هآرتس: في هذه الجولة من المعركة، غالنت فاز على نتنياهو
هآرتس 25/9/2024، الوف بن: في هذه الجولة من المعركة، غالنت فاز على نتنياهو
بنيامين نتنياهو يحب وصف نفسه بـ “السيد أمن”. ولكن طوال حياته السياسية طرح مواقف مخالفة للجيش. فبدلا من الاذعان لكبار الضباط مثلما فعل رؤساء وزراء آخرين، نتنياهو يستخف بهم كأشخاص ليس لديهم فهم استراتيجي، يعملون على تقاعدهم ويحاولون ارضاء اسيادهم في واشنطن. خصوم نتنياهو السياسيين في السابق كانوا في معظمهم من الجنرالات السابقين مثل اسحق رابين، امنون ليبكين شاحك، ايتسيك مردخاي، اريك شارون، بوغي يعلون، الثنائي غانتس – ايزنكوت، وفوق الجميع القائد السابق في دورية رئاسة الاركان اهود باراك.
ايضا في ولاية نتنياهو الحالية فان الخصم الرئيسي هو وزير الدفاع ورئيس اللوبي العسكري في الحكومة، الجنرال احتياط يوآف غالنت. ومثل آخرين في الليكود ايضا غالنت اجتاز مراسيم التدشين والاهانة البيبية في الطريق الى القمة، وعلى رأسها الصورة المخجلة لجوقة التشجيع التي كانت ترتدي الكمامات عند افتتاح الجلسة الجنائية لرئيس الحكومة. ولكن عندما جلس في الطابق 14 في مقر وزارة الدفاع عاد غالنت الى طبيعته، النقاشات المطولة والموافقة على الخطط ولغة الجيش وتعيين الضباط والجولات الى القواعد والزيارة للتدريبات. البدلة وربطة العنق لم تناسبه في أي يوم. وقد تعود على ارتداء قميص باللون الاسود وحذاء رياضة بلون اسود كنوع من ملابس الوزير.
الانقلاب النظامي بقيادة نتنياهو عند عودته الى الحكم طرح كمحاولة لسيطرة بيبي على جهاز القضاء، في الطريق الى تحويل اسرائيل الى ديكتاتورية مع قبعة صغيرة على الرأس وبندقية ام16. بسرعة تبين أن هدف نتنياهو الحقيقي كان وما زال “استبدال النخبة”. وعلى رأس الاحتجاج ضده كان ضباط سابقون و”اخوة في السلاح” وطيارون في الاحتياط بارزون في النخبة القديمة، الذين موقفهم الرسمي ظهر لنتنياهو مثل حصن منيع لـ “اليسار”.
كان يجب على غالنت اختيار جانب. هل سيكون المفوض البيبي في الجيش الاسرائيلي كما توقع منه رئيس الحكومة، أو القائد المدني في منتدى هيئة الاركان وممثله الاعلى في المستوى السياسي. غالنت اختار جماعته البيتية من وزارة الدفاع، عندما حذر في شهر آذار الماضي من الحرب التي توشك على الاندلاع، وعمليا وقف على رأس الاحتجاج ضد انقلاب نتنياهو وياريف لفين. نتنياهو حاول اقالته، لكنه تراجع عن ذلك امام ضغط الشارع، وغالنت استمر في طريقه حتى عندما خسر امام الجميع امام جشع لفين السياسي.
بعد ذلك اندلعت الحرب والجميع رأوا أن غالنت كان محق في تحذيراته وأن نتنياهو فشل. غالنت حاول امالة مركز الثقل العسكري الى الشمال، الى مواجهة مع حزب الله، وأن يبقي علاج حماس لجهد ثانوي. هو استند الى المفكر العسكري كلاوزوفيتش، الذي نصحه بأنه يجب مواجهة العدو الكبير في البداية. ولكن نتنياهو الذي خشي من التورط في لبنان قام بتعزيز نفسه بابناء غالنت في الجيش، غانتس وايزنكوت، ومعا لوحوا باقتراحات وزير الدفاع على اعتبار أنها مغامرة وتوجهوا لاحتلال قطاع غزة.
في الاسبوع الماضي انقلبت الدائرة واسرائيل قامت بشن حرب واسعة ضد حزب الله، بعد سنة تقريبا على استنزاف بدون حسم وتبادل يومي لاطلاق النار واخلاء المستوطنات في الجليل الاعلى وفي جنوب لبنان. أمل غالنت بمفاجأة حزب الله بضربة نيران تفقده التوازن وتحطم مرة والى الأبد صورته كجيش لا يمكن هزيمته، تحقق بسرعة مفاجئة عندما تم تفجير اجهزة البيجر واجهزة الاتصال وتصفية كبار قادة العدو التنفيذيين. التوق لضرب حزب الله لا يعتبر نزوة خاصة للوزير. الجيش الاسرائيلي بني واستعد بالضبط لهذه المواجهة خلال 18 سنة، منذ قام حسن نصر الله باهانة اسرائيل في حرب لبنان الثانية. “جيش الهايتيك”، كما عرفه العميد احتياط غاي حزوت، تم تطويره بالضبط للمهمة في الشمال. والى هناك تم توجيه الموارد الاستخبارية وسلاح الجو، التي تدربت خلال عشر سنوات على “المعركة بين حربين”. خلافا لغزة التي تفاجأ فيها الجيش الاسرائيلي من قبل حماس، وكان يجب عليه الارتجال واستخدام القوة الزائدة في قتال صعب في مناطق مأهولة، فانه في الشمال الخطط كانت متبلورة والدافع كان عاليا. نتنياهو حاول الخداع وكأنه يحث الثيران الكسلى على مهاجمة لبنان، بعد أن عمل غالنت وقادة الاستخبارات على عقد “صفقة التبادل” مع حماس، التي يعتبرها اليمين في اسرائيل استسلام مخجل للعدو. ولكن الحقيقة معاكسة. فقد تم جر نتنياهو بالضبط الى سلم اولويات سوقه خصومه في مكتب وزير الدفاع وفي هيئة الاركان وفي مقر الموساد. وحاول مرة اخرى، لكنه فشل، الاطاحة بغالنت قبل العملية الهامة لقائد سلاح البحرية السابق.
من غير المفاجيء أن غالنت يحتفل مؤخرا بالاعلان عن الانجازات والانتصار على حزب الله، ورئيس الحكومة يعرض خط منضبط اكثر. ربما أن نتنياهو يخشى من التورط، وهو يفضل، اذا حدث ذلك، عزوه لخصمه. الفضل في الانجازات، اذا تحققت فيما بعد، سيعرف رئيس الحكومة كيف سينسبها لنفسه ويخفي الآخرين، وربما أن نتنياهو يدرك بأنه في هذه الجولة الداخلية الجيش فاز عليه وعاد لقيادة جدول الاعمال الوطني. ليس من الغريب أن رؤساء اللوبي العسكري في المعارضة، غانتس ويئير غولان، سارعوا الى مباركة العملية، وحتى قاما بتشجيع العملية البرية في لبنان. ولكن النتيجة النهائية ما زالت امامنا. فقبل معرفة من الذي فاز في المعركة الداخلية، يجب على نتنياهو والجنرالات الانتصار على حسن نصر الله.