هآرتس: في محاولة لفرض اتفاق نووي ترامب يلمح بهجوم إسرائيلي محتمل في ايران

هآرتس – عاموس هرئيل – 11/6/2025 في محاولة لفرض اتفاق نووي ترامب يلمح بهجوم إسرائيلي محتمل في ايران
تعبير جديد دخل في القاموس السياسي والاقتصادي الامريكي في الشهر الماضي يقلق جدا الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وهو نظرية “تاكو”، التي هي اختصار لجملة ترامب “دائما يتراجع في النهاية”. مقال في صحيفة “فايننشال تايمز” صك هذا المصطلح في بداية أيار على خلفية التراجع البارز للرئيس في قضية فرض الجمارك الضخمة على الاستيراد الامريكي، عندما تبين الرد السلبي للاسواق العالمية. حسب الصحيفة فان الاسواق ادركت انه لا يوجد للادارة الامريكية الحالية أي قدرة على الضغط الاقتصادي، وان ترامب سيتراجع بسرعة عن تهديداته وقراراته عندما سيتم استخدام ضغط مضاد عليه.
هذا الوصف يغضب الرئيس الذي تشاجر مع صحفية تجرأت على سؤاله في الاسبوع الماضي حول رده على هذا الادعاء. ولكن اللهجة بين لغة التهديد لترامب وقرارات الادارة الحقيقية ظهرت في جزء كبير من خطواته منذ عاد الى الحكم في كانون الاول الماضي. هناك لترامب، وبالتأكيد لمعظم مستشاريه والكثير من مؤيديه، ميل انعزالي واضح في كل ما يتعلق باستخدام القوة العسكرية الامريكية في الساحة الدولية. المشكلة تكمن في انه يجد صعوبة في تحقيق اهدافه بدون استخدام القوة، وصورته تضررت.
في الاسبوع الماضي، على خلفية العقبات التي واجهها في محاولته انهاء الحرب بين روسيا واوكرانيا قال ترامب انه “احيانا الطرفان يجب عليهما المحاربة” من اجل ان يتم التوصل الى تسوية. اول أمس، في مؤتمر صحفي له، تطرق الرئيس الامريكي الى المفاوضات مع ايران وتصميم النظام في طهران بأن الاتفاق النووي الجديد سيحافظ على حقها في تخصيب اليورانيوم، وعن رفض ايران حذر ترامب بأنه “ستكون له تداعيات خطيرة جدا”.
في نفس الوقت نشر ان ترامب تحدث هاتفيا بشكل مطول مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الامر الذي تم النشر عنه في الوقت الذي اجرى فيه نتنياهو أمس المزيد من المشاورات الامنية المطولة حول التوتر مع ايران، وفي قنوات التلفزيون تحدث المراسلون بانفعال معين عن الاستعدادات المتطورة للجيش الاسرائيلي لاحتمالية هجوم اسرائيلي. ترامب نفسه اضاف بأنه “ليس سرا ان اسرائيل لا تريد الاتفاق”، وقال بانه نقل “اقتراح معقول” لايران بشان طبيعة الاتفاق النهائي. “نحن نحاول التوصل الى اتفاق يمنع الدمار والموت، لكن ربما هذا لن ينتهي هكذا”، اعترف الرئيس الامريكي.
كالعادة، مثلما في قضية ارسال الحرس الوطني، وتقريبا المظليين، من اجل قمع المظاهرات ضد طرد المهاجرين في لوس انجلوس فانه يصعب التحرر من الانطباع بان ترامب يستفيد من هذا المشهد. فطالما توجد دراما وفيها عامل محتمل للعنف فانه من الواضح ان الرئيس يستمتع بذلك، وبشكل خاص الاهتمام الموجه اليه ولقراراته. ولكن هذا النهج يوجد له ثمن. الطريقة التي تفحص فيها اسرائيل سيناريوهات الحرب، والطريقة التي تفحص فيها الولايات المتحدة هذه السيناريوهات، يكمن خطر تصعيد اقليمي كبير في الشرق الاوسط. الجنرال مايكل كوريلا، قائد المنطقة الوسطى في الجيش الامريكي، قال أمس في جلسة استماع في الكونغرس بان هجوم اسرائيلي مستقل في ايران سيعرض للخطر حياة جنود امريكيين، وأن الجيش اقترح على الرئيس عدة احتماليات في حالة فشل الجهود الدبلوماسية حول التوصل الى اتفاق.
نتنياهو لا يخفي شكوكه في طبيعة الاتفاق الذي سيوقع مع ايران، وتفضيله للخيار العسكري الذي يرافقه منذ عقدين تقريبا. ولكن توجد فجوة كبيرة بين السيناريو الذي تهاجم فيه اسرائيل بشكل مستقل، بدون تنسيق مع الامريكيين (خلافا للتحذير الصريح للرئيس في الشهر الماضي) وبين عملية منسقة مع واشنطن. اسرائيل بحاجة الى الولايات المتحدة، سواء من اجل تعزيز منظوماتها الدفاعية امام الصواريخ في حالة هجوم مضاد لايران، أو (في المستقبل) في حالة كانت حاجة الى هجوم جوي متواصل، متعدد الجولات والطلعات ضد ايران. من التلميحات التي ينثرها الرئيس يجب عدم استبعاد احتمالية انه يفكر باستخدام القوة العسكرية الاسرائيلية كوسيلة ضغط على ايران، بهدف الحصول منها على اتفاق افضل. ترامب يمكنه التوصل الى استنتاج بأن استعراض القوة من جانب القوات الجوية سيجبر النظام في طهران على اعادة النظر في خطواته.
ردا على هجمات المسيرات والصواريخ فان اسرائيل قامت بشل منظومة الدفاع الجوي في ايران، بواسطة هجومين فيها. في هذا الوقت يبدو ان النظام الايراني يجد صعوبة في اقناع روسيا بالوقوف الى جانبه مجددا في هذه المعارك، ازاء الصعوبات التي شهدتها موسكو في حربها في اوكرانيا. اسرائيل قامت بتقشير جزء كبير من طبقات الدفاع الجوية التي توجد حول المنشآت النووية والمواقع الاستراتيجية الاخرى. شخصيات رفيعة سابقة في جهاز الامن، قائد سلاح الجو السابق الجنرال احتياط امير ايشل ومستشار الامن القومي في حكومة بينيت – لبيد ايال حولتا، كتبا في الشهر الماضي بأن “طهران بقيت مكشوفة” في اعقاب الهجومين الاسرائيليين.
نتنياهو، الذي يبقي الان الكثير من الكرات في الهواء. الى جانب التزامه الاستراتيجي بعيد المدى بمحاربة المشروع النووي الايراني ووعوده باحباط ذلك بكل الطرق، ينشغل بصراع بقائه السياسي. هذا الاسبوع زادت الاحزاب الحريدية الضغط عليه الى درجة التهديد بحل الائتلاف والذهاب الى الانتخابات، وطلبت منه تنفيذ تعهده وتمرير قانون الاعفاء من الخدمة العسكرية لصالح ناخبيها. هذه ليست المرة الاولى التي يستخدم فيها نتنياهو حجة ايران من اجل محاولة اقناع الاحزاب الحريدية بالبقاء في الحكومة. قبل بضعة اشهر نشر انه حتى حدد موعد للهجوم، 15 نيسان، من اجل اقناع رئيس شاس آريه درعي بتخفيف الضغط حول التجنيد. وقد مر شهران منذ ذلك الحين والهجوم لم يتحقق.
في الخلفية يوجد موضوع اخر، موضوع عائلي. في يوم الاثنين القادم سيتزوج ابنه الصغير افنر في احتفال يشارك فيه الكثيرون. والتصعيد امام ايران يمكن ان يضع الاحتفال بالزفاف في خطر، بعد تاجيله بسبب الحرب ضد حزب الله في السنة الماضية. من يعتقد أن هذا الاعتبار لا يوجد مكان له في بلورة الصورة الاستراتيجية فهو لا يعرف اين توجد اسرائيل بعد مرور عشرين شهر على الحرب.
اذا تحدثنا عن الحرب فان الانشغال الكثيف بايران يدفع الحرب في غزة الى خارج جدول الاعمال – حيث لا تزال اسرائيل بعيدة جدا عن تحقيق النصر، خلافا لتصريحات نتنياهو والتنبوءات المتكررة التي تطلقها ابواقه.
الآن للمرة الاولى بعد هدنة طويلة، عاد رئيس الحكومة وعقد الكابنت لمناقشة اقتراح تمت حتلنته والذي تدفع به قدما قطر من اجل صفقة التبادل، حيث توجد في الخلفية قضية ايران وجهوده للحفاظ على التحالف مع الحريديين، من الجدير اخذ الانباء عن التقدم المحتمل في المفاوضات بدرجة كبيرة من الحذر.