هآرتس: في غزة لا يوجد “هجرة طوعية”، اسرائيل مسؤولة عن التطهير العرقي الاجرامي

هآرتس 18/5/2025، ميخائيل سفارد: في غزة لا يوجد “هجرة طوعية”، اسرائيل مسؤولة عن التطهير العرقي الاجرامي
في نهاية الاسبوع بدأت اسرائيل في اخراج الى حيز التنفيذ عملية “عربات جدعون”. الجيش الاسرائيلي أمر سكان غزة بالانتقال الى الجنوب. ومثلما نشر ينيف كوفوفيتش في “هآرتس” في 7/5، فان احد اهداف القتال، التي تم تحديدها في أمر العملية، هو “تجميع ونقل السكان”. توقفوا للحظة وقوموا بلفظ التعبير الذي استخدم في الأمر، “تجميع السكان”. يبدو أن هناك شخص ما في مشروع غسل الكلمات في الجيش الاسرائيلي لم يصل الى العمل.
النقطة المهمة هي أن “تجميع ونقل السكان” يعتبر هدف للعملية، وليس وسيلة لتحقيق اهداف اخرى. أي أن الحديث لا يدور عن النقل القسري للسكان الى منطقة اخرى بشكل مؤقت الى حين انتهاء الحرب، بل الحديث يدور عن هدف للتحقق. واذا نجحت العملية في تحقيق اهدافها في نهاية المطاف فان مليوني غزي سيتجمعون في منطقة توجد في جنوب محور موراغ مساحتها اقل من ربع مساحة القطاع.
كما كتب البروفيسور ايال بنفنستي والبروفيسور حاييم غينس فان هذا النقل القسري، الذي ينفذ بحجم كبير كما هو مخطط له في غزة، هو ليس فقط جريمة حرب، بل جريمة ضد الانسانية (“هآرتس”، 11/5). وما الذي سيُفعل بالـ 2 مليون غزي الذين سيتجمعون بين محور فيلادلفيا ومحور موراغ؟. هكذا، الزعماء لدينا يتحدثون عن “التشجيع على الهجرة”، وفي الاسبوع الماضي نشر أن الادارة الامريكية حتى تجري مفاوضات مع ليبيا، الدولة الآخذة في الانهيار تحت الحروب والارهاب الخاصة بها، من اجل استيعاب مليون “مهاجر” من غزة. لا توجد طريقة لوصف موقف بنيامين نتنياهو وعصابته من الناس الذين يعيشون في غزة عدا عن أنهم “قمامة انسانية” نريد تصديرها ورميها في دول اخرى.
أيها الجنود المشاركون في العملية، أنتم بالصدفة تقرأون “هآرتس”، أنا اريد تقديم نصيحة قانونية بالمجان: الطرد الجماعي، الذي هو جريمة ضد الانسانية، يمكن تنفيذه ليس فقط بواسطة تحميل اشخاص في شاحنات بتهديد البنادق. القانون الدولي واضح جدا – حتى استخدام وسائل الضغط التي تجعل الناس يرغبون في الهرب من اماكنهم يعتبر طرد. والدي، الذي كان ناشط في مظاهرات الطلاب في آذار 1968 في وارسو، قامت السلطات في بولندا بطرده من الجامعة وسجن بدون محاكمة. جدي، والد أمي، الذي أيد الاحتجاج، قرروا اقالته من وظيفته كمحاضر في الجامعة.
السكرتير الاول في الحزب الشيوعي في حينه، فلادسلاف غومولكا، قال في خطاب لاسامي للأمة بأن “اليهود، الذين هم غير مخلصين للنظام، مدعوون للمغادرة. السلطات في بولندا “شجعتهم” على الهجرة، بدون تجويع أو تفجير بيوتهم أو تخريب البنى التحتية الصحية والتعليمية والغذاء والمجاري وكل ما مكن من وجود حياة انسانية. بالطبع، لا يوجد مكان للمقارنة بين الضغط السياسي، الاقتصادي – الاجتماعي، الذي استخدم عليهم من اجل المغادرة وبين حملة القتل والتدمير العنيفة التي يشهدها الغزيون. مع ذلك، هم يعتبرون كمن تم طردهم من بولندا.
الغزيون لن يغادروا غزة طواعية. في ظروف غزة لا توجد حياة كهذه، لا يوجد شيء يسمى الهجرة الطوعية. الذين سيغادرون، هذا اذا غادروا، فهم سيفعلون ذلك لأن الجريمة ضد الانسانية نفذت ضدهم. هم لن يهاجروا، بل سيهربون. واسرائيل هي التي ستكون مسؤولة عن التطهير العرقي الاجرامي في القرن الواحد والعشرين.
الحقيقة هي أن الاقوال نفدت. ماذا يمكن أن يقال بعد؟ هل يجب التوضيح بأن ارتكاب جريمة ضد الانسانية هو امر غير قانوني بشكل واضح؟ هذا واضح من تلقاء نفسه. هل يجب القول بأن ضباط وزعماء سياسيين يهود، الذين يتحدثون عن “تجميع” السكان وطرد مئات الآلاف ويسمحون بتجويع الاطفال والنساء والشيوخ والرجال الابرياء، انتزعوا من انفسهم العبر الاخلاقية الاكثر اهمية، التي كان يجب على تاريخ اليهود زرعها في كل واحد منا.
جميعنا نعرف أن استمرار الهدف يهدف الى التمكين من بقاء الحكومة، وفي نهاية المطاف الغاء محاكمة نتنياهو، وأنها ستؤدي الى الموت الفظيع للمخطوفين الذين يناضلون تقريبا منذ 600 يوم في أسر حماس. اجيال من الاسرائيليين ستحمل وصمة العار التي نقشت على جبيننا في هذه الايام، التي نواصل فيها تجويع وطرد اشخاص عاجزين. ما الذي سيحدث لنا؟ كيف يمكننا العيش مع افعالنا؟.