ القانون الدولي. ومثلما يريد نتنيناهو وشركاءه تدمير وضعضعة ثقة الجمهور بمنظومة القانون في اسرائيل، فانه بسبب مصالح شخصية كمتهم، وهم من اجل الدفع قدما بالايديولوجيا المتطرفة، هكذا هم يريدون الآن تشويه مصداقية مؤسسات القانون الدولية. 

لقد حان الوقت للتحرر ليس فقط من نتنياهو الشخص، بل ايضا من الرواية السياسية التي صاغها هنا خلال عقد. حقيقة أن معظم الاسرائيليين يؤيدون شن حرب ضد حماس ردا على فظائع 7 تشرين الاول، وأن الكثير من الاسرائيليين واقاربهم هبوا لمحاربتها بانفسهم، لا تعني أنهم يؤيدون أو أنه يجب عليهم تأييد بالضرورة أي قرار اتخذه منذ ذلك الحين قادة هذه الحرب. 

القانون الدولي ومؤسساته في لاهاي ليست ضد اسرائيل، بل مع اسرائيل. مع اسرائيل التي ستحارب حماس وليس اطفال غزة؛ مع اسرائيل التي ستحارب من اجل اعادة المخطوفين بدون التهديد بالذبح والترانسفير للابرياء؛ مع اسرائيل التي فمها وقلبها نفس الشيء، وأنه يمكن تصديق متخذي القرارات فيها لأنهم وبحق ينوون محارب حماس وليس جميع السكان الفلسطينيين وتهويد غزة والضفة؛ مع اسرائيل التي تتفاخر بادخال المساعدات الانسانية، لذلك هي ستوقف من يحاول مهاجمة الشاحنات؛ مع اسرائيل التي يصل اليها زعماء افضل الذين هم غير متهمين بارتكاب جرائم حرب. الاجراءات في المحكمة في لاهاي هي مع اسرائيل، والحملة ضد هذه الاجراءات تخدم بالاساس شخص واحد، الذي يمكن أن يجد نفسه في القريب على كرسي آخر للمتهمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى