ترجمات عبرية

هآرتس: في خضم الحرب، موشيه يعلون نجح في اسماع صوت عقلاني يجب الاستماع اليه

هآرتس 2/12/2024، شيرين فلاح صعب: في خضم الحرب، موشيه يعلون نجح في اسماع صوت عقلاني يجب الاستماع اليه

موشيه (بوغي) يعلون، وزير الدفاع ورئيس الاركان السابق قال في مقابلة مع يوسي اهريش في “السبت الثقافي” في تلفزيون “ديمقراط وميناء يافا”، “هم يجرونا الى تطهير عرقي في القطاع”. وحسب قوله فانهم “يجرونا الى الاحتلال والضم والتطهير العرقي. انظروا الى شمال القطاع، ترانسفير، اطلقوا على ذلك ما تريدون. الاستيطان واقامة مستوطنات يهودية هو الموضوع… لا يوجد بيت لاهيا أو بيت حانون، هم يعملون الآن في جباليا. في الحقيقة هم يطهرون المنطقة من العرب”.

يعلون لا يقول أي شيء جديد لمن يتابع التقارير من قطاع غزة. العمليات العسكرية الكثيفة في الاشهر الاخيرة، مثلما تمت تغطيتها في “هآرتس”، تشرح عملية التطهير المنهجية التي جرت بمساعدة القتل، التجويع وطرد السكان المدنيين الذين بقوا في شمال القطاع.

لو أن يعلون كان عضوا عربيا سابقا في الكنيست أو مطربة أو ممثلة عربية، فبالتأكيد كنا سنسمع ادانة لاقواله من كل الطيف السياسي، اليسار واليمين. في الشبكات الاجتماعية كانوا سيكتبون “كيف يتجرأون على القول بأنه يحدث في غزة تطهير عرقي؟”. وكانوا سيقومون بنفي هذه الاقوال. “هذه هراءات وكلام فارغ. هؤلاء الوقحون يجب أن يقولوا شكرا لأنهم يعيشون في اسرائيل”، هكذا كان سيغرد العنصري المناوب.

لكن يعلون ليس عربيا أو يساريا، وهو لا يمثل أي تنظيم يساري. هو جزء لا يتجزأ من التيار العام في اسرائيل الذي يتحرك نحو اليمين كل يوم. وقد خدم في منصب رفيع في المشروع العسكري. هو يقول هذه الاقوال لأنه يرى ويعرف الى أين تقود حكومة الدمار دولة اسرائيل، برعاية ماكنة سم غنية وملاحقة سياسية لكل مواطن يتجرأ على رفع صوته وقول شيئا مختلفا. لو أن منصور عباس قال “إنهم يقومون بتطهير المنطقة من العرب، وأن هذا ترانسفير وتطهير عرقي”، لكنا على الفور سنجد اسرائيليين يسمونه “مؤيد للارهاب”.

يوجد ليعلون اكثر من امتياز لقول الحقيقة حول ما يحدث في القطاع، وأخيرا هو استخدم هذا الامتياز. بعد العاصفة التي اثارها يعلون بسبب تعبير “التطهير العرقي”.  وقد قال في مقابلة مع آريه غولان في “هنا شبكة ب”، في هيئة البث: “أنا أتمسك بهذا التعبير. أنا أتحدث باسم قادة يعملون في شمال القطاع، الذين توجهوا لي وهم يخافون مما يحدث هناك. يعرضون حياتهم للخطر ويضعونهم في معضلة اخلاقية، وفي نهاية المطاف هؤلاء سيكونون مكشوفين امام دعاوى في المحكمة الدولية في لاهاي. أنا فقط قمت بوضع مرآة. سموتريتش يتفاخر بأنه توجد امامنا فرصة للتخلص من نصف مليون شخص من السكان. ماذا يسمى ذلك؟”. وقال ايضا “يجب علي التحذير مما يحدث هنا وما يقومون باخفائه عنا. في نهاية المطاف هم يرتكبون هنا جرائم حرب”.

بالتأكيد هنا سيقف المعارض الأبدي ويقول “حماس هي التي بدأت” أو “ليقوموا باعادة المخطوفين” أو “نحن فقدنا التعاطف مع الغزيين”. لا تنقص الحجج للاستماع الى يعلون أو معارضته. في الحقيقة حماس بدأت هجوم فظيع ووحشي في غلاف غزة، ولكن بعد 400 يوم واكثر التي فيها الوضع الانساني في القطاع يتفاقم كل يوم والسكان المدنيون في القطاع يعانون والمخطوفون يموتون في الأسر، بعد كل ذلك فقد حان الوقت للاستماع الى الاسرائيلي الاخير الذي هو مستعد لقول الحقيقة بشكل علني.

رغم أن يعلون يتمسك برؤية عسكرية، ومعظم قلقه هو من المحاكمة الدولية وليس معاناة سكان غزة اليومية، إلا أنه ينجح في وضع مرآة واثارة نقاش عام. لو أنه كان عشرة اشخاص مثل موشيه يعلون، لديهم الشجاعة الكافية للصراخ والقول مرة تلو الاخرى الامور التي لا تتجرأ وسائل الاعلام الاسرائيلية الجبانة على قوله لجمهور المشاهدين، لكان الوضع سيكون مختلفا، وربما كنا وقعنا على الصفقة.

بعد مرور خمسين سنة المؤرخون سيحققون في هذه الجرائم، وسيحاولون العثور وفهم ما حدث وسيذكرون اقوال يعلون. بالتأكيد هم سيقتبسونه وسيقولون بأنه حذر ورأى. الغفوة الاخلاقية التي يعيش فيها الاسرائيليون غير معقولة، ومن خلالها نجح يعلون في اسماع صوت عقلاني بين آلاف اصوات الانتقام التي تنفي حدوث تطهير عرقي في غزة. يجب الاستماع اليه.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى