ترجمات عبرية

هآرتس: في حين تجد كل التيارات صعوبة في التعاون فإن سوريا مازالت تبدو مجرد اعداد لدولة

 هآرتس – تسفي برئيل – 12/8/2025 في حين تجد كل التيارات صعوبة في التعاون فإن سوريا مازالت تبدو مجرد اعداد لدولة

تقريبا مر ثمانية شهور منذ اسقطت قوات احمد الشرع نظام بشار الاسد وسوريا ماتزال تجد صعوبة في الوقوف على ارجلها. في الواقع يجلس في دمشق زعيم يوجد له حكومة، واموال عديدة بدأت بالتدفق الى خزينة الدولة – وبالاساس من السعودية وقطر وتركيا – وفي شهر اذار صيغ دستور مؤقت، والرئيس زار دول عديدة، الولايات المتحدة رفعت معظم العقوبات الاقتصادية وترامب الغى الجائزة التي وضعت لرأس الشرع عندما كان يعتبر ارهابيا كبيرا، وحتى ان اطارا اوليا لجيش وطني بدأ بالتبلور.

ولكن هذا نظام يسيطر فقط على 60 الى 70% من اراضي الدولة، وعشرات المليشيات المسلحة لم تنضم بعد الى الجيش، وحدود الدولة تنتظر الترسيم النهائي والمتفق عليه وقوات اجنبية “تتواجد” في الدولة سواء باعتبارها محتلة مثل تركيا واسرائيل او كـ “ضيوف” مثل قوات الولايات المتحدة وروسيا. ثلاثة اقليات كبيرة، الاكراد والدروز والعلويون، يهددون بتمزيق الدولة الى كنتونات من الحكم الذاتي، علاوة على ذلك النظام يتعين عليه محاربة عصابات ومليشيات مثل وحدات لداعش والتي في الاونة الاخيرة زادت نشاطاتها.

النتيجة هي ان سوريا تشبه اليوم مخزن لقطع غيار والتي ربما يمكن ان تشكل منها دولة، ولكن في الطريق فقد الدليل لتركيب الاجزاء. المشكلة هي انه حتى الان لا يوجد بديل قيادي للشرع، ومؤيدوه، زعماء الدول العربية والغربية يتعين عليهم مواصلة تعزيز مبنى السقالات التي يستند اليها حكمه ويأملون بان يستطيع استكمال هذه المهمة.

الجهد الاساسي الان مكرس لمعالجة قوات الطرد المركزي التي تعنل داخل الدولة. بعد المذبحة في شهر اذار التي وقعت في ابناء الاقلية العلوية والتي حسب بعض التقديرات قتل فيها 1500-1700 شخص، يبدو ان النظام نجح في تهدئة محافظة اللاذقية، والذي يتركز فيها معظم العلويين والجهات التي تعتبر ” بقايا نظام الاسد”. بيد انه بعد ذلك اندلعت احداث السويداء، وكانت تأثيراتها اوسع من الاطار الجغرافي الذذي وقعت فيه. وقف النار، والذي دخل الى حيز التنفيذ بعد المواجهات القاتلة – والذي قتل فيها ايضا حوالي 1500 شخص، حسب مركز متابعة حقوق الانسان في سوريا والذي مقره لندن – لم ينجح في وقف القتال تماما.

السويداء تخضع لحصار مشدد، حسب ما يقول الدروز فإن النظام هو الذي يفرضه في حين ان النظام نفسه يدعي بأن قوات محلية بالتحديد، عصابات وقبائل هي التي تمنع انتقال قوافل المساعدة. حسب تقديرات الامم المتحدة فإن حوالي 200 الف شخص هربوا من السويداء سواء لمدن مجاورة مثل درعا والى باقي بلدات مجاورة او حتى الى دمشق. نشطاء منظمات اغاثة محلية ودولية يقولون بأنه في الطرق التي تقود من دمشق الى السويداء فإن قوات محلية تسيطر على الحواجز. احيانا هم يسمحون بمرور بضائع واحيانا يمنعونها حسب ما يرونه مناسبا. المافيات لا تعمل، الوقود يدخل بالقطارة، والبنى التحتية للماء والكهرباء مدمرة، ورفوف المستشفيات والعيادات فارغة من الادوية والمدينة تقف على شفا افلاس.

حسب اتفاق وقف اطلاق النار فإن قوات النظام هي التي من شأنها ان تضمن مرور البضائع والامن في المحاور الرئيسية. في حين انه في داخل المدينة نفسها قوات مسلحة درزية، برعاية نظرية للنظام هي المسؤوولة عن امن المدينة. بيد انه حتى في داخل المنظومة الدرزية، السياسية والعسكرية والدينية يوجد انقسامات عميقة. حتى الان هذه الانقسامات لم تسمح باجراء مفاوضات، وناهيك عن التوصل الى اتفاق حول خطة عمل تكون متفق عليها من قبل الجميع.

حتى الاسبوع الماشي كان يبدو ان النظام يمكنه الاستناد الى دعم اثنين من الزعماء الروحيين الثلاثة للطائفة، الشيخ يوسفف الجربوع والشيخ حمود الحناوي، واللذين عبروا عن الخط الذي يؤيد وحدة سوريا واجراء مفاوضات مع النظام حول مكانة وحقوق الدروز. هذا مقابل موقف الشيخ حكمت الهاجري، والذي طلب مساعدة قوات دولية ومن بينها اسرائيل (على الرغم من انه في الماضي اعتبرها عدواً)، ويرى في نظام الشرع عدواًيتطلع الى تدمير الطائفة. بيد انه في نهاية الاسبوع بدا وكأن الزعيمين الاخرين انضما الى موقف الهاجري، وصرح الحناوي بصورة شدديدة غير مسبوقة ضد القبائل البدوية واعتبرها من نتائج النظام – والتي مس بثقة الدروز وغرس سكينا في ظهرهم و “يلوح بسيف على رقبة الابرياء”.

نقطة الانعطاف كما يبدو تطورت في اعقاب اجتماع عقد يوم الجمعة الماضي في مدينة الحسكة الواقعه شمال شرق سوريا – والتي تسيطر عليها القوات الكردية. هذا اللقاء نظم من قبل الحكم الذاتي الكردي، وشارك فيه حوالي 400 مندوب للطوائف الدرزية، والكردية والعلويين والمسيحيين وخطب فيه الشيخ الهاجري. المشاركون طالبوا بوضع تعديلات في الدستور المؤقت بصورة تضمن فيها حياة وحقوق الاقليات. ولكن الهدف الاساسي للقاء مثلما كتب في البيان الاجمالي هو المطالبة بتأسيس نظام “لا مركزي” في الدولة – وهو مفهوم معناه اقامة حكم ذاتي قانوني طائفي، وليس واضحا تماما كيف ستخضع هذه الحكومات الذاتية للنظام في دمشق.

في نظر النظام يعتبر هذا اللقاء كغرس سكين في ظهر الاتفاق مزع الاكراد بالتحديد عندما خطط الاطراف لاجراء جولة اخرى من المحادثات هذا الاسبوع في باريس برعاية فرنسا والولايات المتحدة. رداً على ذلك الغى النظام نيته في المشاركة في المحادثات وفعليا هذه المحادثات عالقة ومجمدة، تلك المفاوضات التي كانت تجري حول مكانة الاقلية الكردية في الدولة. في غضون ذلك انتشرت تقارير لم يتم تأكيدها حول استعدادات لجيش سوريا لمواجهة مع القوات الكردية.

بدلا من هذا اللقاء من المتوقع ان ييعقد اليوم لفي الاردن قمة ثلاثية بمشاركة وزير الخاردية السوري اسعد الشيباني، والمبعوث الخاص الامريكي توم باركر ووزير خارجية الاردن ايمن الصفدي من اجل مناقشة “الطرق والوسائل لاعادة اعمار سوريا”. يجب ان لا نحبس الانفاس قبيل هذا اللقاء والذي لم يخصص لاختراع حلول لقضية الاكراد او الدروز ولكن التعاون بين الدروز والاكراد يوسع ساحة النزاع بين النظام وبين الاقليات المسلحة الرئيسية ويعزز الحاحية الحسم بشأن تعريف الدولة في سوريا. اي هل ستكون دولة موحدة مثلما تتطلع الولايات المتحدة وتركيا او مقسمة – وهو نية وطموح الذي يتهم بها النظام اسرائيل.

في الواقع الولايات المتحدة تمارس ضغطا مكثفا على الاكراد للتوصل الى اتفاق مع النظام، وحتى الان بدون نتائج باهرة؛ ولا يوجد لتركيا ادوات ضغط على الدروز، وبخصوص الاكراد هي تحاول استغلال عملية المصالحة التي بدأت مع حزب العمال الكردي (PKK) من اجل اقناع ايضا الاكراد الموجودين في سوريا بالقاء سلاحهم والانضمتم ااجيش السوري. ومثل الولايات المتحدة ايضا انقرة وجدت نفسها في طريق مسدود. اسرائيل تعتبر العامل الذي بامكانه التأثير على الدروز، ومن اجل ذلك حاول الشرع تجنيد روسيا من اجل ان تقنع هذه اسرائيل بأن تسمح للدروز وتشجعهم على دعم النظام. وحتى ان هذا الموضوع طرح في محادثة بوتين مع رئيس حكومة اسرائيل نتنياهو في نهاية الشهر الماضي. في هذه المحادثة اكد الرئيس الروسي بلغة شبه تهديدية على الحاجة “للمحافظة على وحدة سوريا”، ضد دعم اسرائيل للالقلية الدرزية.

اسرائيل سمعت ولكنها لم تتأثر بشكل خاص. في نفس الوقت روسيا نفسها توطد علاقاتها مع القوات الكردية في شمال سوريا، ونقلت معدات وطائرات من قاعدتها في حميميم الى المطار الموجود في مدينة القامشلي في الاقليم الكردي. الى جانب ذلك هي رسخت منظومة علاقاتها الوطيدة مع قيادة الاقلية العلوية في محافظة اللاذقية. اذا بدا في البداية ان موسكو ابعدت من منظومة اتخاذ القرارات في سوريا بعد اسقاط نظام الاسد فإن لقاء وزير الخارجية السوري مع بوتين ومع وزير خارجية روسيا لافروف في الشهر الماضي، وللمرة الاولى منذ سقوط نظام الاسد، يمكنه ان يدلل على ان روسيا عادت لتسير نحو مسار التأثير في دمشق – وهذه المرة بواسطة ادوات نفوذها وعلاقاتها مع الاكراد ومع العلويين. كل هذا في الوقت الذي مازالت فيه روسيا تستضيف بشار الاسد وعائلته وكذلك الاف الضباط السوريين اللذين هربوا اليها بعد الانقلاب.

في هذا الوقت النتيجة هي ان الشرع يجد نفسه سجيناً داخل مصفوفة ضغوط وتأثيرات تحدد حدود ساحة التنافس الدولي في سوريا مما يضيق عليه هامش المناورة. هذه ساحة لعب ميسرة لجميع المشاركين في المنافسة باستثناء الحكومة السورية نفسها ومواطنيها. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى