هآرتس: في هذه المرة سننتصر عليهم مرة والى الأبد، حتى المرة القادمة
هآرتس 22/9/2024، جدعون ليفي: في هذه المرة سننتصر عليهم مرة والى الأبد، حتى المرة القادمة
بعد استنفاد الفرصة الكبيرة في غزة تتوجه اسرائيل الى استنفاد الفرصة الكبيرة القادمة، الحرب في لبنان. عندما يتعلق الامر بالحروب فان اسرائيل هي ارض الفرص غير المحدودة. أي حرب هي فرصة، وكل فرصة هي حرب. هل توجد مشكلة في غزة؟ اذا حرب. هل توجد مشكلة على الحدود الشمالية؟ حرب اخرى. الكثير من الاسرائيليين متحمسين لأنهم انتظروا هذه الفرصة لسنوات. آخرون يؤيدون بصمت وألم. والجميع تقريبا على قناعة بأنه لا يوجد خيار آخر.
رؤية الحرب كرعب ضروري هي شيء ورؤيتها كفرصة هي شيء آخر. فرصة لعالم جديد، واقع مختلف وافضل. حماس سيتم تدميرها. المخطوفون سيتم تحريرهم. حزب الله سيتم التنكيل به. سكان الشمال سيعودون. الجليل سيزدهر ومعه شقائق النعمان. والغلاف ايضا. أي فرصة مدهشة تمثلها الحرب. اسرائيل لم تقم في أي يوم في تاريخها بشن حرب عملت على تحسين وضعها وحل مشكلاتها. بعضها مثل حرب الايام الستة اساءت لوضعها بشكل كبير، لكن هذه الحقيقة لا تقنع أي أحد. انتظروا الحرب القادمة. فهي ستحل المشكلات مرة والى الأبد.
“مرة والى الأبد”، هو النصر المطلق الذي كان ذات يوم. بعد أن ضربة حماس كما يبدو، مرة والى الأبد، ستضرب اسرائيل ايضا حزب الله، مرة والى الأبد. ولكن هذه المرة والى الأبد انتهت دائما ببضع سنوات من الهدوء. وبعدها جاءت حرب اسوأ من سابقتها. الآن من يؤيدون الحرب الكبيرة في لبنان يبررون التوق الى أن يروا مرة اخرى الجيش الاسرائيلي على مداخل بيروت بذريعة أنه سنحت لاسرائيل الفرصة الكبيرة. في نهاية الاسبوع حتى أنهم قاموا بحث متخذي القرارات، الـ 500 شخص اعمى جديد في لبنان في اعقاب تفجير اجهزة البيجر، هذه فرصة ذهبية لن تتكرر في القريب. اذاً متى ستقومون بشن الحرب، بربكم؟.
رؤية الحرب كفرصة هي بحد ذاتها اشارة الى عملية تفكير مرضي. اعتبار الحرب كوسيلة اولى ووحيدة لحل المشكلات هو وسيلة للتشوه النفسي. ولكن في الدولة التي فيها كاتبة الاعمدة في صحيفة “اسرائيل اليوم”، كارني الداد، تسمي عشرات القتلى وآلاف المصابين ومئات المصابين بالعمى بسبب تفجير البيجرات في لبنان “هدية كبيرة لهذا الشعب الاكثر استحقاقا في العالم، قبل السنة الجديدة”، لا يجب الاستغراب من أي شيء. “الضربات المدهشة التي تلقاها العدو في الشمال هي بالضبط ما كان يحتاجه هذا الشعب: الاناقة، الدقة، الاهانة، التفكير مليون خطوة الى الامام”، قالت الداد بشماتة. مليون خطوة الى الامام. ولكن بالنسبة للجمهور العقلاني فان الحرب لا تعتبر فرصة لأي شيء، باستثناء سفك الدماء والخراب والضياع.
مدرسة “مرة والى الأبد” تظهر بصورة غبية، لا سيما بعد غزة. لأن الحرب الفظيعة هناك استهدفت حل المشكلات مرة والى الأبد؛ لم يتم حل أي مشكلة بعد سنة قتال صعبة. عشرات آلاف القتلى والدمار الكامل. اسرائيل ستخرج من الحرب في غزة بوضع اسوأ بكثير من الوضع الذي دخلت فيه اليها. كيف بشكل عام يمكن التصديق بأن حرب ضد منظمة اقوى بكثير، وفي ظروف ميدانية اكثر صعوبة، مع جيش متعب وازدراء دولي، ستؤدي الى نتيجة افضل من الفشل الذريع في غزة. هم لم يصلوا الى الاستنتاج المطلوب الذي يقول بأنه كان من الافضل لاسرائيل عدم شن حرب هناك. ولكنهم يسرعون الخطى نحو صيدا، مثلما في حالة رفح بدون معارضة. احتجاج، نعم، لكن ليس ضد الحرب.
يصعب التفكير بصدفة لا يمكن تصورها كهذه: في الوقت الذي يقتل فيه الجنود ويُقتلون ويدمرون في غزة بدون أي هدف أو جدوى، فان الجيش يشق الطريق الى الشمال نحو حرب ملعونة اكثر، التي هي ايضا تستهدف حل المشكلات مرة والى الأبد. والجميع يسمعون الاصوات ويصدقون الاكاذيب. بعد لبنان سنذهب الى ايران، ايضا هناك ستكون فرصة، وهناك ايضا سنحل المشكلات، مرة والى الأبد.