ترجمات عبرية

هآرتس: في ضوء العداء، العنف ومشاعر الثأر، في احتفال الذكرى المشترك يسيرون ضد التيار

هآرتس 29/4/2025، شيرين فلاح صعب ونير حسون: في ضوء العداء، العنف ومشاعر الثأر، في احتفال الذكرى المشترك يسيرون ضد التيار 

دوائر الثكل الاسرائيلية والفلسطينية هي دوائر منفصلة، تقريبا لا تلتقي. كل مجتمع غارق في الألم ويريد أن يسجل حصريا على اسمه، ويتهم المجتمع الآخر بكارثته. في السنة والنصف الاخيرة توسع الدوائر بشكل كبير وانضم اليها عشرات آلاف القتلى الفلسطينيين والاسرائيليين. العداء المتبادل، العنف ومشاعر الثأر، توسعت مع دوائر الثكل وسيطرت على قلوب الجميع – من النهر وحتى البحر.

منظمة منتدى العائلات الثكلى الاسرائيلية – الفلسطينية ومنظمة محاربون من اجل السلام، تحاول السير ضد التيار وتصمم على التقاء الضحايا من الطرفين. مساء اليوم سيعقد اللقاء العشرين لمنتدى محاربون من اجل السلام. مكان الحدث بقي سريا لمنع التنكيل. رغم العنف المتصاعد وربما بسببه فان عشرات الاسرائيليين والفلسطينيين قرروا الانضمام بالذات في هذه السنة الى منتدى العائلات الثكلى. البعض منهم ثكالى جدد، من 7 اكتوبر فصاعدا، ومنهم من فقدوا العشرات من ابناء عائلاتهم في غزة، آباء جنود قتلوا أو عائلات اشخاص قتلوا. آخرون هم ثكالى قدامى، الذين ازاء الواقع الدموي قرروا السير ضد التيار والانضمام الى المنتدى.

ف.، وهي من مواليد غزة وتعيش في الضفة، انضمت لحركة المحاربين من اجل السلام قبل الحرب بسنوات. والدتها أيدت قرارها. وقد قالت لي “هذه هي الطريقة الصحيحة، في هذه الاثناء فقط قلائل يؤمنون بطريق السلام، لكن بعد بضع سنوات سيعرفون أنني محقة”. عند اندلاع الحرب اضطرت والدتها الى ترك بيتها والانتقال الى مخيم مهجرين في مدرسة. في محادثة قالت لي: قولي للاسرائيليين بأن يوقفوا القصف، وأن يطلقوا النار علينا ولينته الامر، لأنه في القصف يصبح الناس اشلاء وجثث ممزقة”، قالت. في تشرين الاول الماضي تحدثت مع والدتها للمرة الاخيرة. “قالت إنها تعبت من الوضع ومن الهجرة وعدم الخصوصية ونقص الغذاء والمياه. بكت كثيرا في هذه المحادثة، الامر الذي اغضبني جدا. هي كانت تتألم نفسيا وعانت بسبب الموت الموجود حولها. وقد قالت لي ببساطة” أريد أن ينتهي ذلك. بعد بضع ساعات اطلقت النار عليها على يد قناص وتوفيت عندما خرجت من محيط المدرسة”.

رغم الالم، وربما بسببه، ف. لم تتوقف عن نشاطها في حركة السلام. “الفلسطينيون والاسرائيليون سيعيشون معا”، قالت واضافت. “لا احد منهم سيختفي. هذا يجب استيعابه وفهم، وتعلم العيش معا. كل ما نطلبه هو حقوقنا كفلسطينيين، وحرية العيش بدون حواجز وخوف. من ناحيتي المحاربون من اجل السلام هو بيتي الثاني، مثل والدي. حضوري مهم، بالتحديد بسبب الحرب.هذه هي منصتي للتحدث عن معاناة الفلسطينيين في غزة. الناس الاعزاء علي، اولاد اخوتي واخواتي، جميعهم في غزة، وأنا اخاف أن يحدث لهم أي شيء. أنا اتحدث واعمل من اجلهم. هذا وضع معقد. والدتي قتلها الاسرائيليون، ومن يقومون بتعزيتي بموتها هم ايضا الاسرائيليون الذين اعتذروا عن ذلك. هذا يظهر أنه ليس الجميع نفس الشيء، وليس الجميع يؤيدون القتل والحرب”.

ليئورا ايالون، من سكان كيبوتس كفار عزة، ثكلت في 7 اكتوبر ابنها طال، قائد سرية الطواريء في الكيبوتس. هي وأبناء عائلتها الآخرين تمكنوا من النجاة بعد 35 ساعة من تواجدهم في الغرفة الآمنة. “أنا كنت ناشطة سلام قبل 7 اكتوبر وما زلت حتى الآن”، قالت. بعد وفاة ابنها انضمت لمنتدى العائلات الثكلى بدون أي تردد، ومنذ ذلك الحين شعرت على جلدها عداء الحكومة للمنتدى.

أنا جئت للتحدث مع طلاب في القدس. في اوساط الجمهور جلس مراقبان من وزارة التعليم وسجلا كل اقوالي، من اجل الاثبات بأننا جمعية مناوئة لاسرائيل. ابني قتل في معركة الدفاع عن كفار عزة، نحن بقينا 35 ساعة في الغرفة الآمنة، وهم يسجلون كل كلمة نقولها كي يثبتوا أنني مناوئة لاسرائيل. شعرت بالملاحقة. الطلاب سألوا وأنا شعرت بأنني أزن اقوالي لأن المراقبين قاما بتسجيل كل كلمة”. قالت ايالون. اثناء خروجها من المحاضرة تقدم منها اعضاء وزارة التعليم وطلبوا رقم بطاقة هويتها. هي رفضت. بعد اسبوع مرة اخرى ظهروا في محاضرتها في مدرسة في تل ابيب.

في السنة الاخيرة عملت وزارة التعليم بكل الطرق لمنع نشاطات المنتدى في المدارس. “المنتدى يناقض الافتراض بأنه لا يوجد مع من نتحدث. هاكم، يوجد مع من نتحدث. وهذا يخيف ويثير صعوبة كبيرة جدا”، قالت ايالون. “كلمة سلام اصبحت غير شرعية في جهاز التعليم. أنا اعترف بأنني استغل امتيازاتي كأم ثكلى كي اقول امور لا يتجرأون على قولها”.

خلود، من سكان جنين، انضمت الى المنتدى قبل ثلاث سنوات، بعد بضعة اشهر على قتل ابنها بنار جنود الجيش الاسرائيلي. “في محيطي تفاجأوا من هذه الخطوة”، قالت. “تم سؤالي لماذا فعلت ذلك، وكيف توجد لي الجرأة. ليس الجميع يوافقون على انضمامي بتفهم. أنا كأم لابن تم قتله فانني ارى أن هذا هو الامر الصحيح الذي يجب فعله. ايضا في المرة الاولى التي التقيت فيها مع اسرائيليين وفلسطينيين تكلمت بصوت عال عن ألمي وقلت: في اسرائيل يوجد للكلب حرية حركة وهو يعيش افضل منا. كان لي اربعة اولاد، الآن لدي اثنان، واحد قتل والآخر معتقل. ولكن رغم كل ذلك فأنا ضد الحرب وضد القتل، وأرى أن الطريق الصحيحة هي الحوار والتفاهم مع الاسرائيليين. لا توجد طريق اخرى”، قالت بصوت مخنوق بالبكاء.

هؤلاء ليسوا ارقام فقط

منذ اطلاقه كان الاحتفال بيوم الذكرى للمنتدى ولمحاربين من اجل السلام يشكل بؤرة تهديد، وحتى لعنف نشطاء اليمين. في يوم الذكرى في 2023، قبل الحرب، وصل الاحتفال الى الذروة، 15 ألف شخص شاركوا فيه، واعتبر في حينه تعبير آخر عن الاحتجاج ضد الحكومة. في هذا الاحتفال شارك ايضا 200 فلسطيني، الذين جاءوا اليه فقط بعد أن اجبرت المحكمة العليا الدولة على السماح بدخولهم الى اسرائيل. ومنذ ذلك الحين التهمت الحرب الاوراق، وعاد المجتمعان للتقوقع في الألم والغضب. في السنة الماضية، بعد الحرب، جرى الاحتفال بدون مشاركين فلسطينيين لأنه لم يسمح بدخولهم الى اسرائيل، وقد تم تصويره مسبقا خوفا من التنكيل بالمشاركين. في هذه السنة سيعود الاحتفال الى صيغته المباشرة الحية، لكن المنظمين قرروا عدم نشر مكانه لمنع نشطاء اليمين من ازعاج المشاركين. ايضا سيقام احتفال في نفس الوقت في بيت جالا في الضفة الغربية من اجل المشاركين الفلسطينيين، وسيتم بثه ببث حي في عشرات المواقع في البلاد.     

سيشارك في الاحتفال طارق (29 سنة) من أريحا، وهو ناشط في محاربين من اجل السلام، الذي عمته وعائلتها يعيشون في قطاع غزة. “دائما تألمت لأنهم يتعاملون مع القتلى في غزة كارقام فقط. وكانت لدي اسئلة كثيرة مثل من الذي يقوم بتأبينهم؟ هل هناك ما يكفي من الاماكن لدفنهم جميعا؟ كيف يمكن مواصلة القتل بدون أن يقول أي أحد شيء؟”، قال طارق. “عمتي وعائلتها الموسعة، الاولاد، البنات والاحفاد، يعيشون في نفس البيت. وقد قالوا بأنهم يفضلون أن يكونوا معا، بسبب أنه حتى لو تم قصف المنطقة التي يوجدون فيها فهم سيموتون معا كي لا يعيشوا ألم الفقدان. من يبقى على قيد الحياة الامر سيكون صعب جدا عليه، لأنه طوال حياته سيبقى يعاني من الموت. هذا هو الحل لديهم”.

في الطرفين توجد معارضة لمقارنة الثكل، لأنهم غير مستعدين للاعتراف بالفقدان في الطرف الآخر”، قالت المديرة العامة للمنتدى اييلت هرئيل، التي شقيقها يوفال قتل في حرب لبنان الاولى وتم تخليده بقصيدة “حلف الدم” التي تناولت موته وموت يوفال هرئيل الذي مات بعده بيومين. “المعارضة الاخرى هي سؤال لماذا نحن نفعل ذلك في يوم الذكرى الرسمي في اسرائيل. نحن نعتقد أن هذا اليوم هو اليوم الذي يجب فيه العمل على وقف الدائرة الدموية، وأن اقوالنا ستكون مهمة في هذا اليوم”.

بالذات في هذه السنة القاسية، حيث تثقل الحرب وسفك الدماء على حياتنا، يتعزز الادراك الى أي درجة مهم أن نواصل”، قالت استر كورني، المديرة العامة لمحاربين من اجل السلام. “في اللحظة التي يسهل فيها الانجرار الى اليأس والكراهية، نحن اخترنا التصديق”.

يجب الاستماع للطرف الآخر

أنا انضممت لأنه لا توجد حاجة للقتل أو الحروب. نحن نقتل ونُقتل منذ العام 1948. وقد حان الوقت للتوقف”، قال م. وهو احد سكان بيت لحم، الذي فقد في احداث غزة 20 شخص من ابناء عائلتها. وبعد موتهم انضم لمنتدى العائلات الثكلى. “لقد قتلوا في جباليا، البيت تم تدميره، وانتقلوا الى النصيرات ولكن الحياة هناك صعبة جدا، لا يوجد غذاء ولا مياه ولا كهرباء. لي ابن عم قتل هو واولاده الثلاثة”.

خلود قالت بأنها دفنت ابنها قرب بيتها. أنا أفتح النافذة واشاهد قبر ابني. يوجد لي اولاد آخرين، لذلك يجب الاستمرار من اجلهم”، قالت وهي تبكي. “انضمامي للمنتدى يساعدني على مواجهة الألم. أنا أنتظر اللقاء كي يسمع الطرف الآخر، الاسرائيلي، ما الذي نمر به. في اللقاء الاخير انضم لي ابني الصغير (16 سنة). منذ قتل شقيقه هو في حالة اكتئاب، غاضب ولا يخرج من البيت. أنا اتألم من رؤيته هكذا. العلاقة بينه وبين شقيقه كانت خاصة جدا. مهم لي أن يفتح قلبه ويتحدث عن ألمه الشخصي امام الجميع، وأن يرى أنه في الطرف الاسرائيلي هناك اشخاص يعارضون القتل والظروف التي نعيش فيها”.

 

 

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى