ترجمات عبرية

هآرتس: في طريقه الى منصة الشهود، نتنياهو يُفسد دولة إسرائيل

هآرتس 10/12/2024، مردخاي كرمنتسرفي طريقه الى منصة الشهود، نتنياهو يُفسد دولة إسرائيل

من سيقف اليوم على منصة الشهود، هل هو الشخص أو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو؟. محظور الخضوع لما تتم مشاهدته وكأن الامر يتعلق بمشهد طبيعي. رئيس حكومة ومتهم بمخالفات جنائية خطيرة لا يسيران معا، هما الامر ونقيضه. الواقع، بسبب ذلك، هو مشهد سريالي لا يمكن معرفة مكانه في دولة سليمة، ولا يجب أن يتكرر مرة اخرى. طالما أن ثقافتنا السياسية (قبل أي تسوية دستورية أو قانونية) لا تُملي في هذه الحالة وقف أو تعليق الولاية حتى انهاء الاجراءات القانونية، فاننا نشهد على انفسنا بأن احترام القانون والادارة السليمة والنموذج الشخصي الذي يجب أن تبثه القيادة، كل ذلك محشور لدينا في الزاوية. فرئيس الحكومة هو المسؤول عن طهارة المعايير والأداء الصحيح للوزراء. من هنا تأتي صلاحيته والتي احيانا تتحول من حق الى واجب، اقالة وزير من منصبه. كيف يمكن للمتهم نتنياهو أن يلعب هذا الدور باخلاص؟ بالتأكيد ليس عن طريق اقالة يوآف غالنت بسبب اختلاف مواقفهما. 

واضح أن الاتهامات الموجهة لنتنياهو هي شخصية تماما، لكن هل هي لا تنعكس ايضا علينا جميعنا، وحتى على القضاة؟ هذا من خلال مكانته كرئيس للسلطة التنفيذية، وبقوة التفويض الذي اعطاه  الناخبون له، والكنيست التي منحته الثقة وجعلته ممثلنا الاكبر. هذا الانعكاس يؤثر بكل الطرق على الناس؛ هم ينظرون الى انفسهم في المرآة ويرون نتنياهو. هناك من يجعلهم هذا المنظر يهدأون ويستمتعون، وحتى ربما يتفاخرون. وهناك من يجعلهم يمتلئون بشعور الاحترام، احترام السلطة. وهناك من يشمئزون. عندما يريد رئيس الحكومة بدء محاكمته كما يبدو بدون أي مبرر موضوعي، الشهادة في الغرف المغلقة. وعندما يريد كشف سر في أذن المحكمة فانه يريد الاستفادة من التأثير غير الموضوعي بصفته رئيس الحكومة. المحكمة فعلت جيدا عندما رفضت هذا الطلب.

مكانة رئيس حكومة في منصبه، الذي يقدم الشهادة في محاكمته اثناء حرب ما زالت مستمرة ولم يتم تحقيق أي هدف من اهدافها، في المقام الاول اعادة المخطوفين، هو رئيس حكومة سيء من ناحيتين. سيء للمحاكمة التي تجد صعوبة في النظر الى رئيس الحكومة الذي يتولى منصبه كأحد المتهمين، وسيء لادارة شؤون الدولة، وعلى رأس ذلك الحرب. شؤون الدولة تحتاج التفرغ الكامل والمطلق، الذي لا يمكن تحقيقه عندما يكون رئيس الحكومة يتم التحقيق معه لفترة طويلة ومتواصلة كشاهد. لو أن مصلحة الدولة كانت امام ناظريه لكان نتنياهو أخذ اجازة مؤقتة من المنصب من اجل التفرع لدفاعه القانوني. في المقابل، اذا قرر عدم تقديم شهادته، فان المارد سيخرج من القمقم. فنتنياهو يعرف بأن شهادته ستؤدي الى ادانته.

منذ شعر نتنياهو بأن التحقيق معه هو جدي وثقيل الوزن فقد قام بالقاء وضعه الشخصي، كشخص يتم التحقيق معه وكمشبوه ومتهم، كظل ثقيل على حياتنا في هذه البلاد. رئيس الحكومة الذي يعتقد منذ فترة طويلة بأنه فوق الشعب، يرى نفسه متضررا من اجباره على الوقوف في هذا الوضع. اضافة الى شعوره فقد تولدت لديه مصلحة قوية، مصلحته تملي عليه اضعاف اجهزة انفاذ القانون بدون استثناء ونزع شرعيتها. رئيس الحكومة اصبح عدو سلطة القانون في الدولة، سلطة القانون التي بكونه رئيس الحكومة كان يمكن أن يدفع بها قدما ويطورها. 

الى الأبد سيتم تذكر هذا المشهد، حتى لو كان سرياليا، مشهد نتنياهو ومجموعة المتملقين الحقيرين، في المحكمة المركزية، وهو يهاجم اجهزة انفاذ القانون، على رأسها المفتش العام للشرطة السابق الشيخ، والمستشار القانوني السابق للحكومة مندلبليت. وينسب لهم حياكة مؤامرة ضده بدوافع سياسية. للخجل الشديد، هذا الهجوم لم يحصل على الرد المناسب. 

هكذا انفعل وحدث انقلاب في الخلق، وحتى تشعب وتوسع ليشمل جميع منظومات الحكم. لم تعد “دولة اسرائيل ضد نتنياهو”، بل “نتنياهو ضد دولة اسرائيل”. نفس الشخص، الذي كانت مصلحة البلاد بكل نقائها تقف نصب عينيه، وقع فريسة مصالحه الخاصة كمتهم جنائي، وهي مصالح على الاغلب تتناقض مع المصلحة العامة. بين هاتين المجموعتين من المصالح، أعطى وزن حاسم لمجموعته الخاصة. لا يقل خطورة عن ذلك – في كل قرار حكومي، في كل سياسة يتم وضعها، لا يعرف مواطنو اسرائيل ما الذي يحرك نتنياهو: اعتبارات ليست ذات صلة أو مصالحه الشخصية. لولا الوطنية غير العادية للمواطنين وحبهم للوطن، لكان مشكوك فيه أن تتمكن اسرائيل من شن الحرب، بنجاح عسكري كبير، عندما يقودها شخص لا يمكن الوثوق بدوافعه.

ليس فقط أبناء عائلة نتنياهو والمقربون منه يعملون في المعركة من اجله. كل من يخضعون له يوظفون (التنافس فيما بينهم) في جبهة نتنياهو ضد دولة اسرائيل. فكرة تسوية تضارب المصالح التي ستحل قضية ولايته في الوقت الذي هو متهم فيه بمخالفات جنائية، ليست إلا نكتة سيئة وسبب للبكاء. التعامل مع القانون تعرض للازدراء العميق. حيث أنهم الآن لا يترددون في استخدام القانون كخرقة بالية. عندما توجد مشكلة لدى أي من “رجاله” مع القانون الحالي، على الفور يتم طرح مبادرة لملاءمة القانون مع الاحتياجات الفورية، وتحليل أي اثم، حتى بثمن تعريض الامن للخطر. لم يعد هناك مشرعون ليخدموا ما هو جدير بالمجتمع، بل من اجل توفير احتياجات شخصية أو احتياجات مجموعات، ولتذهب المساواة امام القانون الى الجحيم.

محاكمة نتنياهو تجتاز الآن مرحلة، وربما لن يكون بالامكان اصلاح ما تم تشويهه. الى حين تقديم لائحة الاتهام بدأ هذا الملف يلفظ الانفاس. الاسلوب المستخذي والخانع للمتهم والدفاع، الذي تمت ادارة المحاكمة به حتى الآن، هو نموذج للكيفية التي لا يجب بها ادارة قضية. هذه حالة متطرفة تعلمنا عن ضعف عام لمنظومة القانون – اطالة الاجراءات فيها. من اللحظة التي لم يشمل فيها الوزير ياريف لفين هذا الموضوع في “الاصلاح القضائي” كان واضح للجميع بأن الاصلاح لم يأت للتحسين، بل للتدمير. ويل للعيون التي ترى أن: وزير مسؤول عن منظومات حكومية حيوية في الدولة يعمل على تدميرها.

من السائد التفكير بأن المشكلات الحقيقية لنتنياهو في الوقت الذي سيقدم فيه شهادته، ستبدأ عندما سيكون عليه الاجابة على اسئلة المدعية العامة في التحقيق المضاد. بدون الانتقاص من الصعوبة التي تنتظره في المستقبل، لا ينبغي للمرء تقليل التحديات التي تواجه دفاعه بالفعل في التحقيق الرئيسي: كيف يمكن تجنب الفجوة التي لا يمكن سدها بين مرحلتي التحقيق؟ كيف يمكن اخفاء غطرسة نتنياهو وتعاليه وحقيقة عدم احترامه للمحكمة؟ كيف يمكن كبح ميله للكذب، حتى عندما تكون الحقيقة خيار؟.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى