هآرتس: قبل الغرق في الوحل ثلاثي الساحات
هآرتس – مقال – 17/4/2024، سامي بيرتس: قبل الغرق في الوحل ثلاثي الساحات
اسعار الشقق ارتفعت 2.8 في المئة في الاشهر الثلاثة الاخيرة رغم الحرب الوضع الاستراتيجي المعقد الذي توجد فيه اسرائيل. الحكومة منعت دخول العمال الفلسطينيين من يهودا والسامرة منذ 7 تشرين الاول، وهي لا تنجح في العثور على بديل من خلال استيراد العمال الاجانب. النتيجة هي ارتفاع اسعار ينبع بالاساس من العجز الحكومي. هذا فقط مثال واحد على ثمن تراجع الحكومة عن مواجهة المعضلات التي جرتها لنفسها. المعضلات الاخرى اكثر خطورة من ارتفاع اسعار الشقق.
بعد اشهر قالوا فيها في الحكومة والجيش بأن “استخدام القوة العسكرية سيقرب اطلاق سراح المخطوفين”، هذا المنطق فشل وحل مكانه منطق جديد. وقد عبر عنه في هذا الاسبوع وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهر عندما قال “لقد قمنا بتقليل القوة في غزة لأننا نريد التوصل الى الصفقة. ماذا فكرتم، هل فقط هكذا اتخذت الحكومة قرار تقليص قوة الحرب؟ نحن نريد التوصل الى صفقة”.
في هذه الاثناء ايضا تقليص قوة القتال لن يدفع قدما باعادة المخطوفين، وفي اسرائيل يفحصون أي وسائل سيستخدمون لتحقيق انعطافة. احد الاحتمالات هو الموافقة على جميع طلبات حماس والانسحاب من غزة وتحرير عدد غير قليل من المخربين الفلسطينيين الملطخة ايديهم بالدماء. حماس ايضا ستطلب ضمانات لبقائها. وفي المنظومة السياسية الحالية لا توجد أي احتمالية لتمرير مثل هذه الصفقة. عمليا كل الحكومة ستكون ملزمة بمنع حماس من الحكم في غزة وتشكيل أي تهديد على اسرائيل.
هذا الامر يبقي امام الحكومة طريقتين للعمل، إما حكم عسكري في غزة كما يقترح اليمين المتطرف أو وضع جهة حكم جديدة هناك تحتل مكان حماس. معنى الحكم العسكري بالنسبة لمكانة اسرائيل الدولية واقتصادها والمجتمع المدمر فيها وبعد اخلاء الجيش لجميع المناطق التي قام باحتلالها، هو حل غير عملي لأنه يحتاج الى احتلال جديد للقطاع.
الطريقة الثانية هي دمج السلطة الفلسطينية بشكل معين في السيطرة في غزة. الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها اسرائيل اعاد حماس بسرعة الى الحكم هناك. المساعدات الانسانية التي ازداد ادخالها بشكل دراماتيكي في الاسابيع الاخيرة تسمح لحماس بالانتعاش وتعزيز سيطرتها السلطوية. ولو أنه كانت هناك جهات اخرى تسيطر على تلقي المساعدات وتعمل على توزيعها وتتحمل المسؤولية عن اعادة اعمار اساسية للبنى التحتية المدمرة لكان ذلك سيخلق منافسة امام حماس ويخلق تهديد لحكمها.
يمكن المراوغة في صياغة من ستكون جهة الحكم الجديدة، وبنيامين نتنياهو فعل ذلك وبحق عندما نشر وثيقة قصيرة حول اليوم التالي وصف فيها من الذي يمكن أن يحكم في غزة. “بقدر الامكان سترتكز الادارة المدنية التي ستكون المسؤولة عن النظام في غزة على جهات محلية لها خبرة في الادارة. وهذه الجهات لن تكون متماهية مع دول أو جهات تدعم الارهاب أو تحصل منها على الرواتب. من جهة، نتنياهو لا يستبعد السلطة. ومن جهة اخرى يرتجف من احتمالية ذكرها خوفا من رد بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير. النتيجة هي مغسلة كلمات بدلا من السياسة، الاشارات بدلا من خطة عمل حقيقية، والمماطلة بدلا من قيادة وتصميم.
هذا سيبقي اسرائيل امام طريق مسدود لن يفتح الى حين أن يهزم الجيش الاسرائيلي كتائب حماس في رفح. معارضة اليمين المتطرف وجهات في الليكود لدمج السلطة الفلسطينية في الحكم في غزة تنبع من الخوف من تعزيزها. لذلك فان هذا سينهي استراتيجية الفصل بين قطاع غزة وبين يهودا والسامرة التي منعت الدفع قدما بحل الدولتين. ولكن في 7 اكتوبر تبين أن هذه الاستراتيجية هي استراتيجية فاشلة ومدمرة، وهذا ما حدث منذ ذلك الحين عندما انضمت حماس للحملة، وايران الآن ايضا.
إن مستوى المخاطرة آخذ في الازدياد، وهو يقتضي حل تشارك فيه السلطة الفلسطينية بدعم دولي مع الحفاظ على حرية العمل الامنية لاسرائيل في كل ما يتعلق بالسيطرة على غزة، هذا قبل الغرق في الوحل ثلاثي الساحات.