ترجمات عبرية

هآرتس: قرار المحكمة في لاهاي مع إسرائيل، والحملة ضدها تخدم نتنياهو

هآرتس 26/5/2024، نوعا لنداو: قرار المحكمة في لاهاي مع إسرائيل، والحملة ضدها تخدم نتنياهو

محكمة العدل الدولية في لاهاي اثبتت في يوم الجمعة الماضي مرة اخرى، خلافا للحملة الكثيفة ضدها بقيادة حكومة نتنياهو، أن هذه المؤسسة تحاول لعب دور تاريخي في ظل قيود وضغوط غير مسبوقة، وتهديدات سياسية صريحة. للمرة الثانية في ملف الحرب في قطاع غزة اثبتت محكمة العدل الدولية بأنها لا تنفي حق مواطني اسرائيل في الدفاع عن انفسهم وأمنهم. ولكنها تطلب بأن يكون القتال في القطاع من خلال الحفاظ بأكبر قدر ممكن على مباديء القانون الدولي. أي أن حق مواطني اسرائيل في الدفاع عن انفسهم، في هذه الحالة محاربة حماس، لا يمكن أن يشكل الضوء الاخضر لـ “التدمير الشامل” والقتل بدون تمييز لآلاف الابرياء والطرد الجماعي والتجويع أو الاحتلال والضم، كما يهدد هنا باستمرار اعضاء من منتخبي الجمهور. 

المحكمة لم توافق على الالتماس الذي قدمته جنوب افريقيا كما هو، ولم تأمر اسرائيل بالتوقف على الفور عن أي نوع من انواع القتال، ولم تحسم ايضا في طلب جنوب افريقيا القول بأن العملية في غزة هي ابادة جماعية. المحكمة أمرت اسرائيل بوقف نشاطاتها العسكرية في رفح طالما أن هذه النشاطات “تتسبب بظروف حياة يمكن أن تؤدي الى ابادة اللمدنيين الفلسطينيين”. اضافة الى ذلك كرر القضاة طلبهم من اسرائيل السماح بادخال المساعدات الانسانية والخدمات الحيوية ودخول ممثلي الامم المتحدة الى القطاع لفحص ذلك. لأن هدف القانون الدولي ليس المنع الشامل للحرب، بل تنظيم كيفية المحاربة حتى في الحرب الاكثر عدالة.

القاضي اهارون براك عارض، لكن على اساس أن اسرائيل تنفذ هذه الواجبات، ولذلك هي غير ملزمة بوقف القتال. لكن قرار المحكمة ترك بشكل متعمد هامش تفسير غامض لهذه المسألة، يلقي بالمسؤولية عن الجواب الفعلي على الاذرع التنفيذية وسلطات انفاذ القانون مثل مجلس الامن الذي فيه الاعتبارات هي بالذات اعتبارات سياسية بشكل واضح. 

هكذا فان رد اسرائيل الرسمي على قرار المحكمة هو أنها لم ولن تنفذ في رفح نشاطات يمكن أن تؤدي الى ابادة المدنيين الفلسطينيين، وأنها ستستمر في “جهودها” (حسب المصدر) للسماح بادخال المساعدات الانسانية وتقليص الاضرار على المدنيين. هذا بالضبط سيكون خط دفاع اسرائيل امام قرار المحكمة في لاهاي، أنه لا توجد في رفح نشاطات ينطبق عليها تعريف المحكمة، لذلك ليس هناك ما يجب وقفه.

على فرض أن هذا صحيح. فهل جرى في اسرائيل تحقيق داخلي حقيقي حول ادعاءات توسيع سياسة أوامر فتح النار؟ التجويع؟ هل توجد هيئة تستطيع أصلا اجراء فحص ذاتي كهذا هنا والآن؟ هل نحن على قناعة بأن حكومة كل الاعضاء فيها يطلبون كل يوم القتل والضم، لا يقصدون أي كلمة في اقوالهم؟ هل على رأس الحكومة التي تحارب في غزة يوجد نتنياهو يختلف عن نتنياهو الذي يهدد باستمرار بتدمير أسس الديمقراطية والليبرالية في دولة اسرائيل؟. اسألوا مثلا وزير الشرطة ايتمار بن غفير، الذي في الوقت الذي تتفاخر فيه اسرائيل بتقديم المساعدات الانسانية، عبر عن الاستياء من حماية قوافل المساعدات من العصابات الاسرائيلية التي تقوم بمهاجمتها.

لا يوجد أي اسرائيلي، وبالتأكيد ليس من يعتبر نفسه من العالم الديمقراطي والليبرالي، يمكن أن يعارض قرار المحكمة والمباديء الاساسية التي يعكسها. ولا يوجد أي اسرائيلي، باستثناء نتنياهو واعضاء الحكومة الاكثر تطرفا في تاريخ الدولة. هؤلاء توجد لهم مصالح واضحة في نزع الشرعية عن المؤسسات الدولية، على رأسها مؤسسات انفاذ القانون الدولي. ومثلما أن نتنياهو وشركاءه يريدون تحطيم ثقة الجمهور بمنظومة القانون في اسرائيل، فانه بسبب مصلحته الشخصية كمتهم وهم من اجل الدفع قدما بالايديولوجيا المتطرفة، يريدون الآن تقويض الثقة بمؤسسات القانون الدولي.

لقد حان الوقت للتحرر ليس فقط من نتنياهو شخصيا، بل ايضا من الرواية السياسية التي شكلها هنا خلال عقد. حقيقة أن اغلبية الاسرائيليين يؤيدون في الحقيقة شن الحرب على حماس ردا على اعمال 7 اكتوبر الفظيعة، أو أن معظم الاسرائيليين واقاربهم هبوا بأنفسهم لمحاربة حماس، هذا لا يعني أنهم يؤيدون أو أنهم يجب أن يؤيدوا بالضرورة أي قرار تم اتخاذه منذ ذلك الحين من قبل قادة هذه الحرب.

القانون الدولي ومؤسساته في لاهاي ليسوا ضد اسرائيل، بل هم مع اسرائيل. مع اسرائيل التي تحارب حماس وليس اطفال غزة؛ مع اسرائيل التي ستحارب على اعادة المخطوفين بدون التهديد بذبح وترحيل الابرياء؛ مع اسرائيل التي لسانها وقلبها متشابهان وأنه يمكن تصديق متخذي القرارات فيها لأنهم وبحق ينوون محاربة حماس وليس كل السكان الفلسطينيين؛ وتهويد غزة والضفة؛ مع اسرائيل التي تتفاخر بادخال المساعدات الانسانية ولذلك فهي ستوقف من يحاولون تعويق المساعدات؛ مع اسرائيل التي يصل اليها افضل الزعماء غير المتهمين بجرائم حرب. الاجراءات في المحكمة في لاهاي هي مع اسرائيل، والحملة ضد هذه الاجراءات تخدم بالاساس شخص واحد، الذي يمكن أن يجد نفسه في القريب على كرسي آخر للمتهمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى